الشروق العربي

ظاهرة عالمية.. لماذا صار الوقت يجري بسرعة البرق؟

فاروق كداش
  • 8627
  • 0
بريشة: فاتح بارة

يعيش العالم، منذ سنوات، ظاهرة تسارع الوقت، ويشتكي الملايين من سرعة انقضاء اليوم والأسبوع والسنة، الجزائريون أيضا يشعرون بأن الوقت يهرب من بين أيديهم مثل زئبق متمرد.

الشروق العربي، تستبق الزمن في محاولة لكشف حقائق الوقت وتسارع الزمن.. فهل نحن نعيش قيام الساعة.

صار من المألوف أن ينصحك أحدهم بألا تستعجل في أمر تشعر بأنه سيطول، فيردف قائلا لك: “غمض عينيك يجوز الوقت”.

ألم تلتق يوما ما بأحد معارفك، وهو يمسك بابنه أو ابنته، فتتفاجأ كم كبر وكم تغير وتصيح: “البارح كان يحبي”.

تقول بعض الدراسات التي اهتمت بهذه الظاهرة إنها بدأت في الثمانينيات، وإنه من المرجح أن يتفاقم هذا الشعور لأسباب عدة، منها وتيرة الحياة واستعمال الإنترنت وتسارع الأحداث في حياة الناس.. وفي دراسة أخرى، أكد أخصائيون أن اليوم لم يعد في شعور الناس يساوي أربعا وعشرين ساعة، بل تقلص ليصبح ثماني عشرة ساعة فقط، بينما دراسات أخرى أجريت في هذا المجال، جاءت نتائجها مفاجئة.. فبحسب حساباتهم، الدقيقة نقصت بثانية، والستون التي نعرفها صارت في خبر كان.

مجرد شعور بالوقت

يجزم الكثيرون بأن مرور الوقت بسرعة لا نشعر به إلا في الأوقات الممتعة؛ إذ تعمل الأحداث المتلاحقة في حينها على تكثيف شعورنا بطيران الوقت؛ في حين إننا حين نتذكر وقتًا ممتعًا في الماضي، نشعر وكأنه استغرق وقتًا أطول، لأننا نستعيده من منظور استرجاعي.

هذا الشعور بأن الوقت يتسارع مع مرور السنين، مرتبط بحقيقة أننا نعيش بشكل تلقائي وروتيني، وضمن سياقات مألوفة لنا، حيث يقوم الدماغ بتنشيط الشبكات التي يعرفها، التي تتطلب طاقة أقل، كما تشارك مناطق معينة من الدماغ في إدراكنا للوقت. لكننا، نهتم بشكل أقل بحساب الزمن، عندما يكون الفعل مألوفا وعاديا، وهذا هو السبب.

الزمن يجري مع الأيام

من الناحية النظرية، الوقت حقيقة ثابتة، فالدقيقة هي نفسها للكبير أو الصغير، بيد أن الإحساس المختلف بها يرجع إلى العديد من العوامل. وأرجح بعض العلماء هذا الأمر إلى عملية حسابية، يبتكرها عقل الإنسان، معتمداً على الفترة التي عاشها من حياته. فالعام الواحد يمثل ثلث الحياة بالنسبة إلى طفل في الثالثة من عمره، في حين، تمثل هذه السنة جزءا بسيطا من حياة عجوز في التسعين من عمره، ما يعنى أن إدراك عقل الإنسان لمرور الزمن مسألة تتناسب بشكل طردي مع عمره.

حاول كتاب “صنع الوقت”، للمؤلف البريطاني ستيف تايلور، الإجابة عن سر تسارع أو تباطؤ الزمن لدى الناس، ولماذا يملك الناس تصورات مختلفة عن الوقت، وكيف يؤثر ذلك على إحساسهم المختلف بالوقت..

لدى كل إنسان شعور داخلي بمرور الوقت، ويختلف هذا الشعور من شخص إلى آخر، كما أنه يعتمد على الحالة النفسية للإنسان. فعلى سبيل المثال، ينقضي الوقت بسرعة بالنسبة إلى الإنسان إذا ما كان غارقا في العمل، بينما يمضى متثاقلاً في حالة الملل أو الشعور بالألم. لذلك، يلعب العامل النفسي المزعوم دورا مهما في الإحساس بالوقت وفي تعاملنا معه بشكل مختلف.

النظريات تسارع الزمن

قبل مئة عام تقريبا، طرح آينشتاين النظرية النسبية العامة، التي تناول فيها حقيقة الجاذبية والسرعة وعلاقة الزمن بذلك.. ولأول مرة، بحسب رأي العلماء، طرح فكرة تغير الزمن، فالزمن لا يسير بنسبة ثابتة، بل تتغير نسبة تدفق الزمن مع تغير السرعة ومع تغير الجاذبية ومع تغير المكان.

مثلاً، اليوم الذي يمر على الأرض وهو 24 ساعة، ليس نفسه على الثقب الأسود مثلاً! فعندما يتسارع الجسم المتحرك يبدأ الزمن بالانكماش، حتى ينعدم عند سرعة الضوء. فاليوم على الأرض يمكن أن يكون عبارة عن ساعة مثلاً على نجوم أخرى.. وذلك، بحسب سرعة ذلك النجم وظروف الجاذبية فيه.

إذاً، الزمان يتغير من مكان إلى آخر، ومن زمن إلى آخر، عبر مليارات السنين.. هذه الفكرة -فكرة تغير الزمن -طرحها لأول مرة حبيبنا- عليه الصلاة والسلام- في زمن لم يكن أحد يدرك شيئاً عن الزمان.

في حديث نبوي شريف، قال رسول الله- صلى الله عليه وسلم-: “لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان، فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة”.. رواه أحمد. إذاً، النبي الكريم يؤكد إمكانية تغير تدفق الزمن، وربط ذلك بقيام الساعة.

ونحن، اليوم، عندما نجد العلماء يؤكدون أن هذا الزمن يتغير، وأنه من الممكن أن يتقارب كما أنبأ النبي الكريم.. فهذا دليل على اقتراب الساعة.

مقالات ذات صلة
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!