الرأي

“شعوذة” برعاية رسمية!

قادة بن عمار
  • 8334
  • 0

في الوقت الذي تواجه فيه الجزائر خطر فيروس “زيكا” بتعليمة وزارية خاصة(!) لا أحد يريد الانتباه إلى أن الانفلونزا الموسمية قتلت حتى الآن 7 أشخاص أو أكثر في ظرف أيام قصيرة.. لا أحد تحرك لفتح تحقيق في الأسباب والملابسات، بل يتباهى وزير الصحة بالظهور تلفزيونيا لمدح معهد باستور باعتباره من أفضل المخابر في العالم، وكأن الأمر يتعلق بمنافسة بينه وبين المشككين أو الطاعنين في سمعة ما يقدمه هذا المخبر ومن يعملون فيه!

إذا كان هذا اهتمام وزير الصحة في الوقت الراهن فكبّر أربعا على قطاع ميت أصلا؟!! الوزير يقتصر دوره حاليا على التقليل من الوفيات بالأنفلونزا ومهاجمة الفضائيات التي تروع المواطنين.. مع التكرار دوما بأن باستور “مشكور” وزيكا بعيدة عنا في أمريكا!

ولا يقتصر الأمر على “التقليل من خطورة من يموتون بالزكام”، بل يمتد لضحايا حوادث المرور التي بينت بعض الشكوك حولها في المدة الأخيرة أن السبب قد يكون طريقا لم يعبّد مثلما وقع في النعامة، أو حافلة بلا فرامل كتلك التي قتلت تلميذة في عمر الزهور بالعاصمة، أو تجاوزا وإهمالا في منع استعمال الطريق من طرف شاحنات تنقل مواد خطيرة مثلما وقع في ولاية أخرى وماتت بسبب الاصطدام عائلة بأكملها حرقا!

لو وقعت هذه الحوادث في دولة تحترم نفسها، وتحترم الحياة الإنسانية، لاستدعى الأمر استنفارا حكوميا ولتم عقد مجلس وزاري طارئ من أجل وضع النقاط على الحروف ومحاسبة  المسؤولين!!

حين تكون الحكومة بلا وعي وبلا إستراتيجية، فترمي بكل فضيحة أو حادثة أو كارثة على القضاء والقدر، وحين لا يتم القبض على قتلة الأطفال ولا المجرمين الذين يسفكون الدماء في الأحياء الشعبية بحجة أن مرتكب تلك الجرائم قد يكون “جنيّا”.. فلا غرابة حينها أن ينتشر الجهل في المجتمع، ويكتشف البعض أن علاج “زيكا” يتمثل في الزنجبيل والعسل!

ليس مطلوبا إذن من وزير السكن عبد المجيد تبون أن يوظف ألف خبير لمواجهة من يصفهم بالمشعوذين الذي يرفضون مشروع “الجامع الكبير” طالما أن هؤلاء المشعوذين يتواجدون في الحكومة ذاتها التي ينتمي إليها تبون.. ألم ينصح وزير الفلاحة سيد أحمد فروخي الجزائريين بـ”قلب الفيستا” حتى تسقط الأمطار، وهي عادة قديمة (صالحة برأي معاليه) من أجل مواجهة الجفاف!!

في النهاية، الحكومة والشعب والبلاد برمتها تسير بفضل “دعاوي الخير” للناس الصالحين وبفضل كرم الشهداء علينا.. الشهداء الذين عجز وزير المجاهدين عن ذكر اسم واحد من أسمائهم خلال زيارته التاريخية لباريس، وفضل الحديث ربما عن “الصولد” بدلا من الحديث عن الأرشيف ورؤوس المجاهدين في متاحف فرنسا.. وتلك قصة أخرى لها علاقة بـ”الشعوذة التاريخية”!!

مقالات ذات صلة