جواهر

عندما يكون التدين الملاذ الأخير من شبح العنوسة

جواهر الشروق
  • 4343
  • 18

عندما غاب الوزاع الديني، وتضاءل اليقين بقوة القضاء والقدر، أصبحت الكثير من الفتيات تعشن ضغطا رهيبا في سباق مع الزمن، بين مطرقة المجتمع وسندان الرغبة الفطرية في ٳيجاد النصف الثاني، وإشباع رغبة الأمومة..

هذه الأسباب وغيرها جعلتهن يتعاملن بميكافيلية صارخة، ويلجأن ٳلى طرق مختلفة بغض النظر عن مشروعيتها من عدمها، في سبيل الظفر بأزواج يتخلصن بهم من شبح الوصم بلقب العانس..

ففي الوقت الذي سلكت فيه فئة من هؤلاء الفتيات سبيل التبرج والسفور،  وامتهان الخروج من البيوت بسبب وبدونه، اهتدت فئة أخرى الى طريقة تبدو في ظاهرها ذكية مستساغة، وهي ٳبداء التدين وتكلف المثاليات، حيث لا يخفى على أحد من معارفهن ذلك التحول السلس الجذري، في أشكالهن وطريقة لباسهن وطريقة تعاملهن..

 كلامنا هذا ليس وصاية على النوايا، ولا يقصد به التشكيك الجزافي في صدق توبة هؤلاء وابتغائهن وجه الله وثواب الآخرة، ٳنما حكم منطلقه ٳقرار الصريحات منهن، وكذا الكثير من التصرفات الصادرة عنهن والتي تظهر ازدواجيتهن، وتؤكد أن قرار التغير لم يكن عن قناعة، بقدر ما كان له غاية أخرى قد تكون البحث عن الراحة النفسية بهيبة الالتزام من الضغط والإرهاق النفسي الذي سببه لهن المجتمع القاسي، أو قد تكون استمالة للباحثين عن ذوات الدين والأخلاق، ليصبح بذلك التدين تجربة قابلة للتغيير ٳن لم تأت بأكلها.

 ففي ظل مفارقة النظري والواقع، وتصاعد تيار المناهضين للانسلاخ والمنافحين عن الأخلاق بشكل مستمر من الرجال، وبالمقابل تزايد تعداد المطلوبات لأشكالهن لا لأخلاقهن، تاهت الكثيرات وأصبحن خاضعات باللاشعورٳلى تجارب التغيير من حالة ٳلى حالة..

وأقرب مثال يبدو جليا في المجتمع، هي ظاهرة التزمت والزهد السلبي التي تصبح عليها الكثير من البنات في سن معينة، وذلك الدور المائل ٳلى النقمة على الذات وعلى الغير أكثر منه ٳلى الإصلاح والالتزام المعقول، لكن بمجرد تحسن الظروف، وعودة أمل الارتباط أو حضور النصيب؛ تأتي الاستفاقة ومعها العودة ٳلى الحالة التي كن عليها قبل قرار الزهد..

بعد تحليل الظاهرة يمكن القول أن الخطأ ليس في اِلتزام هؤلاء البنات وحملهن مسؤولية الإصلاح والدعوة، ٳنما يكمن في مدى قناعتهن بذلك فكثيرات منهن توضعن في موقف حرج بعد العودة ٳلى ما كن عليه وتتعرضن ٳلى انتقادات لاذعة من طرف المحيطين بهن، سيما من كن يحاضرن لهم ويلقين على مسامعهم الفتاوى.

مقالات ذات صلة