الرأي

شكرا للوزير الفرنسي!

قادة بن عمار
  • 6745
  • 22

الوزير الفرنسي السابق، الذي قام بالرد على وزير المجاهدين عندنا بطريقة غير أخلاقية، هو وزير سافل، منحط، وقذر.. ولكن ماذا بعد؟!هل تكفي مقابلة الشتيمة بأخرى، لردّ كرامتنا المهدرة محليا قبل أن تكون دوليا أو من طرف الآخرين؟

الواقع أن الوزير الفرنسي يستحق الشكر والثناء لأنه “بحركة ذراعه” ساهم في إيقاظنا من سكرة الاحتفاء المفرط بخمسة أسطر أصدرها الرئيس فرانسوا هولاند حول مجازر الـ17 أكتوبر، وقابلها البعض عندنا، بالتهليل والتكبير وكأنهم حصلوا على اعتراف فرنسي كامل بالجرائم التي تمتد على مدار أزيد من قرن وثلاثين عاما، ولم تتوقف حتى يومنا هذا، ولكن بصناعة محلية، وأيدٍ لا تقلّ قذارة عن يد الوزير الفرنسي في حركته أمام الكاميرا!

شكرا للوزير الفرنسي لأنه فضح نفاق بلاده وحكومته في كيفية تعاملها مع مطلب الجزائريين بالاعتذار والاعتراف بجرائم الاستعمار، وبيّن أن تلك هي الطريقة الوحيدة والمفضلة التي يقابل بها المسؤولون في باريس نظراءهم الجزائريين حين يطلبون منهم مثل هذا الطلب التاريخي المهم، رغم أن الشعب ليس مسؤولا عن نوعية حكّامه الذين نشكك فعلا أنهم لم ينتبهوا لسلوك الوزير الفرنسي في السابق أو لم يطّلعوا عليه، ولكن ما باليد حيلة، طالما أن رموز حزب فرنسا في بلادنا، مازالوا بعد خمسين عاما يمسكون بمراكز القرار على أكثر من مستوى، ويؤثّرون سياسيا واقتصاديا وثقافيا، ولا غرابة أن تجدهم بعدها في مقدّمة صفوف المحتفلين بخمسينية استرجاع الاستقلال، أو في طليعة من يرفعون العلم الوطني في رياض الفتح ليلة الفاتح نوفمبر!

الوزير الفرنسي لم يقم بشيء سوى التعبير عن سياسة “الملابس” الداخلية لبلاده نحو الجزائر، والتي ما يزال يعتبرها البعض منّا تابعة لفرنسا، وإن تظاهر المسؤولون فيها بالحرية والسيادة، كما أن حالة الضياع محليا والتي تصل إلى مستوى الوقاحة في التعامل مع المواطنين، أكثر من وقاحة الوزير الفرنسي، لهي أكثر مدعاة للنقد والاستهجان من سلوك مستعمر سابق، ما يزال مثل التلميذ الغبي لا يحفظ الدرس ولا يستوعبه!

نتمنى حقا أن لا تخرج الحكومة عندنا للحديث عن كرامة شعبٍ وبلدٍ، طالما أن تلك الكرامة تم إهدارها في العديد من المرات، بالعراق، وألمانيا، فرنسا والولايات المتحدة وحتى في الصومال وشمال مالي، ألا يقال، من يهن يسهل الهوان عليه، ما لجرح بميّت إيلام؟!

لا مكن بأي حال من الأحوال الوثوق في ردّ قوي من طرف حكومتنا، طالما أن هذه الأخيرة لا تتجرأ على مقارعة الفعل بالفعل، ومن المؤكد أنها ستترفع “مشكورة” عن هذا السلوك قليل الأدب، وستركّز حديثها إعلاميا على أن الوزير الفرنسي لا يشغل منصبا حكوميا في الوقت الراهن، كما أن بعض أدعياء الأخلاق عندنا من السياسيين والمسؤولين سيخرجون علينا في الساعات المقبلة، ببيانات استنكار واستهجان وتنديد، يقولون فيها كل شيء ولا شيء في الوقت ذاته، قبل أن يُذكّرونا كالعادة -والذكرى تنفع المؤمنين- أن أخلاقنا وتاريخنا أكبر من الرد على فرنسا الاستعمارية ووزيرها السافل، المنحط والقذر؟!!

مقالات ذات صلة