-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
عملاقة المالوف الجزائري المجاهدة والمطربة ثريا

سخّرت 61 سنة من عمري لجزائري لكن مسؤوليها همشوني !

نادية شريف
  • 5657
  • 0
سخّرت 61 سنة من عمري لجزائري لكن مسؤوليها همشوني !
الشروق
عملاقة المالوف الجزائري المجاهدة والمطربة ثريا

مضيفتنا هذه المرة حنجرة صداحة من الجيل الذهبي الذي رافق المجاهدين ودافع عن الجزائر، سيدة لم تزدها سنواتها الثمانين إلا جمالا، ناضلت ومنحت دونما مقابل ترجوه إلا رؤية بلادها حرة، غادرت الجزائر مكرهة ورغم هذا بقيت وفية لترابها وفولكلورها الذي صنعت منه لوحات أسرت شرق المعمورة وغربها، وهي تسافر بينهما متشبثة بـ”قندورتها”القسنطينية التي تحمل توثق جزائريتها..اسم على مسمى..ثريا وهي شامخة في التاريخ كالثريا الجميلة التي كلما ازدادت قدما كلما تأسرنا أكثر، هي صاحبة روائع: الله أكبر، ماعندي زلة، كيف العمل وقصدت طبيب ماهر.

بحفاوة منقطعة النظير وبكرم أهل قسنطينة احتضنتنا في شقتها التي تفوح كل زاوية منها بعطر التاريخ، وغمرتنا بابتسامتها الجميلة التي أخذتنا بعيدا عن خطوط التجاعيد التي لازالت لم تجد طريقة سلسة لبشرة هذه السيدة الراقية التي لم تنزعج مطلقا حينما علمت أن جيلنا لا يعرف عنها غير الاسم بالرغم من أن مسيرتها  تعدت 61 سنة كاملة:”الجيل الجديد لا يعرفني والخطأ من التلفزيون الجزائري، نحن نتعب ونسجل ثم نحمل أعمالنا له ليعرضها، ممكن عندي 100 أغنية تجهلونها، ليس عندنا أعلام، تغيبت عن الجزائر 30 سنة كاملة ومع هذا فرحت وأنا أستنشق هواءها مجددا وسعيدة بالتطور الذي مسها من كافة النواحي، هناك الكثيرين انتقلوا إلى جوار ربنا ولكن الحمد لله اليوم بعد 51 سنة من الاستقلال”.

“كول وساخر وخلي الدالة للآخر”

قالت لنا ابنة قسنطينة أنه إذا رأيت بلاد متقدمة استمع لموسيقاها، وفي الجزائر لا شيء عمل ضجة منذ سنوات، “على الفنان ألا يتهاون وأن يبحث عما هو أفضل، وهو بحاجة للمساعدة وعلى الكبار أن يفسحوا المجال للصغار ليتألقوا على أن يرشدوهم، فأنا في سني هذه راضية عما قدمته وأعمل بمنطق” كول وساخر وخلي الدالة للآخر”، نحن تركنا تراثنا، والجيل الحالي يؤدي أغاني قديمة لكن لابد لهم من رصيد ذاتي بعيدا عن التقليد، حتى يخلفوننا غدا، ومن بين هؤلاء: أسماء جرمون، بن زينة، وندى الريحان، وكما قلت لابد لهم من التشجيع، ففي وقتنا وجدنا شركات أجنبية وأشخاص ساعدونا، مثل شركة”باتي ماركوني”،”بركلي”،”فيليبس”، اليوم الفنانون يسجلون أغانيهم على حسابهم”.

فنانة مجاهدة..

هي من أولى الفنانات اللواتي شاركن في الثورة المجيدة، وعام  1958 سافرت نحو موسكو أين قدمت”الجزائر حرة”مع فريق كرة القدم لجبهة التحرير الوطني رفقة سيد علي كويرات، خميستي، نور الدين بوحيرد، صفية قوامي،هندة، راقية، طه العامري..، مسترجعة معنا إحدى سفرياتها عبر القطار من باريس نحو شتوتغارت”، كنا حاملين العلم الوطني وحال وصولنا للحدود ظهر جزء من علمي، ارتعبت لأنني كنت سأقتل، وتمت مراقبة القطار كاملا وقبل وصولهم لمقطورتنا جلست عليه، وسار القطار مجددا ولكن حالما وصلنا كوبنهاغن ظهر عليّ المرض، وما إن وطئنا أرض  تشيكوسلوفاكيا قضيت 5 أيام في المستشفى، بعدها استدعتني المخابرات الفرنسية للتحقيق أنا وزملائي وما كان مني إلا أن تهربت من الاستنطاق بالقول إنني فنانة وأغني للذي يدفع أكثر، لأخرج بعد 24 ساعة من الاحتجاز، مخفية حقيقة نضالنا ومشاركتنا في المظاهرات وكثير من الأشياء”لتضيف: “قدمت بلادي حرة في روسيا وذكرياتي كثيرة..، كنت أتنقل بين بلجيكا، ألمانيا، هولندا، تونس، جاهدت على طريقتي ورافقت الكثير من الشهداء والمجاهدين أبرزهم مصطفى كاتب، سيد على كويرات، صفية قواصر ومسؤولتنا بهية فراح، أذكر جيدا ليلة الاستقلال خطنا الأعلام وعملت بالمناسبة اسطوانة مع أحمد حشلاف، تحمل أغنية”تعيش تعيش سعيد يا ولد الشهيد يا ابن الجزائر”ذهبت مداخيلها لأبناء الشهداء ويوم الاستقلال كنا في السفارة الجزائرية بفرنسا رفقة ميساوي وعائلته وهو أول سفير بعد الاستقلال، وكذا أحمد بومزراق من فريق كرة القدم هذا الأخير الذي أعادني للجزائر رفقة مصطفة كاتب ربي يرحمهما، أين أمضيت عقدا مع المسرح القومي الجزائري”.

غادرت جزائري مكرهة

هي الفنانة المفضلة لأشهر رؤساء الجزائر والتي كان يطلبها الراحل هواري بومدين بالاسم، اقتحمت التلفزيون الجزائري في عهد عبد الرحمان شريط ولمين بشيشي:”عملنا جيدا في وقت الراحلين بومدين والشاذلي ولكني أحب زعيمنا بومدين الذي كان يحب نشيد”شعب الجزائر في الاستقلال، ولكني رغم هذا حوربت فنيا لهذا غادرت وقبل ذلك كتبت رسالة لبومدين قلت له فيها “هاجرت الجزائر مرة وهي مستعمرة وهذا معقول، لكن سأتركها مرة ثانية وهي مستقرة وهذا غير معقول، وقصدت فرنسا..أذكر أيام تسجيلي كان التقنيون يغادرون القاعة أو يتركوني.. الفنان يعيش بفنه وهذا عام 1975.” 

على خط النار في سيناء..

“في سيناء رفضت أم كلثوم وفنانين مصريين الغناء للجنود الجزائريين الذين هبوا لنجدة مصر، فاستدعانا السفير جمال حوحو للغناء لجنودنا، وحالما وصلنا وجدنا أن القائمين على الحفلات حجزوا لنا بالمقطم، فما كان من سفيرنا والملحق العسكري رضوان حماني إلا أن حجزوا لنا في مكان آخر وأقسموا بشرف الجزائر بأننا لن نغني في مسارح مصر وهكذا أحيينا حفلات لجنودنا على خط سيناء عام 1973 والحمد لله كان لي صدى كبير أين أديت”الله اكبر”،”حيوا العلم”وحوّرت”وين نباتو”لتصبح:”وين نباتو في المقطم وناموساتو”

سفيرة غناء مهاجرة مهمشة لثلاثين حولا  !

تتقد عيناها الجميلتين كلما لفظت”الجزائر”رغم أن القائمين عليها همشوها:”صراحة قدمت الكثير للجزائر، لكن وحتى الآن لا أملك أي رصيد مادي فيها، لا صور ولا اسطوانات، مرة أديت حفلة في عيد الجزائر بباريس في محافظتهم بعدما أنهيت الحفلة طلبتني خليدة تومي للمشاركة في الحفلات، ليتذكروني بعد 30سنة أنني أحاول إيصال فني للعالم، وهنا قدمت حفلات في قسنطينة عام 2003 والعاصمة ووهران وتيزي وزو..الدولة لم تعترف بفضلي وتم تكريمي من طرف جمعيتين، وعدى صديقي وابني السادس مراد زيروني لم يدعمني أي كان”، وعن الخمسينية تقول بغضب:”شاركت في الخمسينية، وعندما طلبوا مني اعتلاء المنصة للغناء رفضت لأنه لا يمكنني إجراء حفلة دون بروفة وكنت متعبة وتنقلت من بلاد إلى بلاد ولكن أشكرهم كونهم تذكروني”.

بين الفن والعائلة..15 سنة قطيعة

الماسة ثريا والدة لخمسة أبناء، بنتين وثلاثة ذكور استذكرت معنا مواقف جعلتها تجافي الفن رغم عشقها الخرافي له:”شقيقتي ليلى بن دريس مرضت بالسرطان وبقيت تعاني 12 سنة كاملة وكان لزاما عليّ ملازمتها في أحد مستشفيات فرنسا إلى أن أسلمت روحها لبارئها، وعندما أدخلتها البلاد وهممت بدفنها في قسنطينة وصلني اتصال هاتفي يخبرونني فيه أن ابني الذي كان عمره 35 سنة مصاب بدوره بورم خبيث وأمامه شهر ونصف فقط ليعيش، فما كان مني إلا أن حملت نفسي وساندته، كان مسلّما بأمره وكانت آخر أمنية له الاعتمار لبيت الله وهناك قضى أسبوعا فقط، وحالما عاد اختفى المرض، لأكتشف بعدها إصابتي بسرطان الثدي واليوم الحمد لله، ابني حي بعد ثلاث سنوات، لهذا قاطعت الفن 15 سنة كاملة”، مستذكرة زوجها المرحوم منصف الرزاز:”هو من تلمسان، لكن عائلته هاجرت إلى تونس، لكنه عاد وبحث عن أصله، وبقي في الجزائر وتوفي قبل 7 سنوات وحتى أنا عمري ما خطيت بلادي في العام نزورها 3 مرات، لدي بيتين في قسنطينة والعاصمة، قصدت مصر لا لأكون مصرية وإنما لأكون سفيرة لبلدي”.

سجلت حفلات الفولكلور الجزائري مع الفرقة الماسية مع”عبد الحليم نويرة رحمة الله عليه ومع”رتيبة الحفناوي”وفي مقدمتها قصيدة”يا باهي الجمال”، أقرب أغنية إليها”في الغربة عديت أيامي متشرد مسكين فارقت أمي وخياتي ومالقيت قلب حنين، استقرت في مصر لسنوات طوال، لا لتكون مواطنة مصرية ولكن لتكون جزائرية وفية لبلدها ولفنها، تقول إنها لم تعمل لتعتزل، وتشكر التلفزيون الجزائري لأنه نفّذ فيلما وثائقيا حول حياتها ومسيرتها كمطربة وحيدة للمالوف معروفة عالميا.


* نقلا عن الشروق العربي

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!