-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

شكرا لكرة القدم!

قادة بن عمار
  • 5128
  • 16
شكرا لكرة القدم!

الطريقة التي يحتفل بها ومن خلالها الجزائريون بكرة القدم تجعلنا نعتقد بأن الجلد المنفوخ سيظل -وحتى إشعار آخر- المحرك الشعبي الوحيد والأول للبلاد والعباد، كما أن ملاعب كرة القدم ستبقى هي المعيار الأكثر دقة من جميع استبيانات الرأي وكل الإحصائيات العلمية لقياس شعبية أيّ زعيم سياسي مهما كان!

وفي هذا السياق، قال أحد إطارات الشرطة المتقاعدين ممن احتكوا بالملاعب والأنصار يوما، أن السلطة في الجزائر كانت ولاتزال تعتمد على هتافات هؤلاء من أجل معرفة شعبية هذا المسؤول أو ذاك، لدرجة أن رجلا سياسيا محنكا مثل أحمد أويحيى ظن أنه كسب تأييد جزء مهم داخل العسكر وحصل “ضمنيا” حتى على موافقة الرئيس بوتفليقة لخلافته، لكن “هتافات ضده” في الملعب، بسبب غلاء المعيشة وارتفاع سعر “البطاطا” أبعدته عن السرايا ووضعت على ملفه، ملاحظة بالخط الأحمر: “منبوذ في الملاعب” وشعبيته ضئيلة!!

بالمناسبة، فإن الأمر ليس مقتصرا على الجزائريين فحسب، فكمية الحزن التي شاهدناها على الفضائيات التونسية بمناسبة خروج فريقهم الوطني من سباق المونديال، أكبر بكثير من كل أحزان الشعب على ما آلت إليه أوضاع البلد الذي شهد أولى ثورات الربيع العربي، لا بل إن بعض “التوانسة” كان مستعدا لمسامحة حكومة النهضة، وربما حتى الديكتاتور الهارب زين العابدين بن علي، في مقابل تأهل المنتخب للبرازيل، لكن هيهات، فلا صفقة من هذا النوع في الأفق القريب!!

بالعودة إلى الجزائر، فإن عموم هذا الشعب الزوالي الطيّب، لم يتبق له في نهاية المطاف، من حرية رأي أو اعتراض حقيقي سوى ما يبديه على تشكيلة وحيد حاليلوزيتش، أو طريقة لعب بوڤرة وسليماني.. لكن لا اعتراض على الحكومات المتعاقبة ولا السياسات الفاشلة، أو الدبلوماسية المتعثرة، ولا حتى على البرامج الاقتصادية المعطلة أو الاحتكار النقابي والتحرش الإعلامي، لا اعتراض.. أو بتعبير أكثر دقة ومصداقية “لا جدوى من الاعتراض”.. بل إن التفكير في التأهل للمرة الرابعة نحو المونديال بات أكثر أهمية لدى عموم الجزائريين من العهدة الرابعة للرئيس!

صحيح أن بوتفليقة وعد الشعب يوما بتنظيم “كأسيّ عالم” في البلاد، وربما قال ذلك مفتخرا بحجم مداخيل البترول قبل الاصطدام بشبكات فساد منظمة، إلا أن تأشيرة البرازيل، ستكون كافية لإقناع الشعب بإضافة التأهل للمونديال إلى قائمة انجازات “فخامته”، تماما مثلما كانت أم درمان، موقعة وطنية بامتياز، دفعت البعض ممن عايشوا لحظة الاستقلال إلى القول بأنهم لم يشاهدوا فرحة شعبية كتلك إلا يوم خروج فرنسا من البلاد!

 

لكن لا لوم على الشعب، أن يفرح بالكرة في زمن اليأس الاجتماعي الشامل، والإحباط التام، حتى أن كثيرا من هؤلاء الشباب الذين يواجهون متاعب الحياة بشكل يومي، وعددهم بالملايين، باتوا يوفرون الفرحة “السجينة” والابتسامة المختطفة، لمباريات برشلونة والريال، فلا تفاجأ حينها أن ترى مناصرا يقفز فرحا لهدف ميسي أو رونالدو مهما كان هذا “الفرحان” بحدث كروي بعيد عنه، بطالا، أو مطرودا من الدراسة، أو حتى مشروع حراڤ، وعليه، فما بالك إذا كان الهدف “وطنيا بامتياز” ومؤهلا للبرازيل!

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
16
  • جزائري من الجنوب

    فعلا .لقد وضعت إصبعك على الجرح. فحتى نحن في الجنوب المنسي _ باقي مناطق الوطن_ فرحا الناس وعمت الفرحة وكأن حدثا كبير قد حصل.في حين ان من يحق لهم الفرح حقيقة هم من نجحت خططهم ولن يضطرو للتغييرها .عكس سينايريو مبارك وريثه.وستكشف الأيام القليلة القادمة صدق هذا الكلام بمراسيم وقوانين .تزيد من بؤس الفقاقير وتزيد بلة للطين. وتزيد في بعض الحسابات ملايير الدنانير

  • karimo

    و اخيرا ربحو خضاضير و فرحو فقاقير

  • عبد الكريم

    شكرا قادة بن عمار ..أصبت ..

  • كمال بوغارب

    بسم الله الرحمن الرحيم
    إختلط الحابل بالنابل
    ونزلت من الرأس غلى الرجل
    1،2،3 تحيا الجزائر
    معاك يالخضراء ديري حالة
    هذا هو شعار الع......................................4.

  • أمل

    أستاذي الفاضل هل تعتقد أن الشعب الجزاء ي بهذه السذاجة ونحن في القرن الواحد والعشرين فاستغلال المباراة العهدة الرابعة لا يمكن مع شعب يحلل ويفهم ما حدث و ما سيحدث فاعتقد أن شعبنا واع ويدرك أن النتيجة ليست من صنع الرءيس أو الحكومة فهي من صنع محبي الجزاىءر وهم كثيرون نتمنى التألق ومزيدا من التقدم الجزاىءر وأرجو من كل من قرا تعليقي أن يدعو لأخري بالشفاء أمين

  • kamel

    أصمت أيها المخزني المروكي فنحن في بلدنا الجزائر نفرح اليوم وغدا راك مية بالقنطة

  • كوني جزائري حر

    صدقت اخي قادة عمار ... واه للاسف لقد اضطر اليوم الشباب الجزائري على الهروب من واقعه المر باساليب مختلفة و كثيرة و متعددة ليس فقط ما يخص كرة القدم بل كل شيئ في الجزائر ليس على ما يرام ; على سبيل المثال البارح فقط شاهدت تلك الحصة التي قدمتها انت مع حضور ضيفين سياسيين في الحصة !!! ولله مش عارف واش نقول عندما تابعت كلام احدهم و اسلوبه في ابداء وجهة نظره و هو يقاطع عن قصد الضيف الثاني بصراخه البشع بل هو ابشع من نهيق الحمير / اين المستوى حتى في اغاني كرة القدم اصبح فيها نوع من البلاهة لا تشرفني

  • ناصح أمين

    شكرا لك ياقادة فيما كتبت وأصبت فيما قلت ، إنها أمة تلهو وشعب يلعب لا يدري ما يحاك له عايش في الهم لا دار ولادوار ولاعمل ولا زواج ولا..... ولا....... ثم يهتف الميزيرية و تحيا الجزاير ، والله عجيب أمر هذا الشعب أخذ منه ماله ودينه ولغته ووطنه و...... متى يفيق هذا الشعب ؟
    الهم أهد قومنا فإنهم لا يعلمون.

  • ابراهيم غمري

    لم اقرا في حياتي أن اللعب أقام مجتمعا زاهرا بناءا و منها اللعب "بالجلدة المنفوخة"أحبذ كلمة الجلدة على الجلد:الجلد مخلوق من عند الله لا يلعب به أما الجلدة مصنوعة.نحن نشجع اللعب بالفظلات.هل نقبل أن اللعب وسيلة لاِطاحة بالمجتمعات و اِسقاط السياسات السؤال:كيف نقيم مجتمعا؟ المجتمعات تقام بالفكر و العمل والمبادرةلا تقام باللعب.هل تغير شكل الكرة منذ صناعتها.أنظر الى شكل السيارة.الكرة لم يتغير شكلها فهي من ناحية الفكر أستاتيك.السيارة تغيرت فهي من الفكر الديناميك.الذي يقيم الحضارة الديناميك لا أستاتيك

  • ام البناات15

    السلام عليكم

    رائع ما خطت اناملك...........ارتحت فيييييييييي ولقرائة مقالك هذا كان

    رائعا وتجرد من عبارات المجاملة والنفاق كان عفويا وجدير بقرائته.اشكرك عليه.

  • samirhalim

    لعبة كرة القدم أو بالاحرى الجلد المنفوخ ، أصبح الفضاء الوحيد للتعبير عن الشعور في المجتمع الجزائري ،لنقل أنه بحاجة للترويح و إفراغ الكبت المحبوس في نفسية غالبية المواطنيين، الجزائريين رياضيين قبل مايكونوا سياسيين و لنقل سياسة الجزائري هي كرة القدم كبير و صغير .

  • الجزائرية

    التباكي في غير موقعه قد يكون أمرا ممقوتا خاصة إذا تعود صاحبه الإسترسال في الوصف المسودللمشهد العام مهما كان الحال..."أن ترى مناصرا يقفز فرحا لهدف ميسي أو رونالدو مهما كان هذا "الفرحان" بحدث كروي بعيد عنه، بطالا، أو مطرودا من الدراسة، أو حتى مشروع حراڤ، وعليه، فما بالك إذا كان الهدف "وطنيا بامتياز" ومؤهلا للبرازيل!"يقفزلأنه مناصر و يتذوق الفن الجميل للكرة.أما بطال فذلك موجود حتى في الدول الكبرى أو مطرود من المدرسة فهذه لاظلم فيها لأنه لم يجتهد وله الحق في المناصرةأ،و حراق فمسألة للمناقشةبهدوء...

  • جزائري

    واخيرا هناك من تكلم بموضوعية عن المباراة لذا اعتقد انه من الافضل للجزائر خسارة هذه المباراة فلا فائدة منها سوى استغلالها سياسيا اضافة استطيع ان اقول انك افضل كاتب ومحلل هنا في الشروق

  • بدون اسم

    الله يستر من هدا التنويم ادا قعد مدى الحياة

  • Abdeljalil

    لقد ختل موازين الفرح لدى عامة الشعب الجزائري حتى لم يعد يفرق أغلبهم متى يفرحوا وبماذا ولم تسهم صحافتنا للاسف في تثقيف الناس و إنما أسهمت في مسخ هذا الجيل و إشغله بأمور أقل ما يقال عنها أنها هامشية و تفت في همة الشباب ...

  • إنتصار

    لماذا تريد أن تكدر صفو فرحتنا وتذكرنا بهمومنا التي نعلمها جيدا لماذا في عز الفرح تنبش عن الهموم والأكدار؟؟ إذا لم لم يسعدك هذا فدع الآخرون يسعدون . نحن نريد نريد الآن أن نفرح وفقط ولكل مقام مقال.