رياضة
بطولة أمم أوروبا لِكرة القدم

فاكهة صيفية شهيّة.. لكن مُخصَّبة بِأسمدة سياسية ومُعدَّلة جينيّا

علي بهلولي
  • 3209
  • 0
ح.م
ملكة بريطانيا الرّاحلة إليزابيث الثانية ولاعبو منتخب ألمانيا، قبيل انطلاق نهائي "أورو" إنجلترا 1996، ضدّ الفريق التشيكي.

تنطلق مساء هذا الجمعة بِالعاصمة الألمانية برلين تظاهرة بطولة أمم أوروبا لِكرة القدم، في نسختها الـ 17.

ولا يُبالغ نقّاد كرة القدم لمّا يقولون إن منافسة “الأورو” لا ينقصها سوى منتخبَي البرازيل والأرجنتين، لِتتحوّل إلى كأس العالم!

منذ أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها ذات سبتمبر من عام 1945، وساسة أوروبا يشتهون تأدية دور عربة يجرّها حصان “راعي البقر” الأمريكي “جون واين” في براري تكساس. والدليل…

“اغتيال” الكرة اليوغسلافية

عشية انطلاق بطولة أمم أوروبا في طبعتها التاسعة بِالسويد في جوان 1992، أصدر الاتحاد الأوروبي لِكرة القدم قرارا مُفاجئا، يقضي بِإقصاء منتخب يوغسلافيا، وتعوضيه بِثاني ترتيب الفوج فريق الدانمارك.

وفجأة، جعلوا “الفايكينغ” يُمارسون الإبهار، ويسحرون أعين الجماهير، ويُحرزون الكأس القاريّة، مُفتكّين إيّاها من مخالب “الغول” الألماني بطل العالم 1990!

كانت يوغسلافيا جزءًا من المعسكر الشرقي “المُشَيْطَنِ” من قبل الغرب في تلك الفترة، ولذلك وجب تحييد منتخبها الكروي بِحُجّة الحرب الأهلية الدّائرة رحاها في هذا البلد.

أمرٌ ثانٍ، فحواه أن منتخب يوغسلافيا كان يضمّ في صفوفه لاعبين عالميين، ومُرشّحا بِقوّة لِإحراز الكأس الأوروبية أمثال: ديان سافيتشيفيتش (مُسجّل أحد أهداف نهائي رابطة الأبطال 1994)، ومحمد بازداريفيتش، وفاروق خادزيبيغيتش (مدرب مولودية الجزائر في السنوات القليلة الماضية)، وبريدراغ مياتوفيتش (مُسجّل الهدف الوحيد لِنهائي رابطة الأبطال 1998)، وسريتشكو كاتانيتش (واجه “الخضر” ودّيا: عام 2010 مدرّبا للإمارات، وعام 2013 مدرّبا لسلوفينيا)، وروبيرت يارني، وصفوت سوشيتش، وداركو بانتشيف، وغيرهم. وتُلاحظون أن أسماء مثل محمد وفاروق وصفوت وخليل (البوسني وحيد خليلوزيتش) و… هي من تأثير الحضارة الإسلامية في البحر المتوسط ومنطقة البلقان، وفي العهد العثماني تحديدا.

وهناك سببٌ آخر، وهو تخوّف الأوروبيين الغربيين من تكرار منتخب يوغسلافيا لِسيناريو منتخب الإتحاد السوفياتي لمّا بلغ نهائي “أورو” صيف 1988، وأحرز ذهبية الأولمبياد بِكوريا الجنوبية خريف 1988. فضلا عن تتويج أواسط يوغسلافيا بِكأس العالم لِهذه الفئة عام 1987 بِالشيلي، وأيضا نيل نادي النجم الأحمر لِبلغراد (يوغسلافيا آنذاك/ صربيا حاليا) لِكأس رابطة أبطال أوروبا عام 1991.

وبِعبارة أُخرى، فإن أيّ انتصار للكرة اليوغسلافية سيخدم المعسكر الشرقي، ولذلك وجب المسارعة إلى دقّ آخر مسمار في نعشه. ولِمَن لا يعرف الكرة اليوغسلافية – وقد فاته خير كثير! – فهي زبدة الإبداع الأمريكي- اللاتيني والصّرامة الألمانية والتكتيك الإيطالي.

حقد دفين تُجاه الدّولة العثمانية

أبهر منتخب تركيا نقّاد وجماهير تظاهرة كأس العالم 2002 بِكوريا الجنوبية واليابان (تنظيم مشترك)، لمّا بلغ نصف النهائي وحاز الرتبة الثالثة في إنجاز تاريخي. وسجّل لاعبه الفذّ المهاجم هاكان شوكور – المُلقّب بـ “ثور البوسفور” – أسرع هدف في تاريخ المونديال، بِتوقيت 11 ثانية فقط بعد انطلاق المباراة الترتيبية ضدّ كوريا الجنوبية (الفيديو).

وفجأة وبعد سنتَين من ذلك، وفي صيف 2004 بِالبرتغال، فتن الاتحادُ الأوروبي لكرة القدم عشّاقَ المنافسة بـ “جلبه” لِمنتخب يوناني مغمور، كان يُمنّي النّفس بِتحقيق أوّل فوز في مسابقة دولية كبيرة، فإذا به ينتصر على مُستضيف البطولة في مباراة الافتتاح وأيضا مواجهة إسدال الستار، ويُبعد منتخب فرنسا بزيدان وتييري هنري وتريزيغي في ربع النهائي، والفريق التشيكي بِبافل نيدفيد وكاريل بوبورسكي ويان كولر وتوماش روسيستكي وميلان باروش في نصف النهائي، ويخطف الكأس القارّية!

ومعلوم أن اليونان تُذكّر الغربَ بِماضي الإغريق الذي يُمجدّونه، عكس تركيا التي يُؤرّقهم تاريخها العثماني ما بين القرنَين الـ 16 والـ 20م.

“بائعة هوى” صهيونية ركلها العرب واحتضنها الغرب

بعد أن لفظها العربُ (لمّا كان العربُ عربًا)، وطردوها من الاتحاد الآسيوي لِكرة القدم، وبقيت مثل “بائعة هوى” بلا مأوى، تقضي لياليها في الملاهي مع السّفلة والأوغاد والصّعاليك و…رمى الاتحاد الأوروبي لِكرة القدم طوق النّجاة للكرة الصّهيونية عام 1994.

وبعدها، صار منتخب الكيان الصّهيوني يُشارك في تصفيات بطولة أمم أوروبا، لكنه يكتفي بِخوض السّباق دون بلوغ النهائيات. وبلا أدنى شكّ فإن فكرة رفع عدد المنتخبات إلى 24 فريقا وطنيا انطلاقا من نسخة فرنسا 2016، يستهدف أصحابها إلى إيصال الصّهاينة إلى ساحة النهائيات عاجلا أو آجلا. وبِالمُناسبة، فإن المنتخب الصّهيوني لِفئة أقلّ من 23 سنة سيُشارك في مسابقة كرة القدم للألعاب الأولمبية التي تحتضنها العاصمة الفرنسية باريس، ما بين الـ 26 من جويلية والـ 11 من أوت المقبلَين.

تسمين أوكرانيا نكاية في “الدبّ” الرّوسي

يُشارك منتخب أوكرانيا في بطولة أمم أوروبا التي تنطلق هذا الجمعة بِألمانيا، حيث أوقعته القرعة في فوج يضمّ فرق بلجيكا ورومانيا وسلوفاكيا.

واللافت أن الاتحاد الأوروبي لِكرة القدم لم يلجأ هذه المرّة إلى معاقبة منتخب أوكرانيا بِالإيقاف، تحت ذريعة الحرب (مع روسيا)، مثلما فعل مع يوغسلافيا عام 1992. واكتفى بِتشغيل آلة العقاب ضدّ منتخب روسيا وذلك منذ أواخر سنة 2021!

كما سيُشارك منتخب أوكرانيا لِكرة القدم صنف أقلّ من 23 سنة في أولمبياد فرنسا، بداية من أواخر جويلية المقبل. فهل بقيت الرّياضة مُجرّد تنافس بدنيٍّ وذهنيٍّ بين شعوب المعمورة؟

مقالات ذات صلة