الرأي

عدوان عسكري في حقيبة دبلوماسية

ح.م

رفعت “إسرائيل” الغطاء السري اليوم، ودخلت رسميا المملكة المغربية عبر بوابة الدبلوماسية العلنية، دون إخفاء القوة العسكرية التي ترافقها في أي مكان حلت فيه.

فـ”الدبلوماسية العلنية” كما نراها الآن، مشهد مفتوح يعلن عن مبادئ العقيدة العسكرية “الإسرائيلية” في منهاجها التنظيمي المتطور، ودخول مرحلة التطبيق الدقيق بتحديد الوسائل والإمكانيات اللازمة لشن عدوان عسكري أو عدوان “دبلوماسي” يحقق الغايات السياسية أو العسكرية باختراق هدف مرسوم في خططها الإستراتيجية، وجد منفذا “دبلوماسيا” للوصول إليه: عدوان عسكري في حقيبة دبلوماسية!!

الرباط تخطت مبادئ التطبيع، ولم ترض منذ البدء بهشاشته التي لا ترتقي إلى شراكة متكاملة في تحقيق أهداف إستراتيجية بعيدة المدى تستكمل في نهاياتها بناء “دولة إسرائيل الكبرى” تصل بامتداداتها إلى سواحل المحيط الأطلسي في خاتمة حدود العالم العربي.

التطبيع تشخيص خاطئ للعلاقات “المغربية – الإسرائيلية”، فالعلاقات بين الطرفين لم تتوتر يوما، أو تنقطع لتعود إلى طبيعتها، فهي راسخة منذ مرور العقد الأول على قيام “دولة إسرائيل” وفق الوثائق المدونة لتواصل ثنائي دائم في سجلات التاريخ، ارتقى إلى شراكة إستراتيجية لا تتأثر بأي حدث أو ظرف طارئ.

مفاهيم خاطئة دأب الإعلام على اعتمادها في وصفه لعلاقات “الرباط – تل أبيب”، بين التقارب والتطبيع، رغم إدراكه أن الأمر أبعد من ذلك، فالظرف لم يأذن حينها بكشف الحقيقة التي تفضح هزالة مؤسسة العمل العربي المشترك في رفضها لأي شكل من أشكال العلاقة مع “الكيان الإسرائيلي” قبل الإقرار بحق الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة وعاصمتها القدس.

“ذاكرة الملك” الحسن الثاني، كانت أكثر جرأة من إعلام اعتاد على إخفاء الحقائق، ولم يخف مقولته: “لو كنت مكان الدول العربية، لاعترفت بإسرائيل وقبلت عضويتها بالجامعة العربية، لأنها على كل حال، دولة قائمة ولا يمكن إزاحتها”.

 سجل تاريخي مفتوح لن يغلق أبدا، تسلسلت تفاصيله دون إهمال الأماكن والأزمنة، استعادة قراءته جعلت الرأي العام العربي لا يتفاجأ بإعلان “الشراكة المغربية – الإسرائيلية” أمر واقع في قرار رسمي، تجاوبا مع صفقة غير عادلة.

“اتفاقيات كامب ديفيد” لم يكن الرئيس المصري الراحل أنور السادات مهندسها رغم جرأته آنذاك في إعلانها والمضي بتطبيقها، فمهندسها الحقيقي كان الحسن الثاني، وكان له منصب القيادة في إدارة مفاوضاتها مع وفود تل أبيب.

دور أنيط بنظام ملكي لم ير في “إسرائيل” عدوا، بل شريكا فاعلا، يتقن العمل وفق شراكة إستراتيجية وزعت الأدوار بضمان القدرة على تنفيذها المنضبط، و”كامب ديفيد” لم يكن أول الأدوار، فدور تسهيل هجرة اليهود إلى فلسطين المحتلة، كان من الأدوار المبكرة التي قام بها الملك الحسن الثاني شخصيا تنفيذا لمقررات مفاوضات سرية “مغربية – إسرائيلية” عام 1961.

كانت “اتفاقيات أوسلو” مبررا اتخذه النظام الملكي لفتح مكتب اتصالات في تل أبيب، يقابله مكتب اتصالات “إسرائيلي” في الرباط، رغم ضغط الشارع المغربي، والمظاهرات التي عمت البلاد أبان الانتفاضة الفلسطينية.

زيارات متبادلة على مستوى عال، وأدوار سياسية وعمليات مخابراتية أزاحت الغطاء السري عن أدق الملفات العسكرية والأمنية في الدول العربية في أوج مراحل الصراع “العربي – الإسرائيلي” كشفت عنها “تل أبيب” ولم تنفها الرباط.

دور جديد تتضح نواياه في “اعتراف دبلوماسي” ينطوي على خطط إستراتيجية عسكرية، الدبلوماسية العلنية أهم أدواتها، تستهدف الأمن القومي الجزائري المتأهب لمواجهة كل الاحتمالات.

مقالات ذات صلة