-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
أسماء خالدة

صونيا.. أيقونة المسرح الجميل

فاروق كداش
  • 380
  • 0
صونيا.. أيقونة المسرح الجميل

من ممثلات الزمن الجميل، عملاقة مسرح تهابها الخشبة حين تسمع قرع أقدامها، فهي تدري أنها ستهتز وترتعد من تصفيقات الجمهور، اسم احترف التمثيل وكابد الأزمات، فلم يسافر بعيدا عن بلده في الشدائد، وبقى يروي واقعا وخيالا ويحيي نصوصا ورقية إلى أحاسيس ومشاعر. الشروق العربي، تستعيد سيرة الممثلة الراحلة، صونيا، في ذكرى رحيلها.

اسمها الحقيقي سكينة مكيو، من مواليد 31 جويلية 1953، في الميلية بولاية جيجل، ولجت مجال التمثيل في عمر السابعة عشرة، وتخرجت عام 1973 من معهد التكوين الدرامي ببرج الكيفان، وكانت دفعتها تضم 4 فتيات فقط. معهد عادت إليه مديرة بعد سنوات.

رفض أهلها امتهانها التمثيل، خاصة والدها، الذي هددها إن لم تغير رأيها. رغم مقاطعته لها، أصرت صونيا على أن تصنع اسما محترفا مثقفا، طريقها كان محفوفا بالضغوطات والعراقيل، خاصة رفض والدها الذي كان يحز في نفسها، إلا أنه قبل وفاته بثلاثة أشهر تصالح مع ابنته.

بدأت صونيا مشوارها في زمن لم يعهد فيه المجتمع الجزائري أن يرى نساء على خشبة المسرح أو في التلفزيون أو السينما.

أول عمل مهم لها في الفن الرابع، كان في مسرحية “لنعبر العالم”، الذي عبرنا رفقة أسماء صارت لامعة في ما بعد، مثل محمد فلاق وحميد رماض.. ولم تكن تبلغ العشرين بعد، بعدها قدم الثلاثي مسرحية “السوسة”، في مسرح الموقار، بحضور سيد أحمد أقومي، الذي كان يشغل منصب مدير مسرح عنابة، فأمر بتوظيفهم. بعدها، عادت صونيا إلى العاصمة لتنضم إلى فرقة المسرح الوطني.

صونيا تعود هذا الأسبوع

قدمت صونيا طيلة حياتها الفنية أكثر من خمسين مسرحية، ربما أهمها “قالوا العرب قالوا”، المقتبسة من مسرحية “المهرج”، للكاتب السوري محمد الماغوت، ومسرحية “الشهداء يعودون هذا الأسبوع” المقتبسة من نص للكاتب الطاهر وطار، ومسرحية “بابور غرق”.

نعت صونيا ما آلت إليه حال الجزائر في السنوات العصيبة، في مسرحية حضرية والحواس ووثقت بنصها وإخراجها حالة المجتمع الجزائري حينها.

في 1982، كتبت صونيا سيتاريو بعنوان “ثمن الصمت”، وهو مقتبس من قصة حياتها، وكان من المقرر أن تتحول إلى فيلم من إخراج رشيد ين حاج، لكن هذا المشروع لم ير النور.

في 1989، غادرت صونيا رفقة محمد بن قطاف وعياد زياني شريف وعز الدين ميجوبي، لتأسيس مسرح القلعة، الذي كان يقدم مسرحية كبيرة كل عام. من أهم ما قدم هذا المسرح، مسرحية العيطة وألف تحية لعرفية، ومسرحية الحب وبعد لمحمد فراح التي تقاسمت البطولة فيها مع الممثل سيد أحمد اقومي.

في 1990، كانت صونيا في ذروة فنها بمونودرام فاطمة لمحمد بن قطاف، من إنتاج مسرح القلعة، عمل لقي نجاحا جماهيريا ونقديا.

في 1992، إعصار صونيا يضرب من جديد بمسرحية يوميات امرأة آرقة من إنتاج مسرح العاصمة الصغير، وتتوالى الأعمال بعدها بمسرحية الأجواد عام 1995 ومسرحية أبن المرارة عام 1996.

إلى جانب التمثيل، أبدعت صونيا في الإخراج المسرحي، وقدمت عروضا مميزة بنصوص أكثر تميزا، من أهمها مسرحية الجميلات التي تروي نضال جميلات الجزائر جميلة بوحيرد، جميلة بوباشا وفضيلة ظريف وحسيبة بن بوعلي، وقد تم عرض هذا العمل الراقي في المسرح المحلي عز الدين مجوبي بعنابة.

شغلت السيدة صونيا مناصب مهمة، منها منصب مديرة المعهد العالي للفنون المسرحية، وكذلك مديرة مسرح سكيكدة الجهوي ثم مديرة مسرح عنابة الجهوي.

من بين إنجازات الراحلة صونيا، تأسيس المهرجان الوطني للمسرح النسوي عام 2012.. وكانت على رأس محافظة هذا المهرجان الخاص أربع سنوات متتالية، قبل أن تتقاعد عن العمل عام 2016.

تزوجت فقيدة المسرح مرتين، الأولى مع الشاعر المصري أحمد فؤاد نجم في أثناء فترة نفيه إلى الجزائر. بعدها، انفصلت عنه، لترتبط لاحقا بالممثل الكبير سيد أحمد أقومي، وتنجب منه ابنتهما سامية مزيان أو لالة الزهور.

رحلت عنقاء المسرح الجزائري الذي يتجدد بين حين وحين من رماد المآسي، عن عمر يناهز الرابعة والستين، وشيعت بمقبرة دالي إبراهيم بالعاصمة، بعد أن جابت مسارح الجزائر كلها.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!