على المرأة أن تتحرى الحلال في مواد التجميل قبل استعمالها

يقول المولى عز وجل في كتابه المنزل:( يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِين ) سورة البقرة الاية 168، وانطلاقا من هذه الآية يتبين لنا الأمر بوجوب تحري الحلال الطيب والسعي في طلبه خاصة وأن عديد التقارير تشير إلى الزيادة المعتبرة للمسلمين في العالم حيث بلغ عددهم 1.6 مليار نسمة ويتوقع أن يمثل المسلمون 30 % من نسبة السكان في العالم بحلول سنة 2025.

وبالموازاة مع هذا التزايد أصبح توفير الحاجات الرئيسة لهذا العدد المعتبر من المسلمين من غذاء وصحة وتعليم و مختلف الخدمات ضرورة ملحة في وقتنا الراهن.. ويعتبر الغذاء و الدواء  من بين أهم التحديات التي تواجه كثيرا من الدول ذات الأغلبية أو الأقلية المسلمة من حيث المصدر و النوع  ونقصد هنا المنتج: الحلال الطيب.

  1 ) الغذاء الحلال الطيب:

ولأن موضوع كلامنا هنا هو المنتج الحلال، فيجب أولا أن نعرف الحلال الطيب قبل التعمق فيه.

فهناك عدة تعاريف مختلفة للغذاء الحلال الطيب غير أنها تصب في معنى واحد فمثلا :

الغذاء الذي لم يحتو أولم ينتج من أي جزء من حيوان محرم في الشريعة الإسلامية أو لم ينتج من حيوان حلال لكنه لم يذبح وفقا للشريعة الإسلامية.

الغذاء الذي لم يحتو أي مكونات نجسة وفقا للشريعة الإسلامية.

الغذاء الذي لم ينتج أو لم يصنع باستعمال وسائل  أو آلات  ممكن أن تكون تعرضت لأية نجاسة وفقا للشريعة الإسلامية.

الغذاء الذي لم يكن مصدر أحد مكوناته جزء من جسم  الإنسان.

وهناك نقطة جد مهمة في الغذاء الحلال يجب أن يقترن بها وهي مفهوم ” الطيب”  والذي يعني الغذاء  النقي, السليم, النظيف, والمغذي. فمثلا، من الممكن أن يكون الغذاء حلالا لكن غير طيب. كيف ذلك ؟ في حالة عدم احترام شروط الحفظ السليم يكون حلالا بالأساس ، لكنه غير صالح للإستهلاك، مثل اللحم المعرض للشمس و الهواء.

من خلال هذا يظهر أن طرح ومناقشة موضوع الأغذية الحلال هو في الحقيقة ليس أمرا سهلا وهذا لتعقيد الغذاء ليس من حيث مصدره و لكن من حيث مكوناته وعملية تصنيعه وحفظه حتى يصل إلى مائدة المستهلك.

هناك مثلا، الكثير من المكونات الرئيسية للأغذية المضافات مصدرها نباتي، حيواني، أو أحياء دقيقة” بكتيريا، خمائر، فطريات مجهرية ”  علاوة على  المضافات الإصطناعية، نذكر منها الجيلاتين، الأنزيمات، الدهون والبروتينات، بالاضافة الى النكهات والملونات المختلفة. والإشكالبة الرئيسية هنا هي أن أغلب هذه المكونات هي ذات المصدر الحيواني، ولهذا لزم معرفة هذا المصدر إن كان حلالا أو حراما. واستعمالات هذه المكونات يختلف على حسب المنتج. فمادة الجيلاتين مثلا من المكونات التي تدخل في تركيب الكثير من الصناعات الغذائية والدوائية زيادة على مختلف مواد التجميل. ويؤكد البروفيسور عبد الكريم إلياس ان 90  % من هذه المادة أصلها غير حلال، ومصدرها أساسا من جلود و عظام الحيوانات” 80      %من الخنزير و الباقي من البقر و الجاموس لكن هل ذبحت على الطريقة الشرعية ؟؟

      أما الانزيمات فهي ذات استعمال واسع ورئيسي في تركيب وتصنيع العديد من الأغذية كصناعة مشتقات الحليب كالأجبان”les fromages  “ومختلف النشويات, وتشير الكثير من الدراسات أن أغلب هذه الأنزيمات مصدرها حيواني غير أنه يتم تصنيعها من الأحياء الدقيقة كذلك (الأنفحة الميكروبية لصناعة الأجبان) .

كما أن مقاييس الحلال تتعدى طرق الذبح و الرعاية الصحية للحيوانات إلى اشتراط الأكـل الحلال لها، أي أن العلف الحيواني يكون خاليا من النجاسات  كالدم مثلا أو أي مخلفات للميتة كالعظام.

  (  2الدواء  الحلال  الطيب : الحلال ليس ما نأكل فقط !!!

  وكما تجدر الإشارة هنا إلى أن المنتجات الحلال تتعدى الأغذية ومكوناتها إلى الصناعات الدوائية، مستحضرات التجميل، الأدوية والللقاحات، الصناعات الصيدلانية و التي يعرفها المختصون على أنها منتجات حلال، أما المالية الاسلامية والسياحة الحلال أو ما يعرف بالسياحة الملتزمة فتعرف بـ :الخدمات حلال.  وكل واحد من هذة المنتجات أو الخدمات يتطلب جهودا كبيرة من أجل تحقيقها وتوفيرها .

  فبعض الأدوية و المنتجات الصيدلانية قد تحتوي على مشتقات الخنزير، يحصي كتاب “the HALAL INDEX ” في الجزء الأول المعنون: المنتجات الصيدلانية ذات الأصل الخنزيري أكثر من 100  مركب يدخل في الصناعات الصيدلانية و الدوائية. لعل الأكثر إستعمالا هو الجيلاتين الذي يدخل في صناعة  كبسولات الأدوية .

  بالإضافة إلى ذلك، تعتبر مستحضرات التجميل ” Les produits Cosmétiques”   من بين المنتجات غير الغذائية التي يجب على المرأة تحري الحلال فيها، فأحمر الشفاه، طلاء الأظافر، غاسول الشعر ” شامبوان “،  الصابون، صبغات الشعر،  و غيرها من المنتجات ذات الصلة بمستحضرات العناية الشخصية قد تحتوي على مواد من أصل حيواني” يقصد هنا  بالمواد نجسة أي من الخنزير أو الميتة ” أو مواد صناعية قد تسبب أذى كالحساسية و تهيجات للبشرة .

3) قوانين و تشريعات دولية لضبط سوق المنتجات الحلال :  تجارب رائدة

    هناك بعض الدول التي أصبحت رائدة في هذا المجال من خلالها تجاربها المتميزة  نذكر منها ماليزيا، إندونسيا، تايلند، وتركيا، إذ تمكنت من وضع قوانين و مقاييس خاصة وصارمة للمنتجات الحلال وتسويقها، بالاضافة إلى سنغافورة، و جنوب افريقيا. و أضحت تجارة الحلال توفر عائدات معتبرة جدا للدول المنتجة لها ويتوقع أن تصل الى 2.3 تريليون دولار في السنوات القليلة القادمة (منتدى الحلال العالمي 2013) وهذا الرقم مهم جدا في ظل ما يشهده العالم من أزمات إقتصادية. و تشير التقارير إلى أن عائدات تجارة المضافات الغذائية لوحدها وصلت في سنة 2010 إلى 34.4 مليار درولار.

 ماذا عن تقنين الصناعات الحلال بالجزائر؟؟؟

 أما فيما يخص الجزائر فممكن أن تكون رائدة في هذا المجال في السنوات القليلة القادمة لو توفرت الإرادة السياسية من خلال وضع الخطط والقوانين والمقاييس الخاصة بالمنتجات و الخدمات الحلال وهذا لعدة أسباب منها مثلا الموقع الإستراتيجي الذي تحتله والذي يعتبر نقطة وصل بين أروبا وإفريقيا و العالم العربي.

 وكما يتوقع أن تكون الجزائر كمركز للحلال في منطقة البحر المتوسط على غرار ماليزيا و دورها الرائد في جنوب شرق آسيا . وهذا ما يسهل من التبادل التجاري  للمنتجات الحلال. هذا و قد أصدرت السلطات الجزائرية ممثلة في وزارة التجارة هذا العام ” ماي 2013 ”  قانونا يلزم المستورد الجزائري للمنتجات و المضافات الغذائية بضرورة وجود علامة أو ختم “الحلال” . و هذه بداية مهمة و جيدة، ينبغي أن تتبعها خطوات عديدة لعل أهمها إصدار مقياس جزائري خاص بالمنتجات و الخدمات الحلال ، و كذا حملات تحسيسة و توعوية للمستهلك الجزائري حول أهمية المنتج الحلال للسلامة الصحية و تحري الحلال من منطلق إيماني و عقدي.

ملاحظة:

 الموضوع معد بمشاركة:

عمر بن أحمد داهيمي، ماجستير علوم الحلال بجامعة العلوم الإسلامية ماليزيا.

سليمان بن حمو أبو العلا، ماستر هندسة تكنلوجيا حيوية-  المعهد العالمي لبحوث الحلال و التدريب ، الجامعة الإسلامية العالمية ماليزيا.

عبدالمؤمن بن شعبان مختص في الكيمياء الحيوية و باحث في علوم الحلال-  شركة ‘أزكا العالمية’ للمنتجات والخدمات الحلال ماليزيا.