عَلَمُ فرنسا والخريطة الوهمية

لن نكشف سرّا إذا أعطينا مكان وزمان إجراء منافسة كأس أمم أوروبا في سنة 2028 التي جرى الاتفاق على مكان إقامتها بين إنجلترا وأيرلندا الشمالية، والملاعب التسعة التي ستحتضن مبارياتها، وتاريخ إجرائها بين 15 جوان و15 جويلية 2028.

ولم يكن مفاجئا أن تبقى منافسة كأس أمم إفريقيا التي من المفروض أن تُلعب في سنة 2025، لغزا، لا يستطيع فكّه حتى الذين حدّدوا مكانه، وهم إلى حد الآن لا يعرفون لا الملاعب التي تقام فيها، ولا المدن التي ستحتضن المنافسة، وحتى التاريخ الذي جرى اقتراحه مؤخرا، يبقى معرَّضا للتغيير، بنسبة كبيرة جدا.

تاريخيًّا، بدأ الأفارقة بطولتهم الكروية للمنتخبات قبل الأوروبيين بثلاث سنوات، في نهاية خمسينيات القرن الماضي، لكنهم ساروا طوال عقود، خبط عشواء، قبل أن يدخلوا دوامة الفوضى عندما سقطوا في فخ المتاجرين باللعبة الشعبية الأولى في القارة السمراء.

لقد شاء القدر أن يصاب لاعب منتخب فرنسا، كيليان مبابي على مستوى الأنف، وشاء اللاعب، وربما المشرفون على منتخب فرنسا، أن يقترح ارتداء قناع بصورة العلم الفرنسي “تريكولور”، وشاء الاتحاد الأوروبي، أن يمنع هذا النجم الكبير من أن يرتدي علما مكانه في قلب اللاعب، ما دام الجميع يعرف بأن المنتخب الذي واجه منتخب هولندا، هو فرنسا، وشاءت الاتحادية الفرنسية، الاستجابة بقناع من دون صورة علم، ومن دون أي تعليق أو احتجاج، من جانب فرنسا، البلد الذي كان له الفضل الأول في استحداث كأس أمم أوروبا سنة 1960 وكأس العالم سنة 1930، بينما في القارة السمراء التي تحبِّذ السواد الداكن، سُمح للاعبين من فريق بركان المغربي، بوضع خارطة توسّعية، من خلال ابتلاع خارطة بلد آخر، هو من مؤسسي الاتحاد الإفريقي، من دون أن يحرك اتحاد الكرة الإفريقية ساكنا، أو على الأقل من باب تفادي “الحساسيات”، في لعبة تجمع بين الشعوب.

ظهر العلم الواقعي الفرنسي بألوانه الثلاثة، التي تزعم الحرية والمساواة والإخاء، بعد الثورة الفرنسية في سنة 1789، ومع ذلك رفض الاتحاد الأوروبي أن يضع اللاعب مبابي، العلم الذي يدافع عنه، على وجهه، ولم تظهر الخريطة الوهمية التي تجمع الصحراء الغربية بالمملكة المغربية، ومع ذلك، لا ترى إفريقيا الكروية مانعا من أن يسرق لاعب كرة أراض غير أراضي بلاده، ويرسمها ولو من الخيال على قميصه.

نسينا أن نخبركم بأن كأس أمم أوروبا في سنة 2032 التي ستشترك في تنظيمها إيطاليا وتركيا، حدِّد موعدها بدقة وأسماء الملاعب التي تحتضنها.. وكل عام وإفريقيا تبحث عن مكانها وزمانها وخارطتها.