الرأي

شعب..”وليد فاميليا”!!

قادة بن عمار
  • 1799
  • 4

من حق البعض أن يلوم الجمهور الذي اقتحم أرضية ملعب جنيف السويسرية بالقول إن تصرفا مثل هذا من شأنه التقليل من سمعة الجزائريين في الخارج، لكن ليس من حق أحد أن يزايد على وطنية هذا الجمهور، ولا أن يشكّك في انتمائه، إلى درجة أنني سمعت أحدهم يجعل من تلك الخرجة، غير المقبولة، فرصة للانقضاض على ثقافة الشعب “المتخلف” وتأييد النظام “المتطور جدا” قائلا: إن شعبا مثل هذا لا يستحق سوى نظام مستبد حتى يلجمه!!

مبدئيا، هنالك العديد من الجزائريين ومزدوجي الجنسية، من أبناء المسؤولين وزوجاتهم، ممن يرتدون بدلات أنيقة وفساتين غالية، ويركبون سيارات فخمة، يسيئون إلى سمعة هذا البلد أكثر من أيّ “شعبي زوالي” آخر أو “مهاجر”.. لكن الفرق بين هؤلاء وأولئك أن جماعة “السيستام” وروافده، محبوبون لدى الغرب وتحديدا السويسريين لأنهم يضخّون الأموال في البنوك دون حساب، في حين يمارس البقية جنونهم في الشوارع دون منطق !!

ما قام به الجزائريون في ملعب سويسرا وشوارعها هو تصرّف غير مقبول، لكن الأمر سيبدو قاسيا جدا لو أخرجناه عن سياقه العام، المتمثل في حالة الهوس الشديد بكرة القدم والفريق الوطني.. إنه الهوس ذاته الذي توظفه السلطة من أجل تمرير مشاريعها المشبوهة، على غرار استغلال الغاز الصخري هذه الأيام.. قرار لم يجد للأسف الشديد، صوتا يعارضه بقدر الأصوات التي تؤيد وتهتم لمرور الفريق الوطني إلى الدور الثاني في المونديال.. بدليل أن عدد الجزائريين الذين انضموا إلى صفحة “الحكم الذي أوقف المباراة بسبب قارورة الياغورت” أكبر بكثير من عدد الذين انضموا إلى صفحة “معا ضد استغلال الغاز الصخري” على الفايسبوك!!

هذا ليس أمرا مفاجئا.. فالجزائريون اهتموا لتشكيلة الفريق الوطني أكثر من تشكيلة حكومة سلال.. ومازالوا حتى الآن يفكرون في المرور إلى الدور الثاني من المونديال، أكثر مما فكروا في الدور الثاني للرئاسيات.. كما أن عدد الذين تعاطفوا مع خروج اللاعب ڤديورة من حسابات المدرب الوطني أكثر من الذين تعاطفوا مع بن فليس عند هزيمته في الانتخابات، زيادة على أن عدد الذين يدخلون أيّ مباراة في كرة القدم مهما كانت ضعيفة أو غير مهمة، أكبر من عدد الذين يدخلون التجمعات الشعبية لكل المترشحين لرئاسة الجمهورية.. السابقين واللاحقين!

على السلطة التي تزايد على “تربية الشعب” ووعيه، أن تخرس!!.. لأنها وظفت هذا الوعي “المشوّه” في الانتخابات أكثر من مرة، علما أنّ الشعب الذي يهتم لـ”تحفيفة شعر” غيلاس ومهدي مصطفى أكثر مما يهتم لتصريحات سلال وغول وعمارة بن يونس ولويزة حنون، هو شعب كره السياسة والسياسيين وبات يمارس حريته في اقتحام ملاعب الكرة والميادين، داخل البلاد وخارجها!!

بالمختصر: عندما تكون الأنظمة السياسية بلا أخلاق.. فليس مناسبا أن تكون الشعوب “مربيّة” أو بنت فاميليا”!

مقالات ذات صلة