الجزائر
شملت أبسط السلع والخدمات

زيادات الأسعار تتوسع وتلهب جيوب المواطنين

وهيبة سليماني
  • 6203
  • 3

حلّت سنة 2022 على الجزائريين، وهم يتطلعون إلى أوضاع حسنة، وجديدة، تنسيهم هموم أثقلت كاهلهم منذ دخول الوباء شهر فيفري 2020، ولكن بدأت آمالهم تصاب بخيبة في ظل ارتفاع  أسعار ضروريات الحياة التي لم يجدوا لها مبررا، وصاحب غلاء مواد استهلاكية لا تستغني عنها العائلات، زيادة في أبسط المستلزمات والخدمات…

وبعد ندرة الحليب والزيت وارتفاع أسعار مواد غذائية ضرورية، تفاجأ المستهلك الجزائري، بزيادة غير مبررة في قائمة كبيرة للسلع والخدمات إلى درجة انتشار موجة من الغضب والتهكم وسط المواطنين في الشارع، وعبر بعضهم عن غلاء المعيشة وارتفاع الأسعار بطريقة التنكيت حيث شاعت جمل عبر منصات الاجتماعي تعكس مدى التأثير البالغ لهذا الوضع في النفوس.

ووجد الجزائريون اليوم ومع بداية سنة جديدة، أنفسهم تحت ضغوطات الإجراءات الاحترازية للوقاية من عدوى كورونا في ظل موجة رابعة، وبين سندان الوباء ومطرقة الأسعار الملتهبة التي أحرقت جيوبهم، فحتى المراحيض العمومية، وحظائر ركن السيارات، والكثير من الخدمات مثل الحلاقين، والمقاهي والأكل السريع، رفعت الأسعار بشكل غير مبرر، ناهيك عن أغذية تجدها الكثير من العائلات البسيطة، مواد استهلاكية ضرورية لسد رمق أبنائها، مثل البيض والأجبان، وبعض العجائن، التي لم تعد في المتناول بسبب زيادة أسعارها هي أيضا.

تسقيف هامش ربح المنتجات الأساسية ضرورة

وفي السياق، أبدى مصطفى زبدي، رئيس المنظمة الجزائرية حماية المستهلك، امتعاضه من الزيادات غير المبررة وغير المفهومة في الكثير من المواد الاستهلاكية، وقال إن ارتفاع أسعار الحليب ومشتقاته، والبيض واللحوم البيضاء والحمراء لم  توضح أسبابها بشكل جيد وكاف من طرف المربيين والفلاحين والتجار.

ودعا زبدي إلى تنظيم السوق في أقرب الآجال وتدخل الجهات المختصة في هذا الشأن، حيث طالب بوضع حد للزيادات العشوائية والمفاجئة للأسعار في المواد الاستهلاكية غير مدروسة حسب متطلبات السوق العالمية.

وحذّرت المنظمة الجزائرية لحماية المستهلك، من النتائج الوخيمة لارتفاع الأسعار، خاصة في الخضر والفواكه والمواد الغذائية التي يحتاجها المواطن البسيط ولا يمكن الاستغناء عنها، حيث قد يصل الجزائريون البسطاء إلى درجة الانفجار والعجز عن شراء احتياجاتهم اليومية.

وشدّد مصطفى زبدي، على تطبيق تسقيف هامش الربح للمنتجات الأساسية في أقرب وقت، لتفادي أزمة اجتماعية حادة من شأنها تأزيم الوضع في ظل جائحة كوررونا.

نقص الإنتاج وزيادة الطلب والركود.. قنابل تهدّد السوق

من جهته، برّر الناطق باسم الاتحاد العام للتجار الجزائريين، سعيد قبلي، الزيادات الملحوظة في كل السلع الضرورية والمواد الغذائية، بزيادة الطلب مقابل العرض، ونقص في الإنتاج بسبب بعض المواد الأولية المستوردة، حيث قال إن السوق الجزائرية تشهد ركودا، ويقتصر الطلب، حسبه، على قائمة من المواد الغذائية كالحليب والقهوة والسكر والزيت والبقوليات والبيض واللحوم البيضاء، ومنها المستوردة التي ارتفعت أسعارها بسبب زيادة في النقل البحري، والضرائب، وأخرى ذات إنتاج محلي ولكنها تصنع بمواد أولية تستورد أيضا من الخارج.

وفيما يخص الندرة التي تعرفها السوق في الحليب، طمأن قبلي، المستهلك الجزائري أنه تم الترخيص لاستيراد بودرة الحليب وسيحل المشكل قريبا.

ودعا سعيد قبلي، الناطق باسم اتحاد التجار والحرفيين الجزائريين، وزارة التجارة إلى إيجاد حلول مناسبة لمنع تصدير مواد استهلاكية ضرورية يكون الجزائريون في حاجة إليها، أو قد يسبب تصديرها ندرة في السوق الجزائرية، وأن لا يرخص بتصديرها إلا بعض ضمان وفرتها للمستهلك المحلي.

مبتول: القدرة الشرائية لن تتحسن إلا بتعامل شفاف مع الوضع الاجتماعي

ويرى الخبير الدولي في الاقتصاد، الدكتور عبد الرحمان مبتول، أن التضخم الاقتصادي يهدد الجزائر خلال 2022، وذلك لعدة أسباب، حيث سيكون أثر ذلك، على القدرة الشرائية والتماسك الاجتماعي، فمن الضروري العمل، حسبه، على التحكم في التوترات التي تعرفها الميزانية، والتقليل من نسبة البطالة.

ويقول الدكتور مبتول إن فهم عملية التضخم في الجزائر ينطوي على ربطها بعودة التضخم العالمي إلى التوازنات الاقتصادية الكلية والتوازنات الاجتماعية الكلية وفق رؤية ديناميكية. ويرى المختص بأنّ العملية التضخمية في الجزائر وصلت إلى مستوى لا يطاق فأكثر من 100٪ لقطع الغيار والسيارات، بالإضافة إلى 50٪ لبعض المنتجات الغذائية، بالإضافة إلى نقص في العديد من المنتجات.

وتساءل مبتول كيف يمكن لعائلة يتراوح دخلها بين 30 ألفا و50 ألف دينار أن تعيش لوحدها، خارج وحدة الأسرة التي سمحت في الماضي، بفضل دخل الأسرة، بالتماسك الاجتماعي؟ محذرا من الرؤية الشعبوية أين تؤدي مضاعفة الأجور إلى زيادة الإنتاج وإلى تسارع التضخم إلى معدل يزيد عن 20٪ مما يعاقب الفئات الأكثر حرمانًا.

وقال عبد الرحمان مبتول، إن تفادي تدهور القدرة الشرائية، يتم بتجنب الرؤية النقدية البحتة للحفاظ على احتياطات النقد الأجنبي، دون رؤية استراتيجية للتنمية.

وأكد مبتول، أن أكثر شيء يجب فعله خلال 2022، هو محاربة ما أسماه ب”الإرهاب البيروقراطي”، والفساد الذي “يخنق” الطاقات الإبداعية والقانونية.

ومن الضروري، حسب خبير الاقتصاد مبتول، تنفيذ الإصلاحات الهيكلية التي يجب أن توفق بين الكفاءة الاقتصادية والعدالة الاجتماعية، وهي الإصلاحات التي تتطلب تضحية مشتركة، يرى أنها ستكون مؤلمة على المدى القصير لكنها تحمل الأمل على المدى المتوسط والمدى البعيد.

وطالب عبد الرحمان مبتول، بجبهة وطنية واسعة تأخذ بعين الاعتبار الحساسيات المختلفة، وشفافية الاتصال مع الوضع الاجتماعي والاقتصادي، بعيداً عن الخطب الديماغوجية، وهي مواجهة قوية يمكن من خلالها حل مشاكل التوترات الجيو استراتيجية على مستوى البحر الأبيض المتوسط والمنطقة الأفريقية، وكذلك التوترات الاجتماعية المتعلقة بالميزانية على المستوى الداخلي..

مقالات ذات صلة