الرأي

“علاه.. ألمانيا خير منا؟”!

قادة بن عمار
  • 6677
  • 27

الأمواج البشرية التي نزلت إلى الشوارع فرحا بالتأهل للدور الثاني من المونديال، تحتاج إلى كثير من “الدعم” و”الاسناد” و”دعوات الخير” لتستمر في الحفاظ على فرحتها في ظلّ ما تعيشه من “غبن اجتماعي” و”سياسي” مستمرين!

لا وقت لتعكير الجوّ بالحديث في “البوليتيك”.. هذا صحيح، لكن من الخطأ تماما، استعمال هذا الشعار أثناء الفرح: “الميزيرية.. وتحيا الجزائر.. “، لأنه وببساطة شديدة.. بوسع الجزائر أن تحيا من دون “ميزيرية”. ومثلما تستعمل الصحافة عادة هذا العنوان بعد كل انتصار كروي “فعلها الرجال” لابد من الحفاظ على “الفحولة” أيضا في رفع مستوى معيشة المواطنين وحفظ كرامتهم، حتى لا يفعلها الرجال في الكرة.. ويسرقها “الأنذال” في السياسة !!

الوزير الأول عبد المالك سلال، قال إن “ألمانيا فريق قوي.. ولابد من احترامه”، علما أن ذات المسؤول هو صاحب التصريح الشهير “علاه ألمانيا خير منا؟” حين انتشر الصراع حول العهدة الرابعة وتعديل الدستور..!

الواقع أنه لا مستحيل في كرة القدم، حيث يمكن للجزائر المحسوبة على العالم المتخلف اقتصاديا أن تنافس ألمانيا المتطورة وتسقطها أمام أنظار العالم أجمع، وما ذلك ببعيد على إسلام سليماني وحليش وماندي وسوداني، وجابو.. لكن المستحيلات تحضر كلها في السياسة، وتحديدا تلك التي يصنعها سلال، وغول وبن يونس، وسعداني وأويحيى.. فألمانيا التي تحترم دستورها ولا تعبث به، وتحاسب حكوماتها فلا تترك المسؤولين فيها يعيثون في الأرض فسادا، أكبر من “عقول” الساسة الذين يحكمون البلد، أو حتى الساسة الذين يعارضون السلطة في هذا البلد!!

شكرا لكرة القدم لأنها جعلتنا نتساوى مع ألمانيا، ونعاملها الند للند، ولأنها رفعت من قيمة الزوالية في كوكب الأرض، ولأنها حملت اسم الجزائر للمراتب الأولى في تصنيف يثير الفخر والاعتزاز، ليس مثلما فعل السياسيون عندنا، حين وضعوا البلد بتصرفاتهم سيئة السمعة في المراتب الأولى ضمن قوائم الفساد والرشوة والدكتاتورية والمحسوبية والعنف!

ألمانيا ليست أحسن منا في ملاعب الكرة.. إذا ما توفرت الإرادة الحقيقية، .. وجعل الفريق الوطني، لعبه في المونديال لأجل ثلاثة أشياء لا “رابع” لها: العَلم والبلد والشعب، فقط لا غير، لكن لابد من حماية كل نصر رياضي من أيدي العابثين في السياسة، الباحثين عن صيد فرحة الشعب وتوظيفها في إنجازات سلطوية أو تنموية!

ما يحدث في البرازيل ليس مجرّد لعبة، بل إنه “كتابة تاريخ” وصناعة كرامة، وحفظ شرف، وإثارة فرحة.. لكن ما يحدث في عالم السياسة عندنا، لعبٌ بكل ما تعنيه الكلمة من عبث وسُخف واستهتار.. إنهم يلعبون بمصير الأجيال، وبالديمقراطية وبأصوات الناخبين.. يلعبون بمشاريع الطرقات والمدارس والجامعات، وبقوائم المرحلين للسكنات، يلعبون بالمرضى والنساء الحوامل في المستشفيات، وبالمواطنين في الإدارات.. يلعبون في كل وقت.. وهم منذ الاستقلال، لم يتوقفوا أو يملوا يوما عن ممارسة اللعب.. لم يتوقفوا عن اللعب بنا!!

مقالات ذات صلة