الرأي

عين‮ ‬أميناس‮ “‬غايت‮”!‬

قادة بن عمار
  • 7589
  • 15

أصابت عملية اختطاف الرهائن الغربيين في قاعدة الحياة بعين أميناس، الجميع بدوخة شديدة، أوّلهم وزير الداخلية دحو ولد قابلية الذي ظهر متحدثا بمعلومات مضلّلة وخاطئة تماما، بشكل يوحي أنّ الأمر تجاوزه بمسافات طويلة، حتى أن السلطة حاولت انقاذ الموقف ساعات بعد ذلك،‮ ‬عن‮ ‬طريق‮ ‬وزير‮ ‬الاتصال‮ ‬الذي‮ ‬تم‮ ‬الاستنجاد‮ ‬به‮ ‬لقراءة‮ ‬بيان‮ ‬مكتوب‮!‬

لا نعرف هوية المصدر الحكومي الذي اتهم وسائل إعلام يوم أمس بالوقوف خلف “حملة الإثارة” و”الأرقام المبالغ فيها” لعدد ضحايا القتلى والمختطفين، حيث كان من الواجب على هذا المصدر الذي لم يكشف عن هويته كالعادة، أن يدين السلطة التي فشلت مرة أخرى في الاتصال بشعبها والرأي العام المحلي، تحت شعار “الحفاظ على سريّة العملية العسكرية” رغم أن الجميع يدرك تماما أن هذه السلطة لا تخشى “بث أسرار عسكرية” كما تقول، بل هي تعودت منذ فترة طويلة، على اغتيال الحقيقة وليّ ذراع الواقع، وعدم مكاشفة الشعب “القاصر” من وجهة نظرها، بأيّ معلومة‮ ‬حتى‮ ‬ولو‮ ‬تعلق‮ ‬الأمر‮ ‬بدرجة‮ ‬الحرارة‮ ‬أو‮ ‬سعر‮ ‬البطاطا‮!‬

كنا نتمنى لو أن أحد المسؤولين في حكومتنا “الموقرة” خرج للعلن قبل تطور الأمور ليكاشف الشعب بخلفيات ومبررات فتح الأجواء للطائرات الفرنسية من أجل التحليق والتدخل عسكريا في مالي، والأهم من ذلك، الخروج للعلن ومصارحة الجميع بالأطراف التي تقف وراء اجهاض الحل السلمي‮ ‬والسياسي‮ ‬الذي‮ ‬طالما‮ ‬حاولت‮ ‬الجزائر‮ ‬الحفاظ‮ ‬عليه‮ ‬في‮ ‬المنطقة‮ ‬قبل‮ ‬أن‮ ‬يتم‮ ‬فضحه‮ ‬في‮ ‬24‮ ‬ساعة‮ ‬من‮ ‬طرف‮ ‬الرئيس‮ ‬الفرنسي‮ ‬المتفاخر‮ ‬بفحولة‮ ‬جنوده‮!‬

هذه الحرب ليست حربنا، قال وزير الاتصال على شاشة التلفزيون الحكومي، لكن الجوّ الذي حلقت فيه الطائرات الفرنسية هو جوّنا، وقد كان من المفيد جدا لو أننا سمعنا بهذه المشاركة السلبية والمتواطئة في الحرب من طرف مسؤول جزائري وليس من طرف وزير الخارجية الفرنسي الذي عاد‮ ‬ليفاقم‮ ‬الوضع‮ ‬قائلا‮ ‬دون‮ ‬مراعاة‮ ‬لتصاعد‮ ‬الأحداث،‮ ‬أن‮ “‬الجزائر‮ ‬قدمت‮ ‬أكثر‮ ‬مما‮ ‬طلبنا‮ ‬منها‮ ‬في‮ ‬مساعدة‮ ‬الشعب‮ ‬المالي‮ ‬للتخلص‮ ‬من‮ ‬الارهابيين‮”!‬

الشيء الوحيد الذي يمكن تصديق الرواية الرسمية الجزائرية بخصوصه، هو ذلك المتعلق بدراية العواصم الغربية بخطة التدخل العسكري من أجل تحرير الرهائن، ولو بالقوة، حيث لا يمكن التصديق مثلا أن الجرأة الجزائرية وصلت الى حدّ القيام بذلك دون علم باريس وواشنطن ولندن؟

أمّا نفي مسؤولي هذه العواصم لوجود تنسيق مع الجزائر، فتفسيره أن هؤلاء لا يريدون تحمل المسؤولية المباشرة أمام شعوبهم والرأي العام في بلدانهم، لأنهم وعلى عكس من هم فوق رؤوسنا “منتخبون ديمقراطيا، ويدركون تماما أن غلطة مثل هذه من شأنها إسقاطهم ومحاكمتهم”، وبالتالي‮ ‬فهم‮ ‬يبحثون‮ ‬عن‮ ‬تعليق‮ ‬النتائج‮ ‬الوخيمة‮ ‬لأي‮ ‬تدخل‮ ‬عسكري‮ ‬عنيف‮ ‬على‮ ‬مشجب‮ ‬المبادرة‮ ‬الجزائرية‮ ‬الفردية‮.‬

المهزلة الحقيقية التي تريد السلطة في الجزائر التستر عليها، تتمثل في الفراغ الأمني الرهيب على الحدود، بعد ما صدّعوا رؤوسنا بالحديث عن تغطية أمنية شاملة في الساحل وإجهاض نوايا ارهابية، والتضييق على الأعور وجماعته، ليتضح خلال يومين فقط أننا مازلنا عراة في الصحراء،‮ ‬كما‮ ‬أن‮ ‬الخوف‮ ‬مايزال‮ ‬مستمرا‮ ‬حتى‮ ‬بعد‮ ‬انتهاء‮ ‬عملية‮ ‬عين‮ ‬أميناس‮. ‬

مقالات ذات صلة