الجزائر
راوية يبرّر أرقام الوضع الاقتصادي

سيناتورات يطالبون بمراجعة الأجور ومحاسبة الحكومة!

سميرة بلعمري
  • 9562
  • 12
ح.م

غطت تدخلات أعضاء مجلس الأمة عن كتلة الثلث الرئاسي، على تدخلات باقي أعضاء الغرفة العليا، من حيث الشراسة و”محاسبة ” الحكومة وممارسة الرقابة على أدائها، وما بين التحذير من الإفراط في اعتماد ميزانية الدولة على الجباية النفطية والمطالبة بمراجعة أجور الطبقة المتوسطة وعدم انعكاس إنفاق مليارات الدولارات على نسب البطالة، والمطالبة بأرقام دقيقة ونتائج التمويل غير التقليدي ومحاربة الأسواق الموازية، وجد وزير المالية عبد الرحمان راوية نفسه وسط اللهب مجبرا على تقديم ما يشبه بيان السياسة العامة للسيناتورات.
بعد أن قدم وزير المالية عبد الرحمان راوية، الأحد، مشروع قانون المالية متباهيا بمحافظة الدولة على طابعها الاجتماعي وبقاء قيمة التحويلات الاجتماعية عند حدود 1700 مليار دينار أي عند حدود 16 مليار دولار، وجد راوية نفسه وجها لوجه أمام أعضاء الأمة من الثلث الرئاسي، الذين لم يشفع انتماؤهم لهذه الكتلة لراوية ووجد نفسه أمام وابل من الانتقادات لسياسة الحكومة في الشقين الاقتصادي والاجتماعي ولوم مبطن وصريح، فوسط تثمين الأعضاء المتدخلين من أحزاب الموالاة للتدابير التي جاء بها نص القانون لاسيما ما تعلق بالحفاظ على التحويلات الاجتماعية وعدم فرض رسوم وضرائب جديدة، أطل متدخلون آخرون بانتقادات صريحة.
وبعد أن حيّا عضو المجلس أحمد بوزيان عن الثلث الرئاسي “الرؤية الاجتماعية التي يكرسها النص الذي لم يأت بضرائب جديدة رغم الأزمة المالية”، حذر الحكومة تحذيرا صريحا من مواصلة اعتماد ميزانية الدولة بشكل مفرط على الجباية النفطية، وطالب السيناتور الحكومة بمراجعة أجور الطبقة المتوسطة في ظل ارتفاع أسعار الاستهلاك، داعيا إلى محاربة الأسواق الموازية، ومعلوم أن أجور الوظيف العمومي التي عرفت مراجعة كلية سنة 2006 نظرا لاعتماد قانون الوظيفة العمومية وما انجر عنه من قوانين أساسية أفرزت مراجعة للأجور سنتي2011 و2012 بمخلفات وأثر رجعي بداية من سنة 2006، ومنذ ذلك الوقت عرفت الأسعار زيادات متوالية دون أن تقابلها مراجعة جديدة للأجور.
وأشار سيناتور آخر عن الثلث الرئاسي، الذي عبر عن “رضاه” بميزانية 2019 إلى ضرورة أن تنعكس النفقات العمومية الضخمة على انخفاض نسبة البطالة وقال “أنفقنا مليارات الدولارات خلال السنوات الماضية لكننا لم نخفض البطالة سوى بـ1.2نقطة”، داعيا بدوره إلى التحكم في الاقتصاد الموازي واعتبر بدوره سيناتور آخر الغش الضريبي ظاهرة مقلقة للخزينة أكثر فأكثر، وتساءل نفس البرلماني عن نتائج التمويل غير التقليدي مطالبا بأرقام دقيقة عن تطبيق هذه الآلية.
بالمقابل، أبدى سيناتور آخر، استغرابه من الإبقاء على نفقات التسيير مرتفعة رغم الأزمة المالية، معتبرا أنه “كان ينبغي تقليص ميزانية السنة القادمة بنسبة 20 بالمائة على أقل تقدير لتتمكن الدولة من تدارك احتياطات الصرف، في مقابل ذلك ركزت مدخلات أعضاء من مجلس الأمة حول الانشغالات ذات الطابع المحلي.
وفي تقريرها التمهيدي حول نص القانون اعتبرت لجنة الشؤون الاقتصادية والمالية بالغرفة العليا للبرلمان أن ميزانية السنة القادمة تندرج في إطار “استمرارية النهج المتصل بالتحكم في الإنفاق العام بهدف الاستدامة المالية للحد من التوتر على الخزينة دون المساس بالدعم الاجتماعي الذي يبقى مركزيا في سياسة الدولة تجاه المواطن”.
وأضافت أن النص يضبط إطاره المرجعي دون إغفال التحديات الكامنة ومواجهتها بخطى محسوبة باعتماد الموارد المتاحة فضلا عن مجابهة الضغط الميزانياتي ومختلف العوائق المنبثقة عن ركود نشاط المحروقات والعمل على إرساء شروط تعافي الاقتصاد الوطني وتحقيق الأهداف المسطرة.
من جهته، وفي ردود حول ملفات متفرقة، قال وزير المالية لأعضاء لجنة الشؤون الاقتصادية، إن “التمويل غير التقليدي هو تمويل مؤقت طبقًا لقانون النقد والفرض المعدل والمتمم، وعليه فإن التوازنات الاقتصادية خلال الفترة 2019-2021 ستتميز بسياسة الاستقرار للتمكن من الدخول بعد سنة 2021 في مرحلة النمو، بما يسمح بالاعتماد على الموارد المالية التقليدية من خلال خلق الثروات الوطنية”.
وأبرز راوية، أن النموذج الجديد للنمو المصادق عليه قد أدرج مراحل للنمو الاقتصادي أولها مرحلة الإقلاع 2016-2019 تليها مرحلة النمو الاقتصادي ما بعد 2021، كما قدم تطمينات بخصوص اعتماد الحكومة سعرا مرجعيا بـ50 دولارا لبرميل النفط هو إجراء حذر نظرًا للتقلبات التي تعرفها أسعار النفط المتأثرة بعوامل ذات طابع اقتصادي وجيو سياسي خارجي إذ لا يمكن التحكم ولا التنبؤ بها بصفة موضوعية في الأجل المتوسط ولا حتى القصير بتقلبات سوق النفط”.
وأكد وزير المالية أن الجزائر تُدرك أنه من الممكن أن تتراجع الأسعار الحالية السنة القادمة، بسبب اختلال العرض والطلب تحسبًا لإعادة النظر في اتفاقية خفض الإنتاج التي صادقت عليها دول الاوبيك، كما قدم راوية توضيحات بخصوص قرار بنك الجزائر الأخير القاضي بإصدار أوراق وقطع نقدية جديدة، الذي أدرجه في خانة العملية الكلاسيكية للاستبدال التدريجي للأوراق القديمة لتفادي التضخم ولا تتعلق بسحبها من التداول.

مقالات ذات صلة