الرأي

فاشلون بامتياز!

قادة بن عمار
  • 6323
  • 9

مع استمرار منافسات أولمبياد لندن، سكت الجميع عن طرح واجترار تلك الأسئلة الغبية بخصوص خطر التطبيع مع إسرائيل، وضرورة مقاطعة الألعاب إذا ما واجه لاعب فحل من وفدنا العظيم، أحد الصهاينة المحتلين، كما فرّ الجميع من مواجهة الخيبة الماثلة للعيان، وباتوا فجأة بلا ألسنة وبلا عقول، مع فقدانهم القدرة على التحليل الرياضي والسياسي معا، خصوصا بعدما أصبحنا مهددين ومرغمين على مجاورة الكيان الصهيوني في ذيل الترتيب!

الواقع أن المصيبة إذا عمّت خفيت، وحال العرب في الاولمبياد لا يختلف عن حالهم المزري في الراهن السياسي والاقتصادي، بل هو أبشع وأمّر، حيث لم تكتب عنهم الصحافة هناك سطرا واحدا للتعليق على فوزهم بالميداليات أو تتويجهم بالكؤوس، لكنها كتبت عن تورط جزائريين في السرقة، وقيام مصريين بحرق جناحهم بسبب استعمالهم المفرط للشيشة، وكذا هروب رئيس الوفد المغربي من الملاحقة بسبب تورطه في اغتيال المعارض المهدي بن بركة!!

لا أحد من العرب، ما عدا قطر، مرة أخرى، احتفلت بالميدالية اليتيمة التي حصلت عليها، فأقامت الأفراح والليالي الملاح وكأنها حررت القدس أو رفعت الحصار عن غزة، أو حتى أسقطت الأسد، وهذه الأمنية الأخيرة تبدو أشد وأقرب لقلوب الأمراء الخليجيين في الوقت الراهن من تلك الأمنيات الأولى التي جعلوها في نظر جيلنا.. شبه مستحيلة!

فكرة التحذير من مواجهة الجزائريين للصهاينة في الأولمبياد، تشبه تماما حال معظم العرب في الوقت الراهن، والذين أهملوا الصراعات الحقيقية والمشاكل الواقعية وراحوا يخوضون في التافه منها، بحماسة شديدة، فبتنا نشاهد منذ بداية رمضان، التفافا عربيا وإسلاميا كبيرا حول مسلسل عمر بن الخطاب، حيث لا يتوقف من يشاهده عن سبّ الكفار وشتمهم، ونصرة المسلمين في الغزوات التي نعرف جميعا نتيجتها قبل قرون، فيما يقطّع المسلمون ويُذبحون في بورما ويُمنعون من الصوم في الصين، ويموتون بالمئات يوميا في سوريا، ويقتل الجوع منهم الآلاف في اليمن والصومال، كما يعانون من الظلم والقهر والعدوان في بقية البلدان!

بنفس المنطق، اعتقد الجزائريون أن الأولوية في الأولمبياد تتمثل في مقاطعة أي مواجهة مع لاعب صهيوني، رغم أنه خلاف أساسه الفراغ، فلا يوجد جزائري يفعل العكس إلا إذا كان من أتباع فرحات مهني، وهؤلاء قلة لا ينتمون لجزائر بن باديس والأمير عبد القادر والعربي بن مهيدي أصلا، ولا داع هنا لإضاعة الوقت والحبر في الحديث عنهم!

السعودية التي أنتجت مسلسل “عمر” لإلهاء المسلمين عن المواجهات الواقعية الحالية، أنتجت أيضا جدالا تافها عن لاعبة محجبة تردد منعها قبل المشاركة في الأولمبياد ضمن رياضة الجيدو، وبعد انتهاء المعركة، وفوز السعودية بالموافقة، خرجت المصارعة المحجبة من مباراتها الأولى تجر أذيال الفشل والخيبة بعد 82 ثانية فقط من دخولها غمار المنافسة! بمعنى أننا أهدرنا وقتا طويلا، وجهدا كبيرا، وصراعا في الكواليس، كان يمكن توفيره لقضايا أهم وأنفع للمسلمين، من ضمان مشاركة لاعبة سعودية في رياضة الجيدو وبالحجاب.. يا له من انجاز عربي وإسلامي كبير!

مقالات ذات صلة