-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
عملية تحتاج إلى الكثير من التحديات

رقمنة التسجيلات الجامعية.. الطريق نحو جودة التعليم العالي

وهيبة سليماني
  • 1820
  • 0
رقمنة التسجيلات الجامعية.. الطريق نحو جودة التعليم العالي
أرشيف

أصبحت الجامعات الجزائرية، في ظل المعركة الرقمية العالمية واتساع الفجوة التكنولوجية بينها وبين الجامعات الأجنبية، ملزمة بعصرنة قطاع التعليم العالي، واستحداث آليات عملية واستراتيجيات واضحة المعالم، هدفها إيجاد بيئة تعليمية داعمة لفكرة التحوّل من التعليم التقليدي إلى التعليم الالكتروني، انطلاقا من توجيه مسارات التكوين نحو تخصصات ومجالات، تواكب العصرنة وتحقق رضا الطلبة، وتدفع لإنجاز أكاديمي يسمح بمجابهة الثغرات العلمية والاقتصادية الحاصلة على المستوى المحلي والدولي. والتسجيلات الجامعية الالكترونية، أحد تحديات وزارة التعليم العالي، لربح معركة الرقمنة، فإخضاع بطاقة رغبات الناجحين في البكالوريا لنظام الكتروني، مسألة لا تزال تثير الكثير من الجدل، سواء من ناحية عملية التسجيل أو التوجيه الجامعي.
ويشغل التوجيه وإجراءاته، الحاصلين على شهادة البكالوريا الجدد، إلى درجة القلق والترقب والتوجس، حيث رغم فرحة النجاح بـ”الباك”، إلا أن اختيار التخصصات الجامعية من أهم خطوات التسجيلات الجامعية الالكترونية، والأكثر تأثيرا في عمليات التوجيه، تستدعي مزيدا من الوعي والتحكم في آلية التسجيل الرقمي.

رقمنة خطوات التسجيلات الجامعية.. عقبات تثير مخاوف الطلبة الجدد
وتظهر إشكالية التسجيلات والتوجيه الجامعي بمجرد الإعلان عن نتائج البكالوريا، ما يثير مخاوف الكثير من الناجحين، في ظل تعقيدات آليات العملية الإلكترونية، ونقص تدفق الأنترنت، حيث يعيب مختصون وخبراء في المعلوماتية، عن افتقار آلية التسجيل الالكتروني لبعض التسهيلات التي من شأنها السماح للحاصلين على شهادة البكالوريا الجدد، خاصة القاطنين في المناطق النائية، اختيار رغباتهم ضمن أوفر الحظوظ.
وقال الخبير في المعلوماتية يونس قرار، مهندس دولة في الالكترونيك، لـ”الشروق”، إن منصات التسجيل للجامعة على الخط تحمل فوائد، ولكن لا يمكن إنكار بعض النقائص التي تتعلق في الغالب بشروط وضعتها الإدارة، يضاف إليها الحاجة الماسة خلال فترات التسجيلات للتدفق العالي.
وأكد قرار، أن المئات من الناجحين في البكالوريا، وخاصة الذين يقطنون في مناطق داخلية وأخرى نائية، اشتكوا في التسجيلات الإلكترونية السابقة الخاصة بالجامعة، ومن صعوبة ولوج المواقع الخاصة بهذه التسجيلات، ناهيك عن الفترة المحدودة لهذه الأخيرة، الأولية والثانوية، التي عبر عنها هؤلاء الناجحين في “الباك”، عبر منصات التواصل الاجتماعي، وطالبوا بتمديدها.
من جهته، يرى خبير التكنولوجيا والمعلوماتية، الدكتور عثمان عبد اللوش، أن من أكثر مشاكل التسجيلات الجامعية على الخط، هو افتقار المؤسسات التعليمية في مختلف مراحل التدريس وفي الجامعة، للبنية التحتية اللازمة لتقديم خدمات التسجيل والتعليم الالكتروني.
وقال إن تأسيس البوابات الإلكترونية، وتفعيل التسجيل والتعامل معها، يحتاج إلى مواصلة دائمة ليلا ونهارا لعمل الآلية التقنية، وتطوير مخرجات ولوج المنصات الرقمية، وهو حسب عبد اللوش، ما لا يتوفر في عمليات التسجيلات الجامعية، التي تتعطل أحيانا تحت ضغط إعداد الطلبة الذين يلجون الأرضية الرقمية لهذه التسجيلات، وبسبب ضعف تدفق الأنترنت في بعض المناطق.
وأكد خبير المعلوماتية، عثمان عبد اللوش، أن تقليص الفجوة الرقمية يحتاج إلى البوابات الالكترونية والقاعات التقنية قصد ربط كل العمليات من التسجيلات إلى التعليم، ومن خلال رؤية واضحة وخطة مدروسة يسهم في وضعها خبراء ومستشارون بعيدا عن التجارب الذاتية، مع تحديد قابلية أي مشروع رقمي للتطوير والتوسيع.
وأعاب على نقص الديناميكية المتجددة في المنصات الالكترونية سواء الخاصة بالتسجيلات الجامعية، أو التعليم العالي، حيث لا توجد وسائط متاحة بسهولة، تتماشى مع مناهج دراسية تندمج مع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات وتطوير محتوى رقمي وبرمجيات فعالة.

عمليات التوجيه بين صعوبة صياغة الاختيار وضغط البرمجة الالكترونية
ولا تتوقف مخاوف الحاصلين على شهادة البكالوريا الجدد، عند العراقيل والمشاكل التقنية المتعلقة بأرضية التسجيلات الجامعية الرقمية، حيث أن شروط الالتحاق بعدة تخصصات حسب شعبة البكالوريا، والمعدل المحصل عليه، يرتبط أيضا بالمقاعد البيداغوجية المتوفرة والمعدل العام الترتيبي لعدة تخصصات.
وقال في هذا السياق، الدكتور إسماعيل بوزيدي، أستاذ التعليميات بالمدرسة العليا للأساتذة ببوزريعة، لـ”الشروق”، إن خطوة التسجيلات الالكترونية، خطوة تتم ببطء وذلك لغياب المتخصصين، كما أن عملية التوجيه يشوبها نوعا من التعقيد يجعلها تحتاج إلى تحضيرات مسبقة، ودروسا وجلسات للخبراء والأساتذة مع المرشحين للبكالوريا.
وأوضح بوزيدي، أن انشغال الباحثين والمختصين بعمليات التوجيه هدفها تكفل بيداغوجي وتكوين جامعي يحقق التكفل بمستقبل الطلبة، في إطار تنمية شاملة ومتكاملة، حيث أن التسجيل الرقمي يجب ان يسبقه تطوير آليات سيكوبيداغوجية تهدف إلى تهيئة الظروف والعوامل التي يستطيع من خلالها الطالب صياغة اختياره.
وكشف في هذا الصدد، مدير التكوين العالي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جمال بوقزاطة، في لقاء بـ”الشروق”، عن تسجيل ملاحظات حول إشكالية التوجيه التي تبدأ بعدم فهم الطريقة الصحيحة والناجحة في اختيار التخصصات حسب المعدل العام والمعدل الموزون الذي هو عبارة عن نقاط بعض المواد المتحصل عليها في البكالوريا، والمقاعد البيداغوجية لكل تخصص، حيث قال إن من بين 98 إلى 99 من المائة من الطلبة الحاصلين على شهادة البكالوريا العام الماضي الذين أقبلوا على التسجيلات الجامعية، نسبة تتراوح من 10 إلى 15% منهم، كان لديهم اختيار صفر للتخصص، ودخول مرحلة ثانية في عملية التسجيل، وهذا بسبب اعتقادهم أن حصولهم على معدل عال قد يجعلهم، يقبلون في التخصص الأول المختار من طرفهم والذي يتناسب ومعدلهم، في حين حسبه، أن المقاعد البيداغوجية، قد تحدد في الأخير المعدل الترتيبي العام المطلوب للتخصص.
وأوضح، أن الضغط على البرمجة قد يعطل عمليات التسجيل، أضف إلى ذلك عدم استفادة الطلبة الجدد من تجارب من سبقوهم، خاصة فيما يخص بطاقة الرغبات واختيار التخصص.

إقبال محتشم للطلبة على الدفع الإلكتروني الخاص بمستحقات التسجيل
وأشار مدير التكوين العالي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي والمدير العام للتعليم والتكوين بالنيابة، جمال بوقزاطة، إلى أن ثقافة الدفع الالكتروني لمصاريف التسجيل تكاد تكون غائبة عند الناجحين في شهادة البكالوريا، حيث أقبل العام الماضي فقط 100 ألف ناجح من ضمن أكثر من 366 ألف ناجح في البكالوريا، على الدفع الالكتروني لمستحقات التسجيل المحددة بـ 200 دج.
صعوبات عمليات تأكيد التسجيل في المرحلة المتعلقة بدفع المستحقات عبر الخط، وباستعمال البطاقة الذهبية، لم تسبقها المعلومة والتوجيه والتنسيق بين الإدارات، حيث تعذر وحسب الدكتور إسماعيل بوزيدي، متخصص في التعليميات وتقويم المناهج، على بعض الطلبة القيام بهذه العملية، فرغم نشر فيديوهات توضيحية من طرف بعض الجامعات حول الموضوع، إلا أن دفع حقوق التسجيل عبر الأرضية الرقمية، لم يستقطب الكثير من الطلبة الجدد لغياب ثقافة الدفع الالكتروني وعدم توفر البطاقة الذهبية عند بعضهم.

رهانات تسهيل الولوج لأرضية التسجيلات وتبسيط الإجراءات
وأكد مدير التكوين العالي بوزارة التعليم العالي والبحث العلمي، جمال بوقزاطة، أن هذه الأخيرة تعمل سويا بالتعاون مع وزارتي البريد والاتصالات السلكية واللاسلكية، والداخلية، لتحسين وتطوير قاعدة البيانات الخاصة بالناجحين الجدد في شهادة البكالوريا، وأهمها الرقم التعريفي في عمليات الدفع الالكتروني.
وتسعى الوزارة الوصية، حسب بوقزاطة، إلى تجسيد الثقافة الالكترونية والدفع الالكتروني وسط الطلبة الجدد، وتحقيق دمج العمليات الأولية، والتسجيلات والتوجيه النهائي وطلب الايواء الخاص بالإقامات الجامعية، عن طريق الأنترنت، قصد تسهيل الولوج إلى خدمات المرفق العمومي من خلال تبسيط الإجراءات.
وقال جمال بوقزاطة، إن المشكل الوحيد الذي قد يثير مخاوف المتحصلين الجدد على شهادة البكالوريا، هو وقوع ضغط على البرمجية، وذلك لكثرة الطلبات التي تكون في نفس الوقت، حيث تعمل وزارة التعليم العالي مع جهات أخرى مسؤولة لضمان تدفق عال للأنترنت، وعبر التراب الوطني خلال فترة التسجيلات الجامعية.
وكما تفتح وزارة التعليم العالي، مراكز عبر بعض الجامعات لقيام الناجحين في البكالوريا، بعمليات التسجيلات الجامعية مجانا، وذلك لضمان هذا التسجيل بعيدا عن مقاهي الانترنت، هذه الأخيرة التي قد يقع فيها الطالب ضحية عدم تأكيد التسجيل الذي يقوم به.
وأفاد ممثل وزارة التعليم العالي، جمال بوقزاطة، أن الحملات التحسيسية والتوعوية حول التسجيلات الجامعية بدأت داخل بعض الثانويات عبر الوطن، وهذا قبل امتحان البكالوريا، حيث كلفت وزارة التعليم العالي، خبراء واساتذة واهل التجربة، من خلال أبواب مفتوحة على الجامعات عشية الإعلان عن نتائج “الباك”، وقبل انطلاق التسجيلات، للإجابة عن انشغالات الناجحين، وتبسيط لهم طرق ولوج الأرضية الرقمية الخاصة بالتسجيل، وشرح كيفية تفادي الاختيار صفر الذين لم يوجهوا لأي اختصاص وعليهم التسجيل واختيار الرغبات خلال مرحلة أخرى للتسجيل.
وقال بوقزاطة، إن العام الماضي تم إحصاء آلاف الطلبة الذين كان لهم اختيار صفر، حيث أصيبوا بخيبة أمل، وهذا اعتقادا منهم أن معدلهم العام العالي للبكالوريا، يمكنهم من قبول رغباتهم، إذ أن المقاعد البيداغوجية، حددت المعدل العام الترتيبي.
وأبقت وزارة التعليم العالي، حسبه، على بعض الإجراءات التي اتبعت خلال بكالوريا 2021، خاصة عدد الاختيارات للتخصصات التي تكون من 6 إلى 10 رغبات على الأقل، والمعدل الموزون، وكذا المقابلات امام اللجان بالنسبة لحاملي البكالوريا ن اختاروا الدراسة في مدارس العليا. ودعا الطلبة الجدد، إلى احترام رزنامة التسجيلات الأولية وتأكيدها والنهائية والمتعلقة بالإيواء.

توفير على الأقل 100 مليار سنويا جراء التسجيلات الجامعية.. وآفاق أخرى
وفي سياق الموضوع، أوضح المختص في المعلوماتية، ورئيس قسم الموافقة والشهادة بالمدرسة العليا للإعلام الآلي، توفيق عيسى، في تصريح لـ”الشروق”، أن المنصة الرقمية الخاصة بالتسجيلات الجامعية يصحبها سنويا تعديلات، من شأنها المساهمة بشكل جذري ونوعي في إضفاء تحكم كلي في توجيه الطلبة الجدد، وحسب النتائج المحصل عليها لكل ناجح في البكالوريا، والتخصص الملائم للطالب عموما، وهو ما أضفى، حسبه، أكثر شفافية على عملية التوجيه الجامعي.
وفيما يتعلق بعملية الدفع الالكتروني لمصاريف التسجيل الجامعي، فقد أكد توفيق عيسى، أنها متاحة على مستوى المنصة بصفة تلقائية عن طريق البطاقة الذهبية لبريد الجزائر او البطاقة البنكية، وهذا من خلال تحقيق الربط بين منصتي الدفع الخاصة بكل القطاعين.
من جهته، قال الدكتور إسماعيل بوزيدي، متخصص في التعليميات وتقويم المناهج، إن التسجيلات الجامعية على الخط، أفادت الطلبة ماديا واجتماعيا، حيث وفرت الجهد والوقت، وخلصتهم من عناء التنقل للجامعات والمعاهد، مشيدا بالمعدل الموزون الذي رآه فكرة علمية رائدة، مؤسسة على اهداف التقويم البيداغوجي ومخرجاته، حيث يتحدد على ضوء ذلك ملمح التوجيه.
وأعاب على نقص الاعلام والتحسيس حول التسجيلات الجامعية، وعدم استغلال طاقات خريجي الجامعات، الذين لديهم خبرات وتكوين جيد في تسيير التكنولوجيا والتحكم فيها.
وأشاد خبير المعلوماتية، يونس قرار، بالدور الذي لعبته التسجيلات الالكترونية الجامعية، حيث سبق حسبه، التأكيد من طرف المسؤولين، على توفير سنويا ما لا يقل عن 100مليار سنتيم من مصاريف كانت تهدر سابقا على التسجيلات الكلاسيكية، القائمة على أساس طباعة الورق، والنقل، وتخصيص الوقت والعامل البشري للإشراف عليها.
وعن الدفع الإلكتروني لمستحقات التسجيل، قال قرار، إن على الجهات المسؤولة، أن تشجع الطلبة قصد الاقبال عليها من خلال تخفيضات في الرسوم.

التسجيلات الالكترونية قاومت “المعريفة” وحققت الشفافية
ومن بين فوائد التسجيلات الالكترونية على الخط، حياد التقنية وآلياتها، وقضائها على الوسائط، حيث يرى الدكتور إسماعيل بوزيدي، أن شفافية معالجة ملفات المسجلين الجدد للدراسة في الجامعات، حققتها المعالجة الالكترونية للناجحين في شهادة البكالوريا.
وساهمت حسب ذات المتحدث، في توجيه علمي وعقلي وهو بمثابة توجيه التوجيه، وخطوة التسجيلات الالكترونية الجامعية مسعى حميد وضروري ومن خلاله يتم اختيار التنمية في سير الملفات، خاصة أن أجيال الرقمنة، يحسنون استعمال أدوات التكنولوجيا.
وكشف ممثل وزارة التعليم العالي، جمال بوقزاطة، عن وجود مقاومة من الذين يرغبون في الوساطة و”المعريفة”، وهذا مع بداية استعمال أرضية رقمية للتسجيلات الجامعية، لكن المعلوماتية حققت الشفافية، وتم التصدي من طرف الوزارة المعنية لمثل هؤلاء، حيث مع مرور السنوات وتطوير آليات منصة التسجيلات، تتوجه العملية نحو أكثر مصداقية وشفوية.
وكل ذلك يلعب دورا، حسبه، في تقييم الطالب، كأحد الأساسيات لتحقيق تطبيق إدارة الجودة الشاملة في التعليم العالي، وتدعيم أكثر للعمل البيداغوجي.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!