الرأي

سموّ الحصان!

قادة بن عمار
  • 6584
  • 19

الثري القطري الذي امتدح حصانه بالقول إنه أغلى من اللاعب الدولي كريستيانو رونالدو، لم يسأل نفسه عن قيمته الشخصية، وسط الشارع العربي بعد هذا التصريح، والذي لا نكاد نجد له وصفا دقيقا، غير أنه وقاحة جديدة وقلّة رجولة، في عز الأزمات التي تعصف بالمسلمين شرقا وغربا!

في الواقع إننا نشفق على هذا الحصان الذي يملكه أمير غبيّ، يعتقد بأن حديثه للإعلام الغربي عن ثرائه الفاحش، مثلما هي أخلاقه، سيجعله محبوبا ومقرّبا وصانعا للحدث هناك، على غرار العائلة الكويتية التي تناقلت الأخبار هذا الأسبوع، قرارها بشراء نادي نوتنغهام الانكليزي، أو استقبال أمير الكويت لفريق ريال مدريد شخصيا، وكذا طرد فريق الوصل الإماراتي لمدربه العالمي مارادونا، بعدما ضيّع عليه الملايين من الدولارات، وتحمل تصرفاته الشاذة والغريبة طيلة سنة كاملة!

لولا “شويّة” الإيمان التي نملك، وإدراكنا أن الله ليس بظلام لعباده، وأنه لا تزر وازرة وزر أخرى، لقلنا بأن جميع ما نعيشه في العالم العربي والإسلامي من شتات وتمزق، وهوان بين الأمم، وحروب مستمرة، وتجاذبات بين الاستبداد والمعارضة العميلة، والانقسامات المتزايدة والتصدعات الكثيرة.. ومختلف تلك الأمراض، مل ذلك لم يصب الأمة إلا بسبب مثل هذا الأمير العربي المتخلف، والمفتخر بحصانه!

لا غرابة أن يأتينا مثل هذا التصريح في الوقت الذي تحولت فيه الجثث الساخنة في سوريا إلى مجرد أرقام باردة، ولم يعد مهمّا أن يستمر الأسد في منصبه، أو يتدخل الأجنبي لقتل الملايين المتبقية، قبل الوصول إلى قصره، ولا حتى إن كانت المعارضة ستتوحد، أو ليبيا ستستعيد، أمنها ومصر هيبتها، والبحرين حريتها، وتونس سياحتها، واليمن مكانتها… هؤلاء جميعا غير مهمين بالنسبة للأمير الخليجي، الذي يبحث عن شراء لاعبين جدد، تماما مثلما لا يفكر أمير آخر اشترى نادي باريس سان جرمان سوى في جلب مزيد من النجوم بملايين الدولارات، التي تكفي لتحرير بلدان بأكملها من الفقر والحروب، على غرار الصومال أو جزر القمر!

قبل يومين، نشرت بعض الصحف خبرا يقول إن سلطة أوسلو في رام الله، غاضبة من أمير قطر، لأنه قرر إرسال مزيد من المال لحكومة غزة، وكأن سموه كان يجب أن يمر أولا على جمارك محمود عباس، ويدفع العمولة قبل الذهاب بصناديق الذهب للقطاع المحاصر بدون دواء ولا كهرباء.. والواقع أن الغضب يجب أن يوجّه لأموال العبث التي تبيع وتشتري في الشعوب، على غرار ما يفعله أمراء الخليج في النوادي الرياضية والملاهي الأوروبية، أو ما يبدده بقية الحكام والجنرالات هنا ، في السفريات، أو يودعونه في البنوك، ويتحفظون عليه عند اليهود والأمريكان!

الفلسطينيون أنفسهم حصلوا على دولة كاملة من الفساد، وأسسوا جمهورية لنهب المال العام، قبل أن يحصلوا على الحرية الكاملة أو الاستقلال؟! ألم يلاحظ الجميع أن آخر سؤال بات مطروحا في الوقت الحالي بمصر وتونس وليبيا هو: أين أموال الشعب التي سرقها الطواغيت؟

هم لا يطرحونه لأن العديد من الحكام الجدد قرروا اقتسام ذلك المال في الخارج، وسرقته مجددا في “صحة الثورة المجيدة”، ومقابل بيع مزيد من الشعارات في الداخل؟!

هل تعرفون الآن لماذا يتباهى الأمير الخليجي بحصانه؟ لأنه أغلى من الإنسان عندنا!

مقالات ذات صلة