الرأي

“عظمة” إسرائيل؟ أودرس إسرائيلي

دع عنك الشأن المصري والسوري والتونسي والليبي، استرح قليلا من مليونيات القاهرة، وتفجيرات العراق، وفتنة سوريا، وطلاسم ليبيا وحالة الحمل الطويل من دون وضع في تونس، وولّي وجهك “سياسيا وإعلاميا” لبعض الوقت، شطر القدس الشريف وتل أبيب المدنستان بأقدام الصهاينة، وتابع اهتمامات الإسرائيليين هذه الأيام، فكل ضيوف القنوات والصحف الإسرائيلية هم من الكوادر السابقة، بعضهم تمت إقالته وآخرون خرجوا بقوة الصندوق والبقية فضلوا تمرير”المشعل” ضمن تداول على المناصب الكبرى، وكلهم في همّ الدولة الصهيونية غارقون، يقولون ويفعلون، ويتابعون ما يجري من حولهم، بل ويشاركون في صناعة القرار، فكل الضيوف برتبة وزير الاستخبارات السابق، ووزير الحرب السابق، أو وزير خارجية سابق، يتابعون الأحداث بعد تقاعدهم أو بعد إبعادهم من الحكم مثل كل الإسرائيليين، وللأسف مثل البنيان المرصوص الذي يشد بعضه بعضا، أو الجسد الواحد إذا اكتوى بربيع عربي أو حكم إخواني تداعى بقية الأعضاء من سابقين وحاليين بالحمى والسهر لأجل بناء الدولة العبرية من الماء إلى الماء، كما كان الحلم دائما.

دع عنك هذه المشاهد الإسرائيلية، وعد إلى عواصم الوجع وعواصف الربيع وابحث عن مسؤول سابق أو حتى حالي، فسترى الصورة مقلوبة رأسا على عقب، فعمرو موسى أو البرادعي أو غيرهما يبحث عن موضع لقدمه، ولا أحد يفكر في مستقبل الأمة، أما عن المسؤولين السابقين، فلكل منهم شأن خاص يغنيه، والأمر لا يتعلق بمصر فقط، وإنما بكل الدول العربية من دون استثناء، فكل وزير سابق في الجزائر يعيش حاليا لنفسه، وسنقول نكتة لو تصوّرنا أن وزير الطاقة السابق شكيب خليل الذي حمل خزينة الجزائر على مدار عشر سنوات بعثرها حيثما وكيفما شاء، منشغل بتدهور أسعار النفط، أو أن وزير الصحة السابق مهتم بصحة أي فرد في الجزائر، أو أن وزير الشباب والرياضة السابق مهتم بإحراز الجزائر الميداليات والألقاب، أو أن وزير أوقاف سابق همّه إن صلى الجزائريون الفجر أو العصر أو خرجوا من الملّة، فما بالك بالمديرين التنفيذيين ورؤساء البلديات والولاة والمحافظين المرتبطة مهنهم بكلمة سابق، وسنكون متفائلين جدا لو تصورنا أنهم لا يشاركون في تأزّم الأوضاع على طريقة أنا وبعدي الطوفان أو سياسة الأرض المحروقة.

في الدولة العبرية الوزير السابق يظهر في الإعلام أكثر من الوزير الحالي، وأحيانا يلتقيان معا يختلفان في الآراء ولكنهما يتفقان على حلم إسرائيل التي لا تقهر، وعندما تقول الصحف الإسرائيلية أن آرييل شارون البالغ من العمر 85 سنة، النائم في غيبوبة منذ سبع سنوات، يتلقى تقارير ما يحدث في العالم العربي، احتراما لمقولته الشهيرة: “يجب أن نستولي على مزيد من الأراضي، ويجب أن نوسّع بقعة الأرض التي نعيش عليها، فكل ما بين أيدينا لنا، وما ليس بأيدينا لهم”، عندما نرى هذا الالتحام بين أحيائهم وموتاهم، ندرك أن بناء اللاشيء وحّدوا فيه الأفكار بالأفعال، بينما ما زلنا نصر على بناء الأمة بالأقوال وبالأحقاد.

مقالات ذات صلة