الرأي

شكرا مخلوفي!

قادة بن عمار
  • 2887
  • 0

بقدر الفرحة الكبيرة والسعادة الغامرة التي أدخلها البطل الأولمبي توفيق مخلوفي في نفوس الجزائريين، فإن أكثر الفرحين والمرحبين بذلك الانجاز الرياضي الكبير، ليسوا فقط المواطنين البسطاء، ولا حتى عائلة مخلوفي نفسه، بل إنهم أعضاء اللجنة الأولمبية ومن يقف وراءها!

السلطة تحتاج لأي شيء وتنتظر كل فرصة، من أجل إلهاء الجزائريين بالفرح المؤقت، وحتى تنسيهم سياستها الفاشلة والداعية حاليا لمزيد من التقشف!

ربما حصول مخلوفي على ميدالية واحدة هو ترجمة أخرى لسياسة التقشف التي تنتهجها هذه السلطة، والتي تحاول أن تختزل كل شيء، في الكهرباء، وفرص العمل والسكن، والاستثمار، وحتى التقشف في الفرح بالنتائج الرياضية الكبيرة والانجازات الأولمبية!

وعلى هذا الأساس فإن اللجنة الأولمبية تكون قد التزمت تماما بسياسة الحكومة، ولم تخرج عنها، وهي كانت تدرك منذ الأول، أنها بحاجة إلى نجاح واحد حتى تواجه المنتقدين والمهاجمين لها بصدر مفتوح، وطبعا، لن يكتمل المشهد دون التوظيف الشعبوي للفرح، من خلال ربط مقال صحفي نشرته الدايلي تلغراف هذه المرة، وأساءت من خلاله للنشيد الوطني، للقول إن “قسما” زلزل لندن بكاملها، ووصل صداه حتى قاعة التحرير للجريدة البريطانية التي تحولت فجأة، إلى العدو رقم واحد عند عموم الجزائريين، أو هكذا أرادت بعض الجهات ذلك، حتى تلهي الناس عن العدو الحقيقي المتمثل في من سمحوا بإهانة الجزائر ورموزها وما زاولوا في مناصبهم حتى الآن لم يتزحزحوا عنها أبدا ولا يفكرون بمغادرتها بتاتا عدوّنا هنا وليس في لندن أو حتى في باريس!

شكرا مخلوفي، الشاب الجزائري الأصيل، والذي سمعنا والده يتحدث للإذاعة الوطنية فيقول إن انتصار فلذة كبده هو فرحة للجزائر عموما وليس لعائلته فقط، ولكن مخلوفي لا يصلح أن يكون الشجرة التي تغطي غابة الفضائح والمهازل التي وقعت في الأولمبياد، ولا ينفع أن يكون مُسكّنا أو مخدرا لنسيان توالي سقوط الملاكمين كالذباب، وخروج معظم المتسابقين في الجيدو وغيرها من الرياضات، الواحد بعد الآخر، ناهيك عن فضيحة السرقة التي سمعنا تفسيرا غريبا عنها يردده البعض حين قال بأن كثرة الحديث عنها هدفه الإساءة للجزائر، وكأن من سرقوا في لندن ليسوا جزائريين بل من دولة الهونولولو الشقيقة!!

مخلوفي لا يصلح أن يكون غطاء لفضيحة المشاركة الجزائرية في لندن، ولكنهم سيجتهدون لفعل ذلك، من خلال استغلال نجاحه لتمرير مسألة محاسبتهم الضرورية، وطبعا سيخرجون علينا بالكثير من الشعارات والقصائد والتكريمات، وسيبحثون عن إسكات منتقديهم بترديد النشيد الوطني في لندن، صباح مساء، وكأن ذلك الانجاز الرياضي تحقق بسبب عبقريتهم وليس بإرادة مخلوفي، بتخطيطهم وليس بعزيمة هذا الشاب الذي كان عمره 8 سنوات فقط حين شاهد نور الدين مرسلي يحقق المعجزات ويرفع علم الجزائر عاليا في أكبر التجمعات.. ليبقى السؤال: تُرى كم من شاب أو طفل يشاهد مخلوفي الآن بفخر، ويتمنى أن يصل يوما لمستواه؟ والسؤال الأهم: هل سيتركونه ينفذ حلمه مثل مخلوفي أم أنهم سيمارسون عليه هوايتهم الدائمة في اغتيال الحلم ونشر الإحباط؟!

مقالات ذات صلة