الرأي

“عرس” بن غبريط!

قادة بن عمار
  • 8708
  • 10

تقول وزيرة التربية الوطنية، نورية بن غبريط، إن الدخول المدرسي يمثل عرسا لكل الجزائريين، وتحديدا بالنسبة إلى العائلات التي “تزف” أبناءها إلى المدارس أول مرة، وهي لذلك تثق جدا في الإداريين وعمال القطاع وتتوقع منهم عدم إفساد العرس بالإضرابات أو بالاحتجاجات!

كلام الوزيرة في ظاهره منطقي جدا، لكن لماذا لا تنظر معاليها إلى الواقع من زاوية مختلفة، فتقرر مثلا اتخاذ قرارات سليمة وإجراءات صائبة أو حتى خطوات أولى من أجل إقناع عمال القطاع بضرورة وقف أي احتجاج سواء عند الدخول أم بعده؟

هل تنكر الوزيرة أن الاحتجاجات التي تقع في نهاية الموسم الدراسي أو في وسطه أو حتى تلك التي يقرر الغاضبون القيام بها خلال الامتحانات، تبدو أشد وقعا على مستقبل التلميذ وحاضره من بداية الموسم؟

ثم إن المبرر الذي تسوقه بن غبريط ليس جديدا على سلوك السلطة، بل هو شبيه تماما بالمبرر الذي يسوقه معظم المسؤولين حاليا، حين يبحثون عن أيّ ذريعة للتهرب من المحاسبة، فوزير السكن مثلا يعيد ويكرر على مسامع الجزائريين: “لست وزير “عدل” فقط، بل أنا وزير السكن والتهيئة والمدينة”.. وفي الجملة دعوة إلى عدم محاسبته على المشاريع السكنية المؤجلة ولا الموقوفة. ووزير المالية يقول: “لا تسألوني عن الضرائب”. ووزير المجاهدين يردد: “لا تسألوني عن رؤوس المجاهدين والشهداء في فرنسا”. ووزير الثقافة يطالبنا بعدم سؤاله عن فيلم الأمير عبد القادر وأين ذهبت أمواله.. وهكذا دواليك، الجميع يتهرب من المسؤولية بحجة أنه منشغل بملفات أخرى!

على وزيرة التربية أن تفكك قنبلة الاحتجاجات وتمهد وتعمل ليس فقط لضمان دخول مدرسي هادئ.. وإنما لموسم دراسي كامل بلا احتجاجات ولا غضب أو إضرابات، وهذا لن يتحقق إلا بمزيد من الحوار مع الشريك الاجتماعي وبمنح الفرصة للجميع من أجل إسماع صوتهم وتطبيق القانون ولا شيء غير القانون.

فمثلا، لا أحد يفهم حتى الآن مضمون إجراءات الوزيرة بن غبريط في ما يتعلق بعدم توظيف الإداريين من القائمة الاحتياطية، وقد بحّت أصوات هؤلاء وملوا من “تسول الحلول” عبر الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي ولم تجد صرخاتهم صدى حتى الآن!

الأمر ذاته بالنسبة إلى الأساتذة المستخلفين، أو بطرق التوظيف عموما في ظل الكلام عن تجميد المسابقات، فالوزيرة بن غبريط مطالبة بمرونة أفضل في هذا المجال، وبشفافية أكبر في ما يتعلق بملف الكتاب المدرسي، ولعل الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها حين غيرت بعض المديرين في قطاعها تحمل خيرا لفائدة الجميع، ومؤشرا لضمان سنة هادئة ومفيدة، وليست فقط للاحتفال بالدخول و”تفويت العرس” ثم تعود ريمة إلى عادتها القديمة!

مقالات ذات صلة