العالم
مسلسل اليمين الفرنسي في استهداف الجزائر يتواصل

ساركوزي منظفا عند باب القصر العلوي في الرباط

محمد مسلم
  • 7584
  • 0
أرشيف

مرة أخرى، يلجأ النظام المغربي إلى اليمين الفرنسي لممارسة ضغط مركّز على الرئيس إيمانويل ماكرون، من أجل تبديد غضبه من المملكة العلوية والحد من اندفاعه نحو الجزائر. هذه المرة، قرّر اليمين الدفع بواحد من أبرز وجوهه وهو الرئيس الفرنسي الأسبق، نيكولا ساركوزي، لتنظيف النفايات من أمام أبواب القصر العلوي، وهي وظيفة تليق به باعتباره أحد السياسيين الذين تلطخت أيديهم بالفساد.
وفي الوقت الذي كان على ساركوزي الابتعاد عن المشهدين السياسي والإعلامي، على الأقل، على أمل أن ينسى الفرنسيون فضائحه المتراكمة، فضّل الخروج إلى الواجهة، عبر أكبر المنابر الإعلامية اليمينية، ممثلة في صحيفة “لوفيغارو”، التي تقود، منذ مدة، حملة ضد الجزائر خدمة لأجندتها المعتادة، والمشحونة، عادة، بخلفيات تعود إلى الحقبة الاستعمارية، التي يبدو أنها خلّفت ندوبا في ذاكرة الحالمين بـ”الجزائر فرنسية”، صعب عليهم نسيانها.
ساركوزي حذّر من أن ما وصفه “التحوّل” الذي تشهده العلاقات الجزائرية – الفرنسية مقارنة بالعلاقات الفرنسية – المغربية يضر بالعلاقات بين الرباط وباريس، بل واعتبر ذلك مجازفة قد تؤدي إلى “فقدان كل شيء، لن نكسب ثقة الجزائر، وسنفقد ثقة المغرب”.
وذهب ساركوزي بعيدا محذّرا ماكرون من بناء صداقة مصطنعة مع الجزائر، لأن المسؤولين الجزائريين يستخدمون، على حد زعمه، فرنسا بشكل منهجي “ككبش فداء لإخفاء عيوبهم”. كما قال أيضا إنهم يتهمون فرنسا بكل الشرور التي أصابت بلادهم.
كان الرئيس الفرنسي الأسبق متحاملا بشكل لا يطاق على الجزائر ومسؤوليها، فيما كان الثناء حاضرا بقوة على نظام ثيوقراطي موروث من القرون الوسطى، مارق لا يراعي اعتبارات حرية التعبير ولا حقوق الإنسان ولا يتورع في إفساد الممارسة السياسية، من خلال شراء ذمم سياسيين أوروبيين بالمال، ولوائح وإدانات البرلمان الأوروبي شاهدة.
ما صدر عن ساركوزي لا يشكّل مفاجأة لمن يعرف هذا السياسي الفاسد والمدان بقرارات قضائية فرنسية باتّة، فأول من دافع عن مخطط الحكم الذاتي في الصحراء الغربية الذي اقترحه النظام المغربي في سنة 2007، كان نظام ساركوزي الذي كان، يومها، يقضي سنته الأولى في قصر الإيليزي، بل إن بعض المصادر تشير إلى أن نظام ساركوزي كان على رأس الذين ساعدوا الرباط في صياغة المقترح، والدفاع عنه على مستوى مجلس الأمن الدولي، وكما يقال “الشيء لا يستغرب من مأتاه”.
الجريدة ذاتها التي حاورت ساركوزي، هي التي أوردت، قبل أقل من أسبوع، خبرا عن عريضة لـ94 سيناتورا ينتمون أيضا لليمين الفرنسي، طالبوا ماكرون أيضا بالتغاضي عن فضائح وتجاوزات النظام المغربي وإعادة تطبيع العلاقات معه على حساب الجزائر، وذلك بالاعتراف بسيادته المزعومة على الأراضي الصحراوية المحتلة.
ويبدو أن ما يقوم به اليمين الفرنسي هو حملة ممنهجة تستهدف الجزائر من جهة، وإعادة تأهيل النظام المغربي المغضوب عليه أوروبيا من جهة أخرى، بسبب فضائح الرشوة والفساد التي تورط فيها، ويمكن للمتابع أن يرصد هذه الحملة من خلال توزيع الأدوار واختيار الظرف، ففي ماي المنصرم، زار رئيس حزب “الجمهوريون” اليميني، إيريك سيوتي، المملكة العلوية واستقبل من قبل مسؤوليها في الفنادق الفاخرة على حساب القصر، ومن هناك، تكرم عليهم بتغريدة على شاكلة تغريدة ترامب، يزعم فيها أن الأراضي الصحراوية المحتلة لا يمكن أن تكون إلا تحت السيادة المزعومة للمغرب، قبل أن يعود، بعد فراغه من الزيارة، إلى الحديث عن الصحراء الغربية، لكن هذه المرة من فرنسا، بما يخدم أطروحة النظام المغربي.
وعلى الرغم من أن العلاقات الجزائرية – الفرنسية ليست في أحسن أحوالها، بدليل المصير الغامض لزيارة الرئيس، عبد المجيد تبون، إلى فرنسا، بالإضافة إلى قضايا أخرى عالقة، إلا أن اليمين الفرنسي يحاول إظهار غير ذلك، كمبرر للدفاع عن إعادة العلاقات مع النظام المغربي إلى سابق عهدها، وإقناع ماكرون بالتنازل عن واجبه في الغضب من نظام وظيفي أوصله تهوره حد التجرؤ على التجسّس على مسؤولي المملكة العلوية، التي واضب نظامها على خدمة أجندات باريس في المنطقة.

مقالات ذات صلة