الجزائر
أكدت استمرار التبعية للغاز الجزائري 11 سنة على الأقل

صحيفة إسبانية: لهذه الأسباب ستدفع مدريد الثمن غاليا للجزائر

حسان حويشة
  • 48153
  • 0
أرشيف

“الجزائر ليست في عجلة من أمرها لجعل إسبانيا تدفع ثمنا غاليا نظير موقفها المنقلب من قضية الصحراء الغربية، لأن تبعيتها للغاز الجزائري ستستمر على الأقل حتى عام 2035”.
هكذا علقت صحيفة “إل ناثيونال” الإسبانية على وضعية العلاقات بين مدريد والجزائر في أعقاب الموقف المنقلب من قضية الصحراء الغربية الذي أعلن عنه رئيس الحكومة بيدرو سانشيث في مارس 2022 وإعلانه دعم الطرح المخزني المتعلق بالحكم الذاتي.
وأوضحت الصحيفة أن الحكومة الجزائرية، ورغم انزعاجها الشديد من إعادة تموقع إسبانيا في قضية الصحراء الغربية، إلا أن حكومة بيدرو سانشيز تعرف أنها أعدت بنفسها هدية للجزائر وستجنيها قريبا.
وقالت في هذا الصدد “الجزائر، وهي منتج رئيسي للغاز، ستكون المستفيد الأكبر من القرار غير الملائم سياسيا واقتصاديا، والذي سيضع حدا لصناعة إنتاج الكهرباء النووية في إسبانيا بحلول سنة 2035”.
وكما هو معلوم، فإن حكومة مدريد اعتمدت مخططا للتخلص التدريجي من مفاعلات الطاقة النووية بشكل نهائي بحلول العام 2035، وبدأت أولى عمليات تفكيك هذا النوع من المحطات في جوان 2022، من خلال مفاعل زوريتا الذي تبلغ طاقته 142 ميغاواط.
واعتبرت الصحيفة في تقريرها الصادر، الإثنين 10 جوان 2024، أنه مع استكمال مخطط تفكيك المفاعلات النووية في البلاد، سيبقى نظام الطاقة الإسباني في حاجة إلى قدرات احتياطية، وهي ليست سوى تلك التي تضمن الإمداد عندما تفشل أنظمة الطاقة المتجددة في إنتاج الطاقة في ظل عدم وجود مرافق تخزين كافية، مشددة على أنه لن يكون هناك سوى محطات الطاقة التي تعمل بالغاز.
وقالت في هذا الصدد “هم على دراية بهذا الوضع في الجزائر، ولهذا السبب فإن رد فعلهم على الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة الإسبانية فيما يتعلق بالمغرب العربي لم تكن بتلك الحفيظة التي كانت متوقعة”.
واعتبرت الصحيفة أن موقف الجزائر واضح بهذا الخصوص، ويبدو أنه يتفق حسبها مع إيكونوكلياريس، وهي جمعية إسبانية تهتم بالدفاع عن استخدام الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء، حينما أكد على أن قبل بضعة أسابيع أن الغاز هو العنصر الأساسي في عملية الانتقال الطاقوي.
ورأت أن الجزائر الغنية بالغاز والمزودة لأوروبا منذ بداية الحرب في أوكرانيا، لديها هدف، وقد أعلنت عن ذلك في منتدى رؤساء الدول المصدرة للغاز الذي عُقد في الجزائر العاصمة في نهاية شهر فيفري 2024، وهو “خلق مساحة للحفاظ على الغاز الطبيعي كوقود منخفض التلوث ضروري للانتقال الطاقوي”.
وشددت الصحيفة على أنه في ظل غياب مشاريع لبناء ما يكفي من أنظمة الضخ الهيدروليكية لضمان مزيج من الطاقة يعتمد فقط على الطاقات المتجددة، وفي غياب محطات الطاقة الحرارية ومع وجود محطات الطاقة النووية المحكوم بالتفكيك، فإن دولا مثل إسبانيا ليس لديها بديل سوى محطات الطاقة التي تعمل بالغاز لضمان إمدادات مستمرة.
وخلصت إلى أن وقت دور الجزائر سيأتي لا محال، بالنظر لكون البلد العربي ممونا رئيسيا بالغاز، لكن دورها سيتعاظم أكثر من الوضع الحالي، ليس بسبب مكانة إسبانيا كقوة لها إمكانات إعادة الغاز المسال إلى حالته الغازية (التغوير) وإعادة توزيع الطاقة التي تزود أوروبا بأكملها، ولكن بسبب الاحتياجات الاسبانية فيما يتعلق بالغاز والطاقة.
وأشارت “إل ناثيونال” إلى أن السلطات الجزائر وجهت تحذيرا صريحا من أنهم لن يتسامحوا مع متر مكعب إضافي واحد من غازهم ينتهي به المطاف في المغرب، الذي يعتبر إحدى وجهات صادرات الغاز الإسبانية.
وخلصت صحيفة “إل ناثيونال” إلى أنه في الجزائر وهي واحدة من أكثر الدول استقرارا في العالم العربي، هناك إدراك تام بأنه من بين كل البدائل المتاحة لإمداد اسبانيا بالغاز، فإن البديل الجزائري هو الأحسن والأفضل على الإطلاق، بالنظر لكون الجزائر تتوفر على أكبر احتياطي غازي في القارة الإفريقية ويتواجد بحقل حاسي الرمل، إضافة إلى كون هذا المصدر الطاقوي يتسبب في انبعاثات أقل من غاز ثاني أكسيد الكربون مقارنة بالفحم والبترول.
ونقلت الصحيفة تعليق جمعية “إيكونوكلياريس” الإسبانية المدافعة عن استخدام الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء “إذا تم غلق المحطات النووية سندفع نحن الإسبان ثمنا باهظا للكهرباء وسنكون خاضعين لجهات أجنبية”.
وأضافت “الجزائر التي أساءت حكومة بيدرو سانشيث معاملتها ستحاول حتما تحصيل ديونها”، في إشارة إلى رد الصاع صاعين لحكومة مدريد، وسيكون ذلك باليورو.
وختمت “إل ناثيونال” بالتأكيد على أن تغيير موقف حكومة سانشيث من قضية الصحراء الغربية سيكون لا محالة في فائدة الجزائر، فمن جهة تبعية اسبانيا للغاز الجزائري ستستمر، ولذلك المعركة الحقيقية ستلعب بعد 11 سنة من الآن، في إشارة لإنهاء الاعتماد على الطاقة النووية عام 2035.

مقالات ذات صلة