الجزائر
"الشروق" ترافق المرضى وتقف على تحذيرات الأطباء

طوارئ في مصالح الاستعجالات بعد الإفطار

كريمة خلاص
  • 4683
  • 0
أرشيف

ساعات قليلة بعد الإفطار في شهر رمضان، تنقلب الأمور رأسا على عقب، بالنسبة لبعض المرضى المزمنين والصائمين المعتدين على معدتهم بـ”أبشع” طرق الإفطار.. أطعمة مشبّعة بالدهون والسكريات والملح والتهام لكميات كبيرة من الأكل في ظرف وجيز جدا ينتهي المطاف بأصحابها في مصالح الاستعجالات الطبية والجراحية وقد تكون بالنسبة للبعض نهاية الحياة…
كل هذه المخاطر الصحية للإفطار الخاطئ وللإصرار على الصوم رغم منع الأطباء يدركها الكثيرون لكن توصيات وإرشادات الأطباء، كما أكدوه لـ”الشروق”، تضرب عرض الحائط، فالأيام الأوّلى من رمضان لم تمر بردا وسلاما على كثير من المرضى المصابين بداء السكري الذين واجهوا تعقيدات حقيقية أوصلتهم المصالح الاستعجالية عبر مستشفيات الوطن، ومنهم من يخضع للاستشفاء إلى حين استقرار وضعه الصحي..
“الشروق”.. تنقلت إلى مستشفى ايسعد حساني ببني مسوس في العاصمة وزارت عددا من المصالح التي تهتم برعاية المرضى، حيث أجمع الأطباء الذين تحدثنا إليهم بأنّ التهاون والاستخفاف بالإرشادات المقدمة من قبل الأطباء هي أكثر ما يتسبب في تعقيدات صحية للمرضى أو المواطنين العاديين، كما لفتوا الانتباه إلى ظاهرة جديدة تتعلق بتناسي الأشخاص المسنين والأطفال أحيانا دون ماء وأحيانا دون وجبات أكل ما يجعلهم يصلون المستشفى في حالة حرجة..

التحضير للصوم يبدأ بأسابيع قبل رمضان
وفي هذا الإطار، أكد الدكتور تومي يوسف، طبيب مختص في طب الغدد والسكري بمستشفى بني مسوس، في تصريح لـ”الشروق”، أن مرض السكري يتطلب علاجا مدى الحياة وعلى المريض أن يدرك جميع الاحتياطات الواجب اتخاذها أثناء الصيام في حال السماح بذلك من قبل الطبيب.
وأوضح تومي أن “التحضير للصوم يجب أن يتم 4-5 أسابيع قبل رمضان يجب القيام بزيارة للطبيب لتقييم الحالة الصحية “حيث لاحظنا أن أغلب المرضى رغم منعهم يصرون على الصوم بنسبة تتجاوز 80 بالمائة فحتى مع شرح كثير من المخاطر إلا أنهم يريدون التجربة والمجازفة قبل الإفطار”.
وأضاف: “أن 13 معيارا وشرطا يحدّدون قرار الصوم من عدمه سواء بالنسبة للنوع الأول أو النوع الثاني فالنوع الأول الذي كان يمنع يمكنه الصوم بتحفظ كبير جدا أما النوع الثاني فيتبع جملة من التوجيهات في حال الترخيص بالصوم”. وكشف تومي عن استقبال عدد معتبر من المرضى في هذه الأيام الأولى من رمضان بسبب انخفاض مستوى السكر في الدم، وتدفقت حشود المرضى من مختلف المناطق المجاورة وأحيانا حتى من ولايات مجاورة قريبة.

إشراك الأئمة في التوعية
ويقول تومي: “يعتمد الأطباء في توجيه المرضى على الأئمة وهو ما ساعدهم نوعا ما في تقبل فكرة الإفطار، لذا أشركنا الأئمة في مختلف الحالات ونقول لهم إذا لم تكن مقتنعا فاسأل إمام المسجد وهنالك من المرضى من يعاند ويرغب بالتجربة التي قد تكون خاصة وصعبة بالنسبة لمن يفطرون للمرة الأولى”.
وأردف محدثنا أنّ الشباب أكثر المتعرضين للخطر ويجازفون بالصوم بالنسبة للمصابين بالنوع الأول، أما بالنسبة للنوع الثاني فنجد المسنين وهم في الغالب يحتاجون الاستشفاء كل حسب درجة الخطورة، فأحيانا نستقبل حالات تصر على الصوم وتحمل اعتقادات خاطئة عندما يكون السكر مرتفع في الدم إذ تواصل الصوم ظنا منها أنه سيساهم في خفض النسبة”.
وأكّد تومي على ضرورة قطع الصوم عندما يبلغ 0.7 أو عندما ترتفع أكثر من 3 غ، خاصة أنّ المضاعفات تخص الانخفاض والارتفاع في نسبة السكر في الدم، وقد يتسبب تراكم الحمض الكيتوني بالمعدة في غيبوبة وكذا جلطات بسبب تشكل الحصيات الدموية، وعليه ينصح أن يتناول مريض السكري أغذية صحية ووجبات متوازنة.

الأكل التدريجي بعد الإفطار لتفادي التعقيدات
من جانبه، أفاد البروفسور محمد الصالح حراوبية، رئيس مصلحة الاستعجالات الطبية الجراحية بمستشفى إيسعد حساني، بأن مصلحته تشهد تدفقا للشباب الذين يعانون مشاكل في البطن والجهاز الهضمي، وذلك بعد الإفطار بنحو ساعتين جراء الإفراط في الأكل الذي يعتدي على المعدة فيضر بها ويقود صاحبها للاستعجالات أين يقضي ساعات قبل التعافي وأحيانا يمتد الأمر ليومين أو ثلاثة.
وركّز حراوبية على ضرورة الأكل تدريجيا من الإفطار إلى غاية منتصف الليل وتجنب الأغذية الغنية بالدهون والسكريات، كون مرضى السكّري وارتفاع الضغط الدّموي يحتلون المرتبة الثانية في الحالات التي تصل الاستعجالات خاصة لدى الفئة العمرية التي يزيد سنها عن 50 عاما، محذرا من عواقب الإصرار على الصوم لاسيما لدى المسنين الذين استقبلت مصالحة حالات دخلت الغيبوبة ومنهم من هلك ومات.
أمّا الدكتورة حجّاز علجية، مختصة في الطب الداخلي بمستشفى بني مسوس، فأكّدت استقبال عديد المرضى خاصة في ساعات الإفطار ويتصدر قائمة المرضى الأشخاص الذين يعانون من آلام البطن والمشاكل الهضمية.. وهذا ناتج، بحسبها، عن الصيام لمدة طويلة تناهز 16 ساعة وبعد الإفطار يحدث “اعتداء” على المعدة نظرا للكمية الكبيرة التي يستهلكها المفطرون في وقت قصير جدا وهذا ما ينتج عنه أعراض مختلفة مثل التعب والتقيؤ والآلام.

عدم احترام مواعيد تناول الأدوية يتسبب في كوارث
الأمر الثاني الذي وقفنا عليه، تضيف المختصة، هو ما يعانيه بعض مرضى السكري والضغط الدموي الذين لا يحترمون مواعيد تناول الأدوية فيصومون طوال اليوم وفي المساء تنقلب عليهم الامور فيأتون الى المستشفيات في حالة خطيرة وأحيانا في غيبوبة.
وتحدثت حجّاز عن الأشخاص المسنين الذين يعانون في شهر رمضان من عدم توازن نسبة السكري في الدم، وربما بحكم السن المتقدم يعانون من عدة أمراض أخرى سواء لا يجب عليهم الصوم ويعاندون في ذلك أم ينساهم الأشخاص المحيطون بهم، فلا يقدمون لهم الكميات الكافية من الماء للجسم، وهو ما يؤدي بهم إلى الدخول في حالة غيبوبة.
وقدمت حجاز علجية جملة من النصائح للمرضى والمواطنين بشكل عام، أنّ رمضان هو شهر صحة يجب أن نستفيد منه ويرتاح فيه الجسم من اجل التخلص من كافة السموم ومن يعاني من ارتفاع الضغط والسكري يجد نفسه وعافيته في هذا الشهر الذي يجب أن يستعيد صبغته الروحانية والتعبدية واتباع نصائح الطبيب خاصة للمرضى الذي يمنعهم الطبيب من الصوم، وعدم تناسي الأشخاص المسنين والأطفال في العائلة التي يجب أن تحرص على تقديم الأكل في وقته مثل سائر الأيام كي لا نؤدي بهم إلى التهلكة.

مقالات ذات صلة