الرأي

سأنتخب عمر ثامري!

قادة بن عمار
  • 1685
  • 11

حين يهتم الجميع بخرجة مولود حمروش الساكت منذ 15 سنة، وبتوقيف إضراب التربية وغضب متعاقدي ما قبل التشغيل، وبوعود سيدي السعيد التي لم تأت، وبتحذير بوتفليقة من المساس بحرمة المؤسسات، ثم ترشحه لعهدة رابعة.. حين يهتم الناس بلقاء لويزة حنون بالجنرال ڤايد صالح، وبعودة بن فليس من بعيد، وحديث سفيان جيلالي عن انقلاب، وركض موسى تواتي لتقديم التوقيعات.. يقف هنالك في قرية صغيرة وبائسة بولاية الجلفة اسمها “فيض البطمة” أب مكلوم وأم مجروحة، يودعان طفلا بريئا، اسمه عمر، لم يكن “شيئا مذكورا” لدى جميع أولئك الذين ذكرنا أسماءهم سالفا أو لم نذكرهم، لكنه عاد ليزاحمهم في صدر الصفحات الأولى للجرائد، دون رغبة منه ولا سابق تخطيط من عائلته!!

ذنب عمر الوحيد أنه حلم بزرقة البحر فأهداه القتلة موتا مبللا حين أغرقوه في حوض مائي مقرف بقرية بائسة!!

ذنب عمر أنه عاش سنوات حياته الثماني في قرية البطمة.. درس في ابتدائية تحمل اسم الأمير عبد القادر، مؤسس الدولة التي ينتمي إليها عمر وأقرانه وجيرانه وعائلته وسكان قريته جميعا “بالوراثة”.. أما ذنبه الأكبر، فهو حلمه المستمر والدائم بأشعة الشمس ومتعة الحياة وفرحة الصبا، ما هذه الجريمة الكبيرة.. ألم يكن يعلم أن الفقراء في قريته لا يحلمون!!

مات عمر، فنزل الوالي بجلالة قدره مسبوقا بجيش حراسه وطابور سياراته الرسمية وأبواقه.. قال للوالد المسكين “وليدك في الجنة”، وأخبر الأم الحزينة: “هذا مكتوب ربي”.. أفلا يعرف هؤلاء المنافقون أن “الزوالية” أقوى إيمانا منهم بالمكتوب؟ أليس في قبول مثل هذا النظام حاكما منذ الاستقلال وحتى اليوم، رغم بؤسه وظلمه وجبروته، أكبر دليل على إيمان غالبية هذا الشعب بالقضاء والقدر؟!

حين قرأت مأساة عمر، كغيري من الجزائريين.. قررت أن أنتخب.. لكنني سأضع وبدلا من صورة بوتفليقة، بن فليس، تواتي أو لويزة حنون..، صورة الطفل عمر ثامري لعلها تحرك في هؤلاء الجالسين على الكراسي، القابضين على الصناديق، المقاومين لسنّة التغيير.. شيئا اسمه الكرامة وروح المسؤولية، لكن هيهات!!

من منكم أكثر وطنية من عمر؟ تعلمّ في مدرسة اسمها الأمير عبد القادر وقطن في حيّ عنوانه “الفاتح نوفمبر” ورحل عن الدنيا عشية يوم الشهيد، لم يعرف في حياته بلدا آخر غير الجزائر، لم يركب طائرة ولا سفينة، لم يحمل، لا هو ولا أيّ فرد من عائلته، جنسية أخرى غير الجزائرية.. فمن منكم أكثر وطنية من عمر؟!!

ألم يقل معتوه من “الشياتين” أنه سينتخب بوتفليقة حيا أو ميتا… أنا سأنتخب عمر ميتا، لأن في رحيله بهذا الشكل إدانة لجميع “الموتى” الذين يحكمون البلاد والعباد ويحسبون أنفسهم أحياء… في موت عمر “حياة جديدة” أرحم بكثير من دنيا تلوثت بالقتل والاختطاف واغتصاب الأطفال وانهيار القيم.. ولا حول ولا قوة إلا بالله!

مقالات ذات صلة