ساركوزي وأوهام نابليون

عندما وقف نابليون ذات صباح امام أسوار عكا بعد ان استعصى عليه اقتحامها ألقى بقبعته وقال: هنا دفنت أحلامي عند أسوار عكا.. بعدها ناشد نابليون يهود العالم ان يتوحدوا ويتجمعوا لبناء دولتهم على أرض فلسطين، مدركا ان هذه الخطوة هي الوحيدة التي تضمن تفكيك الشرق العربي الى كيانات هزيلة ودول قطرية ضعيفة يسهل السيطرة عليها وحينها تكون الفرصة العظيمة لهيمنة الغرب على الشرق والشمال على الجنوب..

• ساركوزي ظن ان قصر القامة يكفي للتشبه بنابليون ولم يلتفت الى قلة القيمة التي تلاحقه بقصصه الغرامية الفارغة التي جعلته أضحوكة امام الناس.. ساركوزي هذا دعا الى قمة الاتحاد المتوسطي بباريس في شهر يوليو القادم.. انه يريد ان يحيي أوهاما قديمة وان يؤسس لإمبراطورية “البارفام والجبن المتعفن” الفرنسية، الا انه يتغابى عندما لا يدرك الآثار العميقة لعدوان فرنسا التاريخي على البلدان العربية مشرقا ومغربا.. عندما يتناسى تدمير نابليون لمدينة غزة ويافا وتدمير مؤسسات الأمة الحضارية بالقاهرة.. انه يتناسى ماذا فعلت فرنسا بتونس والمغرب من إذلال للشعب هناك وتفسيخه وتدمير بنيته التحتية. .ان كان يتناسى ذلك، فهل يستطيع ان يتناسى ما حل بالجزائر من جرائم حرب على مدار قرن ونصف من قبل العنصريين الفرنسيين؟ انه ليس شجاعا ليتخذ خطوة امبراطورية!! كأن يعلن عن اعتذار تاريخي للشعوب العربية وان يعلن ان حرب الجزائر كانت جريمة بكل المعاني تستوجب ان تقدم فرنسا كل ما من شأنه التعبير عن الإحساس بالذنب.. ان كل بيت في الجزائر قد نكب بفعل الاستعماريين، كما ان الجروح لاتزال عميقة بكل اشكال الحياة في الجزائر.. وهو غير ما سوف عليه ليس رجلا لكي يعلن هذا الموقف.. اذن ماذا يريد ساركوزي؟؟
• انه يريد ادماج اسرائيل في منظمة اقليمية تكسر عنها طوق المقاطعات العربية الخجولة.. كما انه يريد ان يبحث لمصانع فرنسا عن مجال حيوي.. ويريد ان يضمن سوق الفرانكوفونية في المنطقة العربية.. وهو مستعد لتقديم تنازلات تكتيكية لبعض الرؤساء العرب الذين كان محجورا عليهم ان ينفتحوا على الغرب وذلك لكي يعطوا شرعية لخطوته الاستعمارية هذه.
• جاء موقف الجزائر الرافض للقاء ضمن هذه المعطيات حجر ارتكاز لموقف عربي فيما لو كان هناك حرص على موقف عربي مشرف.. الا اننا سنشاهد البعض يشد الرحال الى قصور الاليزيه ظانا بأن الساركوزي سيمنحه ضمانات للخروج من مآزقه.. ان موقفا عربيا موحدا معبرا عن طموحات العرب مسألة ليست فقط من باب المصالحة السياسية انها من باب الكرامة والعزة التي لاتنزل عنها.