-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
باريس تدفع للتدخل العسكري عبر "إيكواس" والثانية تحذر

صدام مواقف بين فرنسا والجزائر في التعاطي مع انقلاب النيجر

محمد مسلم
  • 5583
  • 0
صدام مواقف بين فرنسا والجزائر في التعاطي مع انقلاب النيجر
أرشيف

بعدما كان الخلاف بين الجزائر وفرنسا بينا في بعض الملفات التي تخص العلاقات الثنائية، يمكن رصد تمدد هذا الخلاف ليشمل الوضع في منطقة الساحل، وبالضبط في دولة النيجر التي تعيش أحدث انقلاب في المنطقة، ليلحق هذا البلد بنادي الدول المحكومة بانقلابات عسكرية، مثل مالي وبوركينافاسو وغينيا.
فالانقلابات تتوالى والسبب السياسة الخارجية لفرنسا في المنطقة، والتي لا تزال تحركها عقد الماضي الاستعماري الذي انقضى وزال، فيما يبقى الكيدورسي (الخارجية الفرنسية) حائرا في التعاطي مع التطورات الجديدة في المنطقة، والتي تؤكد كل المؤشرات على أنها تأتي على حساب المصالح الفرنسية في المنطقة.
ومع استمرار تمسك العسكريين في الجارة الجنوبية للجزائر بالمضي في مشروعهم الانقلابي، يطرح لأول مرة خيار التدخل العسكري بهدف إعادة الشرعية في نيامي، من قبل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “الإيكواس”، التي تعتبر أداة بيد فرنسا في المنطقة، في خيار يصب في اتجاه الحفاظ على المصالح الفرنسية في هذا البلد الفقير والجريح.
ولأن الجزائر تراقب الوضع عن قرب باعتبارها معنية بما يحدث في جارتها الجنوبية للعديد من الاعتبارات، فقد سارعت إلى التحذير من مغبة التدخل العسكري الأجنبي في هذا البلد، لكن من دون أن تتنازل عن مطلبها الرئيس الذي عبرت عنه منذ الساعات الأولى للانقلاب، والمتمثل في العودة إلى النظام الدستوري.
الموقف الجزائري تضمنته برقية لوكالة الأنباء الجزائرية زوال الثلاثاء الفاتح من أوت 2023، وقد حرص على وضع النقاط على الحروف: “تجدد الجزائر تمسكها العميق بالعودة إلى النظام الدستوري بالنيجر واحترام متطلبات دولة القانون. وفي هذا الصدد، تؤكد الحكومة الجزائرية مجددا دعمها للسيد محمد بازوم كرئيس شرعي لجمهورية النيجر”.
وأضافت: “ينبغي أن تتحقق هذه العودة إلى النظام الدستوري، بواسطة وسائل سلمية من شأنها أن تجنب النيجر الشقيق والمنطقة ككل تصاعد وتيرة انعدام الأمن والاستقرار، وتجنب شعوبنا المزيد من المحن والمآسي”، كما “تدعو إلى الحذر وإلى ضبط النفس أمام نوايا التدخل العسكري الأجنبي التي تعتبر للأسف خيارات غير مستبعدة ويمكن اللجوء إليها، غير أنها لا تمثل سوى عوامل تعقد وتزيد من خطورة الأزمة الحالية”.
واتهم المجلس العسكري الذي أطاح بالرئيس المنتخب في النيجر، حكومة بازوم المعزول، بتوقيع تفويض لفرنسا بهدف تحريره بالقوة العسكرية، وهو الاتهام الذي جاء على لسان المتحدث باسم المجلس العسكري، العقيد أمادو عبد الرحمن، بثها التلفزيون الرسمي النيجري، وقال إن وزير الخارجية (التابع لحكومة بازوم) حسومي مسعودو، القائم بأعمال رئيس الوزراء، وقّع التفويض.
وردا على هذا الاتهام، سارعت وزيرة الخارجية الفرنسية كاترين كولونا، الاثنين، إلى نفي اتهامات تلك الاتهامات، وقالت في تصريح لقناة “بي إف إم تي في” الفرنسية، إن “هذا خطأ”، لكنها شددت على ضرورة إعادة الرئيس محمد بازوم إلى منصبه، واعتبرت ذلك أمرا “ممكنا”.
وتعرضت المصالح الفرنسية في النيجر للاستهداف من قبل متظاهرين نيجريين مؤدين للانقلاب، حيث هوجمت السفارة وهشمت أبوابها ونوافذها، ورفعوا شعارات تطالب بإنهاء الوجود الفرنسي في بلادهم، علما أن باريس كانت قد رحلت ما يناهز الـ1500 جندي من دولتي مالي وبوركينافاسو المجاورين بطلب من مسؤوليهما، إلى النيجر، التي تعتبر مصدرا كبيرا للمنشآت النووية على صعيد التزود باليورانيوم.
وجاء تحذير الجزائر من التدخل العسكري في النيجر، ليتميز عن الموقف الفرنسي الذي شابه الكثير من الغموض بعد البيان الذي صدر عن قصر الإيليزي بعد استهداف السفارة الفرنسية في نيامي من قبل المتظاهرين، والذي هدد بأن ماكرون “لن يتسامح” مع أي هجوم ضد بلاده ومصالحها في النيجر، وسيكون رده “فوريا وحازما”.
وتتمسك الجزائر بشرط عودة الشرعية الدستورية إلى النيجر، غير أن الجانب الفرنسي يتظاهر برفض التدخل العسكري، لكنه يحرك أذرعه في مجموعة “إيكواس” من أجل تفعيل خيار التدخل العسكري لوقف سيناريو سقوط أحجار الدومينو، التي أتت على المصالح الفرنسية في المنطقة.
ومن شأن حصول تدخل عسكري في النيجر أن يريح الجانب الفرنسي على صعيد تعزيز فرص عدم حصول انقلابات أخرى ومن ثم استمرار النفوذ الفرنسي في المنطقة، غير أن تداعيات التدخل العسكري ستكون سلبية على الجزائر خاصة، باعتبارها الدولة الوحيدة التي بقيت صامدة أمام المناورات التي استهدفت المنطقة منذ سقوط نظام الزعيم الليبي، معمر القذافي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!