الرأي

عهدة “النحس”!

قادة بن عمار
  • 17060
  • 0

حين يتباهى رئيس البرلمان عندنا باستقبال 55 سفيرا أجنبيا خلال عهدته، ويعتبر ذلك “إنجازا عظيما” دون الانتباه لرفض وزراء الحكومة استقبال أسئلة النواب بالمئات، فإننا بصدد معضلة كبيرة وفضيحة مدوّية بطلها الرجل الثالث في الدولة!

إنجازُ العربي ولد خليفة باستقباله شخصيات أجنبية يضاف إليه “إنجاز عظيم آخر”، لم يجد قارئ حصيلة البرلمان حرجا في كشفه أمام الصحفيين قبل يومين، حين قال إن زملاءه النواب لم يقدّموا أيّ مقترح قانونٍ طيلة 5 سنوات واكتفوا بالمصادقة ورفع الأيدي على 58 مشروع قانون قدّمته الحكومة مع الافتخار بإجهاض 5 لجان تحقيق برلمانية، آخرها تلك التي طالب أصحابُها بالتحقيق في وفاة الصحفي محمد تامالت بالسجن!

منطق ولد خليفة ونوّاب برلمانه، لتبرير عدم نزول الوزراء والرد على الأسئلة، يتمثل في انشغالهم بتنفيذ برنامج الرئيس في الميدان، وطالما أن النواب يؤيدون الحكومة التي تنفذ برنامج الرئيس، ويؤيدون الرئيس، فلا داع لنزولها إلى البرلمان من أجل المحاسبة! حيث حطّم هؤلاء النواب الأرقام القياسية في عدد الغيابات إلى درجة شعرت معها السلطة، وللمرة الأولى، بالخجل “وحشمت على عرضها” فشرعت في تغيير القانون الداخلي لمعاقبة المتخلّفين (والتخلف هنا بمعنى التأخر وله معنى آخر يعلمه الجميع).

وإذا كانت السلطة الفعلية قد شعرت ببعض “الخجل”، فإن النواب لم يساورهم هذا الإحساس بتاتا، فشهدنا حتى الأيام الأخيرة لهذه العهدة البرلمانية المنحوسة، صراعا بين رئيس المجلس ونوابه داخل نفس الكتلة على رحلة إلى الصين! كما استمر البرلمان في تنظيم أيام دراسية، يصرف عليها من المال العام في زمن التقشف دون أن يحضرها أحد، لا بل إن آخر تلك الأيام الدراسية تمثل في مناقشة دور المعارضة داخل البرلمان، لكن دون حضور المعارضة، إلا إذا اعتبر المنظمون أن بهاء الدين طليبة ومحمد جميعي من المعارضة، لا سمح الله!

وبخصوص لجان التحقيق البرلمانية، فأكبر دليل على أن زمن “الحشمة” انتهى مع هذا المجلس، عزوف أعضائه على عدم تشكيل أيّ واحدة إلى درجة تمنينا معها لو أن بعض النواب “ضحكوا علينا وخدعونا حتى” بتشكيل لجنةٍ واحدة ولو على سبيل التحقيق في حادثة الحريق بمطعم البرلمان مؤخرا!

لكن هؤلاء النواب يعلمون جيدا و”بلا فخر” أنهم في مجلس بلا شعب وبلا وطنية، كما أنهم لا يريدون تكرار فضيحة لجنة التحقيق بعين صالح قبل سنتين، حين نزلوا إلى المنطقة لإقناع سكانها بالتراجع عن معارضة استغلال الغاز الصخري فاستقبلهم السكان هناك وأكرموهم، من منطلق الأخلاق والأعراف والتقاليد، لكن حين شرع “الضيوف” في التحدُّث عن الغاز الصخري طردوهم شرّ طردة ومنهم من رماهم بالحجر، فعادوا خائبين إلى برلمان الخيبة ليختتموا عهدة النحس!

مقالات ذات صلة