الجزائر
شرح الموقف الجزائري في حوارين لصحيفتين أمريكيتين

عطاف يرد على فرنسا في قضية النيجر من واشنطن

محمد مسلم
  • 5357
  • 0
أرشيف
وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف

حرص وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج، أحمد عطاف، على شرح الموقف الجزائري من الانقلاب العسكري الذي أطاح برئيس النيجر، محمد بازوم، انطلاقا من حوارين خصّ بهما صحيفتين أمريكيتين ذائعتي الصيت، وهما “الواشنطن بوست”، وموقع “المونيتور”، وذلك على هامش الزيارة التي قادته إلى بلاد العم سام، الأسبوع المنصرم، وهو المسعى الذي أعقب “خرجة متعثرة” لوزير القوات المسلحة الفرنسي، سيباستيان ليكورنو، الذي حاول جاهدا تبرير حتمية تدخل عسكري في الجارة الجنوبية للجزائر.
وشدّد رئيس الدبلوماسية الجزائرية، في حواره للصحيفتين، على أن أيّ تدخّل عسكري في النيجر سينتهي إلى الفشل، وقدّر بأن البحث عن حلول لهذه الأزمة خارج السبل الدبلوماسية، يعتبر “خيارا صعبا للغاية، ونجاحه بعيد جدا”، وهو الموقف الذي سبق للجزائر أن عبّرت عنه على لسان أكثر من مسؤول منذ وقفت على حشد للمواقف من قبل المجموعة الاقتصادية لدول إفريقيا “إيكواس”، مدفوعة بتحريض فرنسي يثير الكثير من التساؤلات.
وبرأي الوزير الجزائري، فإنه “ليس هناك دول كثيرة تدعم التدخّل العسكري كخيارٍ أول”، وأكد على أنّ الغالبية مُتفقة على ضرورة منح الوقت لحلٍ سياسي ودبلوماسي، لأن الحل العسكري سيؤدي إلى عواقب وخيمة، من بينها تكريس عدم الاستقرار في المنطقة، الأمر الذي من شأنه أن يؤدي إلى تضرر مصالح الجزائر في المنطقة، وأشار هنا إلى استثمارات “سوناطراك” في النفط النيجري، فضلا عن تعاظم ظاهرة الهجرة غير الشرعية انطلاقا من منطقة الساحل.
وقدّم عطاف تصوره للحل الذي تراه الجزائر مناسبا للأزمة في جارتها الجنوبية، وقال إنه يقوم على ثلاثة مبادئ رئيسية، وهي احترام النظام الدستوري والديمقراطي، وإعادة الرئيس المخلوع محمد بازوم إلى السلطة، وأخيراً، إعطاء الأولوية لحلّ النزاع دبلوماسياً، مستبعدا تماما الحل العسكري الذي تهلل له المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ومن ورائها فرنسا، المتضرر الأكبر مما يحدث في منطقة الساحل.
ويعتبر الموقف الذي عبّر عنه وزير الخارجية، التحذير الثالث من نوعه من مسؤول سام في الدولة، وهو يأتي بعد ذلك الذي صدر عن الرئيس، عبد المجيد تبون، في آخر حوار له مع الصحافة الوطنية، وعبّر فيه عن الرفض القاطع لأي تدخل أجنبي في النيجر، وكذا رئيس أركان الجيش الجزائري، الفريق أول السعيد شنقريحة، الذي تحدث عن تداعياته، والتي على رأسها تكريس عدم الاستقرار في منطقة الساحل.
وتأتي تصريحات المسؤولين الجزائريين على النقيض من تلك التي صدّرت عن وزير القوات المسلحة الفرنسي، سيباستيان ليكورنو، قبل يومين في الحوار الذي خصّ به صحيفة “فار ماتان”، والذي حاول إعطاء الانطباع بأن التدخل العسكري في النيجر قرار لا مفر منه، لأن المسألة تتعلق بـ”الأمن الجماعي”.
ويزعم المسؤول الفرنسي، أن موجة الانقلابات التي اجتاحت المنطقة وطالت كل من مالي وبوركينافاسو، أدت إلى إضعاف المعركة ضد الإرهاب في منطقة الساحل وأنعشت “بؤرة الإرهاب” على شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وذلك بالرغم من بُعد المسافة بين منطقة الساحل وضفاف البحر المتوسط.
وبينما تجاهل وزير القوات المسلحة الفرنسي مسؤولية بلاده في تفريخ الإرهاب في المنطقة، بسبب فشل تدخلها العسكري في كل من مالي وبوركينافاسو منذ العام 2013 تحت مسميات عدة، بدأت بـ”سرفال”، ولما فشلت العملية، تم تغيير اسمها إلى “برخان”، ومهما اختلفت التسميات، فإن القاسم المشترك بينها هو الفشل، بل إن السلطات المالية الحالية تملك أدلة على تورط فرنسا في تدريب وحماية الجماعات الإرهابية من ضربات الجيش المالي، والتصريح صدر عن رئيس الحكومة الانتقالية في هذا البلد، شوغيل مايغا، لموقع “ريا نوفوستي” الروسي.
وتشعر باريس بحالة من العزلة حتى في محيطها الغربي في كيفية التعاطي مع الأزمة في النيجر، فالجميع ضد التدخل العسكري في هذا البلد، بمن فيهم كبار شركائها في الاتحاد الأوروبي، ألمانيا وإيطاليا، والولايات المتحدة الأمريكية من خارج الاتحاد، وهو ما دفع ليكورنو إلى انتقاد حلفائه الغربيين قائلا: “إن الحرب في أوكرانيا تجعل بعض المراقبين الغربيين قصيري نظر. لم نعد نتحدث عن مكافحة الإرهاب في نقاشنا العام”.
ويحاول المسؤولون في فرنسا الوقوف، بكل السبل، في وجه الانقلابات العسكرية التي تجتاح المنطقة، للحيلولة دون استمرار تهاوي الأنظمة الموالية لها في مستعمراتها الإفريقية السابقة، ولذلك، يشجعون على التدخل العسكري في النيجر، استنادا إلى نظرية الدومينو الجيوسياسية التي ابتكرتها الدبلوماسية الأمريكية في خمسينيات القرن الماضي، لتبرير التدخل العسكري في العالم، للحد من انهيار الأنظمة الموالية لها أمام الشيوعيين الموالين للاتحاد السوفياتي سابقا.

مقالات ذات صلة