الرأي

عُضّ‮ ‬واهرب‮!‬

قادة بن عمار
  • 4395
  • 3

أحيانا أتصوّر أن كل مواطن فينا بحاجة الى عضّة برلمانية كتلك التي منحها نائب لإحدى الموظفات، في ولاية داخلية، حتى نصحو جميعا من حالة السبات السياسي التي نعيشها في البلاد وتكاد تقضي علينا كليا دون أن نعلم!!

صحيح أن نواب البرلمان لا يمارسون مهمة العض إلا ضد لحوم المواطنين، رافعين شعار “عضّ واهرب” ناهيك عن عضّهم بالنواجذ على الزيادة في منحهم ورواتبهم، لكن تلك العضة الحيوية من شأنها أن توقظ بعض النائمين الذين يريدون من الشعب التعود على غياب القاضي الأول في البلاد، ولا زالوا حتى كتابة هذه الأسطر لا يردون على الإشاعات التي تملأ البلد إلا بمزيد من البيانات الرسمية التي لا يصدقها حتى من يكتبها، وبعض الخزعبلات الإعلامية كالحوار الذي أجراه أحدهم مع مجهول ووضعه في الصفحة الأولى قائلا إن الرئيس عائد لوطنه ومنصبه “شنانة في‮ ‬الحساد‮”!!‬

 

الانشغال بمرض الرئيس دفع أيضا الرأي العام إلى نسيان قضايا الفساد التي كانت تملأ الصفحات الأولى للجرائد حتى وقت قريب، حيث سكت الجميع فجأة ودون ترتيبات مسبقة، عن الكلام المباح وغير المباح، حتى صدّق وزير الطاقة نفسه، وخرج على الملإ ليقول دون خجل: سوناطراك شركة‮ ‬وطنية‮ ‬نظيفة،‮ ‬والذين‮ ‬يعملون‮ ‬في‮ ‬مجال‮ ‬المحروقات‮ ‬ليسوا‮ ‬فاسدين‮!!‬

ويضاف هذا التصريح الغريب إلى تصريحات أخرى أطلقها وزير العدل حين قال للصحفيين بأن يتوقعوا مفاجآت كبيرة في نتائج التحقيقات التي طالت المتورطين في فضائح سوناطراك، وحتى هذه اللحظة لم نشاهد من تلك المفاجآت الغريبة والعظيمة سوى دخول بعض الرؤوس الكبيرة إلى قاضي التحقيق‮ ‬محمّلة‮ ‬بكثير‮ ‬من‮ ‬التهم‮ ‬التي‮ ‬وجهها‮ ‬الإعلام‮ ‬لتخرج‮ ‬بمزيد‮ ‬من‮ ‬المصداقية‮ ‬وتبرئة‮ ‬الذمة‮ ‬والنظافة‮ ‬فاقعة‮ ‬البياض‮!!‬

حتى‮ ‬وزير‮ ‬النفط‮ ‬السابق‮ ‬شكيب‮ ‬خليل،‮ ‬خرج‮ ‬ليقول‮ ‬عبر‮ ‬تصريحات‮ ‬سربتها‮ ‬الصحافة‮ ‬عن‮ ‬عائلته‮ ‬بأنه‮ ‬راح‮ ‬ضحية‮ ‬تصفية‮ ‬حسابات‮ ‬بين‮ ‬الزمر‮ ‬الحاكمة‮ ‬ليس‮ ‬إلا‮!!‬

هذه الزمر التي نعرفها ولا نعرفها، هي من فجّرت أكثر من قضية في المدة الأخيرة وفي توقيت يكاد يكون واحدا، مما أخلط الأمور على الرأي العام وجعله تائها، كما أن قضية مرض الرئيس وغيابه عن الساحة لمدة شهر كامل، لن تنتهي بمجرد رفع المعارضة لسقف مطالبها بإجراء انتخابات رئاسية مسبقة، لأن الكل في مثل هذا التوقيت الحرج، لا ينتظر فقط ظهور الرئيس وإنما يستعد للبحث عن رجل إجماع جديد، تلتف حوله الأمة وتصفّق له الجماهير وتزمر له وسائل الإعلام العمومي وما شابهها في القطاع الخاص!!

 

الوضع صعب جدا، والمعارضة الضعيفة جدا لا تكفي لملء الفراغ، كما أن الوجوه التي تعتمد عليها بعض رموز السلطة الفعلية لا يمكنها أن تصمد أمام أبسط اختبار لفترة طويلة، مما يجعل من حالة السبات التي نعيشها، عن قصد أو دونه، مرشحة لاستيقاظ مفاجئ وخطير.. ألم نقل لكم إن‮ ‬الأمر‮ ‬يحتاج‮ ‬إلى‮ ‬عضّة‮ ‬برلمانية‮ ‬‭”‬صحيحة‮”!!‬

مقالات ذات صلة