-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
عصام العاروري.. المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بفلسطيـن لـ"الشروق":

سجون الاحتلال تحولت إلى مسالخ وأعضاء الشهداء تُسرق

سجون الاحتلال تحولت إلى مسالخ وأعضاء الشهداء تُسرق
أرشيف
المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بفلسطيـن الأستاذ عصام العاروري

يفصل المفوض العام للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان بفلسطيـن الأستاذ عصام العاروري، التكييف القانوني لحرب الإبادة التي تمارسها دولة الاحتلال في غزة، بالتأكيد أنها “حرب إبادة جماعية”.
ويتحدث الأستاذ العاروري عن الصلة الوثيقة للإدارة الأمريكية في الجرائم المرتكبة عبر الغطاء العسكري والدبلوماسي والسياسي لدولة الإحتلال، ويشير لامكانية قيام الاحتلال بتعطيل الإجراءات القضائية من المحاكم الدولية في حقه.
ويكشف المتحدث بعض الاهوال التي يتعرض لها الأسرى الفلسطينيين في دولة الإحتلال والتي يصفها ب”المسالخ”، زيادة على جرائم تطال جثامين الشهداء.

هل نحن أمام جريمة حرب وإبادة جماعية مكتملة الأركان، خاصة مع ادعاء المحتل أنه يقوم بعمليات عسكرية دقيقة؟
هناك جريمة إبادة جماعية وهذا ليس ما نقوله نحن، هذا ما استنتجته محكمة العدل الدولية، والتي عبّر قرارها عن وجود أسباب معقولة بوجود جريمة إبادة جماعية في قطاع غزة، واستنادا إلى ذلك، طالبت سلطات الاحتلال باتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير الاحترازية لمنع هذه الجريمة ولوقفها.
وحين نقول إن هناك جريمة إبادة جماعية، فهناك توفر لكل أركان الجريمة من حيث القصد، والقصد كان واضحا في تصريحات مسؤولي دولة الاحتلال على أعلى مستوى سواء رئيس الوزراء أو وزير الحرب أو رئيس الأركان وكافة أركان حكومة الاحتلال ووسائل إعلامه، الذين كانوا واضحين جدا بأنهم سيستهدفون كل أركان الحياة في قطاع غزة، بما يشمل الغذاء والدواء والمياه والكهرباء وجعل غزة مكانا غير صالح للعيش، وهذا ما يجري بصورة أبشع مما عبّر عنه قادة الاحتلال. وكما هو ظاهر، فإن الهجمات شملت تدمير البنى التحتية والقصف الجماعي بدون تمييز واستهداف المنشآت الصحية والتعليمية، وحتى مباني المحاكم والقضاء والشرطة المدنية واستهداف الدفاع المدني والبلديات وكل ما يمكن أن يقدم خدمات.
دولة الاحتلال ترتكب الجريمة ثم تضرب الدفاع المدني للحيلولة دون تقديم الإسعاف للمصابين ونقل الشهداء، ثم يقصفون المستشفيات لمنع تقديم العلاج لهؤلاء الضحايا، ويمنعون الغذاء.
وهكذا إن لم تمت بالرصاص، تمت من الجوع وسوء التغذية، وفوق كل ذلك ضرب المنشآت القاعدية كخطوط المجاري ومحطات تكرير المياه، الأمر الذي خلّف تراكم آلاف الأطنان من القمامة ما خلق بيئة تؤدي إلى انتشار الأمراض على نطاق واسع في بقعة صغيرة ومكتظة، مع استمرار دفع الناس إلى النزوح من منطقة إلى أخرى، استكمالا بغلق معبر رفح ومنع نقل الجرحى لاستكمال علاجهم في المستشفيات في ظل انهيار القطاع الصحي بقطاع غزة.
بالتالي، هناك جريمة إبادة جماعية مكتملة الأركان.

تواصل دولة الاحتلال حرب الإبادة في قطاع غزة رغم صدور قرارات من محكمة العدل الدولية، هل أصبحت فوق القانون؟ وكيف؟
لم يكن ممكنا لدولة الاحتلال أن تستمر في جريمتها لولا الغطاء السياسي والقانوني والمالي والعسكري والأخلاقي، حتى أن هناك عددا من الأطراف الدولية وفي طليعتها الإدارة الأمريكية وعدد من الدول الأوروبية ومنها ألمانيا وبريطانيا ودول أصغر تقف بالباع والذراع للدفاع عن دولة الاحتلال وتقديم المبررات لها واعتبار أن ما تقوم به هو دفاع عن النفس، مما حال دون صدور أي قرار حاسم من مجلس الأمن الدولي بسبب “الفيتو” الأمريكي الذي يكون بالمرصاد، وفي أفضل الحالات يحاولون تحميل المقاومة الفلسطينية ما يجري.
وحتى أن أكوام الضحايا والجرائم التي تتكشف يوميا بدأت بعض الأطراف تقلل من وقاحتها في الإعلان عن وقوفها إلى جانب دولة الاحتلال، لكنها لم تتخذ أي إجراءات ضد الاحتلال. ومعروف أن دولة الاحتلال لها باع طويل يقوم على التنكر للقرارات والقوانين الدولية والمؤسسات الدولية، حتى قرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة بالصراع العربي – الإسرائيلي والصراع الفلسطيني – الإسرائيلي، والأكثر من ذلك الاحتلال يتحول من احتلال مؤقت إلى احتلال دائم.
وبدل الاعتراف بشرعية وحق الشعب الفلسطيني، فإنه يحاول بناء هياكل أبدية تقوم على الفصل العنصري وهو ما اعترفت به المنظمات الدولية ذات الصلة كالعفو الدولية و”هيومن رايتس ووتش” ومنظمات حقوقية في دولة الاحتلال.
نحن أمام نظام مجرم يتحدّى القانون الدولي ولا يعترف به، يأخذ منه ما يخدم مصلحته ويدوس عليه عند الحاجة.
من الضروري التأكيد أن دولة الاحتلال لم تحدّد حدودها، وتعتبر أن حدودها هي أي منطقة يستطيع جنودها الدوس فوقها واحتلالها ويحولها إلى جزء من هذه الدولة المارقة.

ماذا يعني معارضة الإدارة الأمريكية وتهديد هيئة المحكمة، وآخر صور هذا التصرف مشروع قانون في مجلس النواب بفرض عقوبات على الجنائية الدولية؟
الموقف الأمريكي الذي عبّر عنه مشروع قانون في مجلس النواب الأمريكي بفرض عقوبات على الجنائية الدولية، وهذا الهجوم على القضاء الدولي يؤشر أن أمريكا تشكّل نموذجا في اعتدائها على الشعوب وارتكابها للمجازر.
فقد مارست ذلك في أفغانستان والعراق وأماكن عدة في العالم، أمريكا هي الدولة الوحيدة في العالم التي استخدمت الأسلحة النووية بدون ضرورة عسكرية ضد اليابان. أمريكا هي المسؤولة عن الحروب، وأمريكا هي أول دول تأسّست في العالم على الإبادة الجماعية، حيث أبادت الهنود الحمر، لكن التناقض الغريب ما نلمسه في التباين الحاصل، حيث أن كافة قوانين العالم تعتبر الضغط على القضاء جريمة ولكن الإدارة الأمريكية تجاهر عبر سياسييها وبرلمانييها بتهديد محكمة دولية وتهديد النائب العام بها، مما يؤشر على الطبيعة “البلطجية” لهذه الدولة والتي تشكّل المثل الأعلى لدولة الاحتلال.

هل هذا يعني منح ضوء آخر إضافي لدولة الاحتلال لمواصلة عمليات القتل المستمرة منذ 8 أشهر؟
المواقف الأمريكية بعيدا عن الضريبة الكلامية أنهم يدعون إسرائيل إلى عدم اجتياح رفح، لكن اجتياح رفح مستمر وتدعوها إلى عدم استهداف الأهداف المدنية وهي تستهدف الأهداف المدنية بشكل متعمد، وكل الذخيرة الإسرائيلية في أغلبها ذخائر أمريكية فتّاكة من صور ذلك استهداف مدرسة تؤوي النازحين في مخيم النصيرات راح ضحيتها 40 من المدنيين.
وهناك ضريبة كلامية لأغراض العلاقات العامة وهناك مواقف متعارضة وحتى لما كان هناك حديث عن تجميد بيع الأسلحة، كانت هناك تأكيدات أن أمريكا ملتزمة بما تسميه أمن إسرائيل والحفاظ على التفوق النوعي لدولة الاحتلال على كل دول المنطقة والتعهد باستمرار تدفق الذخائر والأسلحة والدعم الاقتصادي، حتى صرنا نشعر أن هذه الحرب ليس حرب دولة الاحتلال، ولكن حرب الولايات المتحد الأمريكية التي بالنسبة لها أن دولة الاحتلال هو مشروع توسعي استعماري، تلعب دور خندق متقدم وتخدم بدل حاملي الطائرات العائمة في البحر، المصالح التوسعية والتطلعات الأمريكية للسيطرة على الأسواق وموارد الطاقة.

ما هي الوسائل القانونية التي يمكن إتباعها لكبح الإرهاب الصهيوني؟
ليس أمامنا سوى استمرار العمل على الساحة الدولية سواء في محكمة العدل أو الجنائية الدولية والتوجه إلى المقررين الخاصين في الأمم المتحدة وهذا يؤدي إلى عملية تراكمية.
شهدنا إدراج الاحتلال على لائحة العار التي تشمل الدول التي تستهدف الأطفال، ورغم الغطرسة التي تحاول الظهور بها، لكن تكرار مغادرة الوفود في المنابر الدولية عندما يتكلم مسؤلون إسرائيليون، وموجة المظاهرات التي تجتاح العالم ومن ذلك عواصم تقليدية بتأييد دولة الاحتلال وما يجري في الجامعات، هذه الأجيال الشابة على امتداد العالم، هؤلاء الشباب سيكونون قادة المستقبل، سيكونون في الحكومات القادمة والمنظمات الدولية.
هذه عملية تراكمية وقد تعلمنا الدرس وانتصارنا على الاحتلال لن يكون بالضربة القاضية ولكن تكون بكسب النقاط، ونحن رغم الثمن الباهظ الإنساني ورغم الألم ونزيف الدم والأرواح الغالية التي نقدمها فإنها تتحول إلى نقاط إيجابية تؤدي إلى تراكمات نأمل إلى هزيمة هذا المشروع العنصري وهو أكثر المشاريع عنصرية في العصر الحديث.

ما هي إمكانية تفعيل مذكرات التوقيف الصادرة عن الجنائية الدولية في حق نتنياهو ووزير دفاعه، وهل من الممكن توسيع دائرة المتهمين؟
حتى الآن لم تصدر مذكرات توقيف ولكن توصيات أو طلب من المدعي العام بالمحكمة الجنائية الدولية كريم خان، طلب من الجنائية الدولية إصدار مذكرات توقيف، وفي هذه الحالة يتوقف الأمر على قضاة المحكمة للبت إذا ما كانوا سيتبنون إصدار المذكرات أم لا.
وطالما لم تصدر المذكرات لا يمكن التحرك على أساسها وحتى الآن تعلمنا الحذر عندما يتعلق الأمر بدولة الاحتلال، هنالك من يسعى لإنقاذها في اللحظات الأخيرة، لا نعلم إذا كانت ستمارس المزيد من الضغوط في الآونة الأخيرة أو بعض الصفقات في الكواليس أو الضغط وتخويف القضاة.
ننتظر بقلق ونتوقع حيث لا توجد سوابق أن المحكمة رفضت طلبات المدعي العام، ولكن تعلمنا أن دولة الاحتلال لها استثناءات، لذلك نحن نطالب من المحكمة سرعة الاستجابة لطلبات المدعي العام وإصدار مذكرات التوقيف. وهذه المذكرات سيكون لها معنى عملي ومعنى رمزي، المعني العملي هو أن العديد من دول العالم حتى أقرب الدول للاحتلال لا يستطيعون التمرد علنا على قرارات الجنائية الدولية، نذكر هنا أن ألمانيا وهي أقرب الحلفاء والداعمين أعلنت أنه في حال صدور مذكرات فإنها ستكون ملزمة باعتقال المشمولين بها إذا دخلوا أراضيها، وهذا سيحد دولة الاحتلال، ولكنه أكثر من الناحية المعنوية أن تصنف دولة بكبار قادتها أنها تمارس الجريمة وأن يقف على رأسها مجرمو حرب وهذا سيكون عاملا رادعا.

وماذا عن الحكومات والشركات التي تقف إلى جانب دولة الاحتلال بالسلاح والمال؟
سوف يؤدي على المدى البعيد إلى إضعاف هذه الدولة وتراجع مكانتها وخاصة وأنها كانت تحاول الظهور بمظهر أخلاقي كما ادعاه بعض قادة الإحتلال بأن لديهم الجيش الأكثر أخلاقية في العالم وأن إسرائيل دولة قانون وأنها تحترم القوانين الدولية.
الآن تبددت هذه الأساطير وظهرت هذه الدولة على حقيقتها، وربما أكثر ما يؤلم قادة دولة الاحتلال أن هذه الدولة كانت تقوم على احتكار الألم والاتجار بجريمة الهولوكوست، ولكنها في الوقت ذاته لما ترتكب هولوكوست مشابه في حق الشعب الفلسطيني فإنها تفقد أي مبررات أو ذرائع أخلاقية اكتسبتها من الهولوكست الذي جرى في الحرب العالية الثانية.

ماذا يحصل في معتقلات دولة الاحتلال بحق الأسرى الفلسطينيين؟
دولة الاحتلال حولت المعتقلات إلى مسالخ أخطرها المعسكر المسمى “سدي تمان” الواقع في غلاف غزة على تخوم صحراء النقب، حيث يتم احتجاز أكثر من 2500 معتقل فلسطيني في أقفاص مقيدين على مدار الساعة، لا يقدم لهم إلا القليل جدا من الطعام ما أدى إلى استشهاد أعداد غير معروفة، ولكن هنالك مصادر تتحدث عن 36 شهيدا حتى الآن قتلوا داخل المعتقل هذا لوحده، إضافة إلى معتقلين آخرين استشهدوا في مراكز توقيف أخرى في الضفة. هنالك ارتفاع متزايد في أعداد المعتقلين الذين غيرت سلطات الاحتلال من طريقة تعاملها معهم بتقليص كميات الطعام وحرمانهم من مواد النظافة الشخصية والحق في العلاج وتعريضهم لوجبات من الإهانة والضرب الجماعي واستخدام أساليب بشعة جدا من التعذيب في محاولة للحصول على الاعترافات، والحصول على اعترافات تحت التعذيب كما حصل مع الشهيد البرش مدير مجمع الشفاء الطبي الذي ضغطت عليه قوات الاحتلال وأخضعته للتعذيب البشع لإرغامه للخروج على شاشات التلفاز وإعلان أن حركة حماس كانت تستخدم المستشفى كمركز عسكري ولتخزين الذخائر وهو لم يثبت على الإطلاق.
وكانت هنالك محاولة لتلفيق وقائع وإرغام الناس على الاعتراف بها لتبرير الجرائم التي يرتكبها الاحتلال.
سجون الاحتلال اليوم ومراكز التوقيف تفتقر إلى الحد الأدنى من المعايير الدولية، معظم الفلسطينيين يخضعون للتوقيف الإداري بدون لوائح اتهام وبدون الحق في الدفاع عن أنفسهم، وهم يأخذون واحدة من أسوإ فترات حياتهم ومثلما عبر احد المعتقلين المفرج عنهم بالقول اليوم في هذه البستيلات البشعة يعادل السنة بحكم كثافة التعذيب والإساءة التي يتعرض لها المعتقلون.

وماذا عن الشهداء الذين تحتجزهم دولة الاحتلال؟
نعم لم يسلم من تنكيل الاحتلال حتى الشهداء، والذي شاهدناه حملات تجريف للمقابر وإنشاء مقابر جماعية ودفن للناس عبر مقابر جماعية على شكل أكوام واختطاف جثامين الشهداء والتنكيل بها.
وهذه ممارسة بدأت منذ سنوات وليست مرتبطة بهذا العدوان وهي مرتبطة بموقف عنصري للاحتلال، فهم لا يعترفون أن الفلسطينيين بشر متساوون في الحق والكرامة كسائر البشر، يعاملوننا كمرتبة أدنى ويعاملون جثامين شهدائنا بعقلية انتقامية.
يسعون من خلال ذلك للتنكيل بهذه الجثامين والإساءة إليها وحرمان العائلات حتى من الحزن على ابنائها، وحرمانهم من الدفن بطريقة لائقة تحفظ كرامة الإنسان ولإخفاء جرائم الإعدام خارج القانون كما يحدث مع المعتقلين والذين تتم تصفيتهم داخل الأسر ولا يعلم ظروف وملابسات استشهادهم.
هنالك الكثير من الجرائم التي تضع عشرات والمئات من المعتقلين في حالة الاختفاء القسري، لأن سلطات الاحتلال لا تعترف بوجودهم، ثم تتخلص منهم وحتى لا تسلم جثامينهم ولا تعترف بوجود تلك الجثامين كما هو الحال مع الشهيد “أنيس دولة”، هذا الشهيد منذ 44 عاما استشهد داخل الأسر وسلطات الاحتلال تنفي علمها بوجود جثمانه، مما يؤكد ما ذهبت إليه بعض التقارير التي تسربت من مراكز التشريح ومعاهد التشريح حول سرقة الجلود وقرنيات العين والتنكيل بها واستخدامهما في مراكز الأبحاث ونقل أعضائهم لإجراء التجارب وتعليم طلبة الطب في الجامعات الإسرائيلية والتشريح باستخدام أجساد الشهداء.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!