-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
في اليوم الأخير للمحاكمة.. القاضي وجها لوجه مع صحراوي:

“شيّدتم إمبراطوريات بأموال الفساد وأنتم حيتان نهشت الاقتصاد”

نوارة باشوش
  • 3941
  • 0
“شيّدتم إمبراطوريات بأموال الفساد وأنتم حيتان نهشت الاقتصاد”
أرشيف

استهجن قاضي الفرع الثالث لدى القطب الاقتصادي والمالي بسيدي أمحمد، في آخر يوم لمحاكمة الفساد المعنونة بـ”الامتيازات العقارية وقروض خيالية تحت غطاء الاستثمار في الجنوب”، ما صدر على لسان رجل الأعمال عبد المالك صحراوي وإخوته طيلة المحاكمة، والتي يمكن توصيفها على أنها منّ منهم على الجزائر واقتصادها الوطني، وهم الذين لم يكونوا معروفين قبل سنة 2005، وهي السنة التي تحصّلوا خلالها على قروض بالملايير من الأموال العمومية، وبالرغم من تلك القروض الكبيرة، لم ينجزوا ما يشفع لهم مقابل الامتيازات التي حصلوا عليها على شاكلة “عدد من الحيتان الذين نهشوا على مدى عقود من الزمن جسد الاقتصاد الجزائري واقتاتوا من عظامه حد التخمة” وشيّدوا “إمبراطوريات مال وأعمال بلبنات من الفساد الممنهج والمستتر بغطاء الاستثمار”، وخاطبهم القاضي بأسئلة استنكارية: أين هي مشاريعكم على أرض الواقع التي أخذتم من أجلها أموال الشعب ولم تردوها؟ .
وخاطب القاضي المتهم الرئيسي في ملف الحال عبد المالك صحراوي: “ملاحظة صغيرة فقط، كنت أنتظر طيلة هذه المحاكمة أن تعدّدوا لنا مشاريعكم على أرض الواقع، لكن في آخر المطاف، فإن شركاتكم والإنتاج الذي تتحدثون عنه كان بفضل قروض البنوك العمومية ولم تتحدّثوا عن إنجازاتكم الملموسة مقارنة بحجم الأموال التي استفدتم منها”.
وفي هذه الأثناء، يطلب المتهم صحراوي مراد إعطاءه كلمة ليمنحها القاضي بكل حرية ليقول: “سيدي الرئيس، الحمد لله، فنحن اليوم وقبل اليوم وغدا لنا النية الصافية في خدمة بلادنا وقد وقفنا وسنقف وقفة رجال أحرار، وكل إنجازاتنا كانت للجزائر وحتى “لو رانا نباتو برا”، فنحن في بلادنا، نحن فلاحون واستثمرنا في الفلاحة وقت الإرهاب وحاربنا من أجل العمال وهدفنا واضح: الجزائر ثم الجزائر”.
وعدّد المتهم صحراوي استثماراتهم “سيدي الرئيس، إستفادتنا من امتيازات فلاحية وصناعية وقروض بنكية كان الهدف منها إقامة مشاريع مشتركة وغير مجزأة، بهدف المساهمة في دفع عجلة الاقتصاد الوطني إلى الأمام، على شاكلة “فود بلادي” هذا المشروع الذي يهدف إلى تربية الأبقار ومن ثمّ، إنتاج الحليب، كما كان لدينا مشروع استيراد 6 آلاف بقرة تتناسب مع الظروف المناخية السائدة في ولاية البيض، وقد خططنا للوصول إلى 20 ألف بقرة في غضون 4 سنوات عن طريق التكاثر الناتج عن العدد الأول المستورد، 6 آلاف بقرة حلوب التي سننتج ما يعادل 800 ألف لتر يوميا وهو ما سيساهم في تلبية احتياجات السوق من الحليب، ناهيك عن إنتاج الذرة والذرة العلفية بقدرات تتجاوز الـ120 ألف طن سنويا”.
القاضي يقاطعه: “نعم، لكن بأموال الدولة، وماذا عن ذمتكم المالية قبل سنة 2005؟ وما هي الشركات والمصانع والاستثمارات التي قمت بإنجازها على أرض الواقع؟” ليحدّد تاريخ 22 نوفمبر الجاري يوما للنطق بالأحكام في قضية الحال.
وبعد غلق باب مرافعات ودفوع المحامين، الذين أجمعوا على السير الجيّد للمحاكمة طيلة 4 أيام كاملة، وأثنوا على جهود القاضي ووكيل الجمهورية، في الإطلاع وتمحيص والتدقيق في كل كبيرة وصغيرة تضمنها أمر الإحالة، منح القاضي وفقا للمادة 353 من قانون الإجراءات الجزائية للمتهمين الكلمة الأخيرة، فطالبوا بإسقاط التهم الموجّهة إليهم وتبرئة ساحتهم، ليحدّد رئيس الجلسة يوم 22 نوفمبر تاريخا للنطق بالأحكام في قضية الحال.

هيئة الدفاع:
القروض الممنوحة لعائلة صحراوي في الحفظ والصون
شدّدت هيئة الدفاع عن رجل الأعمال عبد المالك صحراوي وإخوته، على أن ملف المحاكمة تم تضخيمه بداية من الطلب الافتتاحي إلى مراحل التحقيق، وصولا إلى الأمر بالإحالة لينتهي بتحطيم عائلة بأكملها وجرها إلى مقصلة القضاء، ولسان حالهم يردّد “نحن أبناء الجزائر ولا بلاد لنا غير الجزائر “.
واستهل المحامي حركاتي مرافعته بالقول: “سيدي الرئيس، ملف الحال بني على محاضر الضبطية القضائية وتصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع، ولكن في آخر المطاف يجب تحديد المسؤولية لكل متابع في القضية”.
وتطرق المحامي حركاتي إلى الرخص البنكية والقروض محل وقائع الحال وقال: “سيدي الرئيس، لا يخفى على المحكمة، أن هذا النزاع هو حاليا مطروح أمام المحكمة التجارية التي عينت خبيرا، وبالمقابل، تأسّس البنك طرفا مدنيا وطلب تعويض 30 مليون دينار، فهل يجوز أن يكون هناك متابعات على مستوى محكمتين: التجارية والجزائية؟ لا سيدي الرئيس، القانون واضح ولا يجوز ذلك”.
وانتقل المتحدث إلى جريمة تبييض الأموال قائلا: “الإخوة صحراوي تم متابعتهم بتبييض الأموال، فكما جاء على لسان الجميع، فإن موكلينا قدّموا الضمانات اللازمة للبنوك مقابل حصولهم على قروض بنكية، ومعلوم أن القرض البنكي قائم على المخاط، كما أن الضمان يستأنس به فقط”.
وخاطب الأستاذ حركاتي هيئة محكمة القطب: “باختصار شديد، القروض الممنوحة لشركات صحراوي هي في الحفظ والصون”، متسائلا: “لماذا لا توجد الخبرة في ملف الحال، ما دام التحقيق تقني وفني بحت، بل أكثر من ذلك، كيف يتم تكرار السؤال التالي منذ بداية المحاكمة: هل تعرف فلانا، وهل لك علاقة أو اتصال مع فلان؟ فهل معرفة فلان يعتبر جريمة؟ استظهروا لنا نص المادة القانونية التي تقول ذلك! سيدي الرئيس، الاستثمار ضخم ويجب أن ترافقه البنوك والإدارة والعمال، وغير ذلك، والله شيء عجيب”.

“صحراوي” يد من الأيادي الجزائرية..
من جانبه، رافع المحامي علي بوعوينة عبد الرحمان، بقوة من أجل إسقاط التهم الموجهة للإخوة صحراوي من خلال دعم مرافعته بتقديم الأدلة والوثائق لهيئة محكمة القطب، وخاض في كل تفاصيل الوقائع المتابع فيها موكليه ودقق في كل شاردة وواردة في محاولة لإقناع هيئة المحكمة بأن “الإخوة صحراوي” هدفهم الوحيد هو “تحويل الصحراء الجزائرية إلى جنة الله في الأرض”.
وقال الأستاذ علي بوعوينة “سيدي الرئيس الإخوة، صحراوي تساءلوا وبصوت واحد: لماذا نحن هنا؟ لأنه ببساطة ملف الحال تم تضخيمه بطريقة رهيبة إلى درجة وصف العائلة بـ”العصابة” والقوة الضاغطة بالرغم من أنهم فلاحون وتربوا وترعرعوا في الأرض، لكن نية تحطيم استصلاح أراضي البور وتحقيق الأمن الغذائي وتقليص فاتورة الاستيراد للقمح والذرة وغير ذلك واضحة للعيان، بالرغم من الآلاف من العائلات التي تسترزق في شركات ومجمعات صحراوي”.
وعاد المتحدث إلى تفاصيل انطلاق التحقيق، حينما قال “سيدي الرئيس قرابة عام ونحن في حرب قضائية، في ملف الحال طلبات، ردود، استئنافات… لكن للأسف الشديد نحال اليوم أمامكم نحاكم في ملف تم “فبركته” بامتياز.. فما هو مصدر الملف وكيف انطلقت المتابعة؟ نعم سيدي الرئيس التحقيق انطلق على خلفية رسائل مجهولة مضمونها أن صحراوي عبد المالك يملك 70 شركة على المستوى الوطني معظمها لا تمارس أي نشاط بل هي حبر على ورق، وهذا الأمر غير صحيح ولا أساس له من الصحة وهذا ما توصلت إليه تحقيقات الشرطة وفصيلة الأبحاث التابعة للدرك الوطني”. وتابع المحامي علي بعوينة “سيدي الرئيس ذنب الإخوة صحراوي أنهم فلاحون وقالوا نحن يد من الأيادي الجزائرية، وتحصلوا على العقارات الفلاحية والصناعية وفقا للقانون، كما لا يوجد أي تجاوز في استفادتهم من القروض ، لأن في حقيقة الأمر وبالأدلة والقرائن التي سنقدمها لكم فإن البنك لم يقدم أي امتياز للإخوة صحراوي بل بالعكس هو من استفاد وجنى فوائد وأرباح تتجاوز سقف 21 مليار جزائري في ظرف 10 سنوات فقط”.
وبخصوص استفادة الإخوة صحراوي من قروض دون ترخيص، أوضح الدفاع أنه “لا يوجد أي قرض تم منحه دون تقديم ضمانات، سواء شركة “سيتر غاز” أو غيرها من الشركات وهذا رغم المعدات والمشاريع المموّلة، بمعنى أن مبالغ القروض كانت مقابل ضمانات “تكافلية” وحتى كان هناك “تسديدٌ جماعي” للقروض..”
وعدَّد الأستاذ علي بوعينة مشاريع الإخوة صحراوي التي أطلق عليها “ملحمة الاقتصاد الجزائري”، قائلا: “سيدي الرئيس أربعة مشاريع كبرى كانت ستُحدث ثورة اقتصادية في الجزائر على غرار “مشروع النهضة” مع الأمريكيين، مشروع “الأبيض” بولاية البيض ومشروع “المصباح” بمنطقة مصباح بولاية سعيدة الخاص بزيت الزيتون إلى جانب مشروع “الوهراني” بين ولايتي معسكر ووهران، فضلا عن قدرات إنتاج القمح التي تفوق 250 ألف قنطار سنويا مع قدرات تخزين ومعالجة الحبوب بـ600 ألف قنطار مع أكثر من 15 ألف هكتار مزروعة، مقابل إنتاج الذرة والذرة العلفية بقدرات تتجاوز 120 ألف طن سنويا وتمويل نحو 50 بالمائة من الاحتياجات الوطنية، وعلى سبيل المثال لا الحصر تموين أهم منتجي الحليب ومشتقاته بالأعلاف على “دانون وحضنة وغيرها”، زد إلى ذلك إنتاج دور الشمس والسلجم الزيتي بنحو 3000 هكتار سنويا إلى جانب استصلاح وزراعة أكثر من 15 ألف هكتار مع التهيئة وأشغال الري، وكذا 200 بئر إرتوازية و200 معدات الري المحوري الحديثة، وحاليا هم في الخدمة، وكذا تجهيز جزء كبير من المعدات بالطاقة الشمسية والطاقات المتجددة وغيرها”..
ورجع الدفاع إلى واقعة بناء مسجد “القطب” واكتفى بالقول “نيّتهم كانت واضحة وهي بناء مسجد لعبادة الله ولوجهه الكريم.. فالدولة الجزائرية لو رأت أن هؤلاء لصوص لما تعاملت معهم”، واصفا طلبات الخزينة العمومية بتعويضات تقر بـ5 آلاف مليار سنتيم بأنها “ضرب من الخيال”، مذكرا بالحالة الاجتماعية للإخوة صحراوي بعد أن تم حجز بيوتهم العائلية خاصة زوجة المتهم الرئيسي عبد المالك صحراوي التي قال عنها “هي وابنها في الشارع”..
بدوره، أكّد دفاع شركة “مقاولتي برومسكارا ” المملوكة لوليد صحراوي المحامي نجم الدين بن سعدي أنّ الشركة لا علاقة لها بدعوى الحال والمتهمين والشركات باعتبار أن المسير صحراوي وليد لم يكن إطلاقا شريكا أو مساهما في أي شركة من الشركات المتابعة اليوم، مشيرا إلى أن الأمر بالإحالة استثنى الشركة من التهم المنسوبة إليها، ملتمسا من هيئة المحكمة تبرئة موكلته مع إنهاء مهام المتصرف القضائي ورفع الحجز الصادر عن قاضي التحقيق في حقها.
من جهتها، أكدت المحامية جميلة قاسمي المتأسسة في حق شركة ” تيزي فروا” لمسيرها “ب. قدور” أن الشركة لا علاقة لها بوقائع دعوى الحال ولا علاقة لها بالمتهمين المتابعين سواء الإخوة صحراوي أو شركاتهم، وأوضحت أن مالك الشركة ومسيرها ليس متهما في وقائع المتابعة الحالية.
وقالت الأستاذة قاسمي: “شركة “تيزي فروا” تم إنشاؤها بتاريخ 17 أوت 2021 وتم تسجيلها بالمركز الوطني للسجل التجاري الفرع المحلي لولاية وهران، حيث لها سجل تجاري خاص بها يفيد بأن الشخص الوحيد “ب. قدور” هو مسيرها وهو بطبيعة الحال لا تربطها علاقة بملف الدعوى الحالي لا من قريب ولا من بعيد، ومن هذا المنطلق نلتمس منكم سيدي الرئيس الحكم ببراءتها من كل التهم المتابعة بها”.

موكلي لا ناقة ولا جمل له في القضية
دعّم محامي الدفاع عن الرئيس المدير العام السابق للبنك الخارجي الجزائري، “إ.س” الأستاذ حسين بلمومة مرافعته بتقديم كل الوثائق والمستندات والأدلة التي من شأنها إسقاط التهم عن موكله المتابع بجنحتي تبديد أموال عمومية واستغلال الوظيفة.
وقال المحامي بلمومة “سيدي الرئيس أبدأ مرافعتي، حيث انتهت مرافعة النيابة التي التمست في حق موكلي الذي ترأس البنك الخارجي الجزائري من سنة 2017 إلى غاية سنة 2019، 5 سنوات كاملة في وقائع لا ناقة ولا جمل فيها، والأدهى أن ممثل الحق العام وخلال مرافعته قال إن المتهم خاطر بأموال البنك.. هل هل قدمت النيابة لنا أي دليل على هذا الخطر؟ وهل قدمت دليلا على منح موكلي القروض؟ وهل قدمت لنا الضرر الذي تسبب فيه؟ لا سيدي الرئيس لا شيء من هذا القبيل”.
وفصّل الدفاع في أنواع القروض التي تقدمها البنوك ومراحل الموافقة على المنح، قائلا: “هناك نوعان من القروض؛ هناك قروض استهلاك وقروض استغلال.. فهل موكلي قام بتمكين صحراوي من هذين القرضين؟ لا بالعكس “س. إبراهيم” قام بالتجديد فقط، باعتبار أن لجنة القروض هي التي تمنح القرض مقابل تقديم ضمانات”.
وأضاف “سيدي الرئيس موكلي متابعٌ في ملف الحال على أساس تصريحات أدلى بها مدير الوكالة، ونحن قدَّمنا طلبا لقاضي التحقيق من أجل إجراء مواجهة مع هذا الشاهد، الذي قال إن التجاوزات التي حدثت كانت بسبب الرئيس المدير العامّ للبنك، فإن كان ذلك تمام، فما هو دور مدير جهوي ومدير وكالة؟ وما جدوى وجود مديرية القروض التي تراسل المديرية الجهوية؟ وأين هؤلاء من متابعة اليوم؟ نعم سيدي الرئيس أين هم هؤلاء في مجريات هذه المحاكمة؟”.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!