الرأي

عين صالح.. فضحتهم!

قادة بن عمار
  • 7818
  • 43

دفعت حالة الجدل التي خلفها الصراع حول استغلال الغاز الصخري من عدمه، البعض لإعطاء تحاليل يقوم معظمها على تخمينات أكثر من معلومات، كالحديث مثلا عن إقالة وشيكة لعبد المالك سلال من منصبه رفقة وزير النفط يوسف يوسفي في إطار سياسة بوتفليقة القائمة على التخلص من بعض رجاله “ولو مؤقتا” حفاظا منه على استمرار السلطة.. لكن قبل يومين، كان ملفتا للانتباه، خروج الأمينة العامة لحزب العمال، لويزة حنون، الموصوفة، إعلاميا وسياسيا، بأحد الناطقين غير الرسميين باسم البلاط، لتذكّر الجميع أنها مع استغلال الغاز الصخري، بالأمس، اليوم وغدا، حتى “ولو كره المواطنون”.. مبينة أنّ سلال ليس سوى أحد المنفذين لبرنامج الرئيس وبالتالي فإن حديثه عن ضرورة مواصلة الدراسات الخاصة باستكشاف الغاز الصخري دون استغلاله حاليا هو حديث باسم الرئيس، كما دافعت لويزة (كعادتها السيئة) على السلطة أكثر من دفاعها عن الشعب، متغزلة في هذا الصدد بما يقوم به يوسف يوسفي في خرجاته المتكررة هنا وهنالك، حيث زعمت أن للرجل خيارات وطنية تقف خلف تبنيه للمشروع، دون أن تعلق على اتهامه من يعارضوه بـ”غير الوطنيين” في حوار تلفزيوني مباشر!؟

لكن دعنا من لويزة حنون حاليا، فقدباعت الماتش من زمانوقبضت الثمن، لكن السؤال الحقيقي والهام يتمثل في: من صاحب المكالمة الهاتفية المجهولة التي قيل أن عددا من المحتجين تلقوها في الأيام الماضية من طرف رئاسة الجمهورية وكانت كفيلة بطمأنتهم؟ خصوصا أن عددا كبيرا من المحتجين قالوا بصريح العبارة أنهم لا يثقون في أحد بالرئاسة ماعدا بوتفليقة، لذلك فهم يريدون سماع قرار التوقيف أو حتى التجميد من طرفه وليس من جهة أخرى؟

تعيش السلطة منذ بداية احتجاجات عين صالح في مأزق خطير، فآلاف المعتصمين لا يريدون العودة إلى بيوتهم قبل توقيف المشروع نهائيا، وقد اجتهدت هذه السلطة وأعوانها في البحث عن أي خطأ يرتكبه هؤلاء المحتجون فلم تعثر، ذلك أن هؤلاء حافظوا على سلمية حراكهم منذ البداية، وقرروا تطليق جميع الشعارات السياسية، كما رفضوا استقبال أي ممثل لأحزاب المعارضة، وحين وافقوا على التحاور مع يوسفي، أوفدوا ممثلين عنهم من الشعب الحقيقي وليس من المجتمع المدني المفبرك، أمر فاجأ الوزير ذاته الذي عاد إلى العاصمة يجر خيبته الثقيلة، مدركا أن سكان عين صالح ليسوا كالبقية، وأنهم لن يعودوا عن موقفهم مهما بلغت إغراءات السلطة على غرار فتح مزيد من مناصب العمل أو تأسيس معاهد مختصة هناك، أو حتى الإفراج عن المشاريع التنموية في منطقة يحتاج المريض فيها لقطع مئات الكيلومترات من أجل الحصول على حقنة !؟

على يوسف يوسفي، ولويزة حنون أن يخجلا قليلا، فتوقيف استغلال مشكلة الغاز الصخري بقرار من بوتفليقة ذاته، وإن تم بشكل رسمي لا لبس فيه، يعد فضيحة كبيرة لزعيمة سياسية تدعي أنها تدافع عن مصالح الشعب، دون أن تجد مانعا في تخوين من يعارضها بالانتماء لجهات خارجية، ولوزير لم يجد مانعا من وصف الرافضين للمشروع بغير الوطنيين!؟

 

سكان عين صالح أكدوا للجميع أن الشعب تجاوز بوعيه السلطة والمعارضة معا، وأنه لا يكترث لصراعاتالفوقوخلافاتالسرايابقدر اهتمامه بما يقعتحتمن نهب للثروات باسم تنويع مصادر الطاقة، ومن استهانة بوعي الشعب باسم الوصاية الأبدية، علما أن هذه الأحداث ومهما كانت النتيجة التي ستؤول إليها، فإنها غيرت الكثير في عقلية وسلوك السلطة، وجعلتها تفكر بدلا من المرة ألف، قبل أن تتخذ أي قرار أو تلتزم بأي مشروع.

مقالات ذات صلة