-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع

رصاصة‮ ‬لقتل‮ ‬الثورة‮!‬

قادة بن عمار
  • 4501
  • 10
رصاصة‮ ‬لقتل‮ ‬الثورة‮!‬

الرصاصات الأربع التي اخترقت صدر وبطن المناضل اليساري التونسي شكري بلعيد، لم تكن موجهة ضد الرجل باعتباره معارضا سياسيا شرسا وحسب، وإنما أيضا لزرع فتنة رخيصة ليس متوقعا نومها سريعا، بعدما استيقظت وبات من الضروري لعن جميع من أيقظها، من اليسار إلى اليمين، ومن العلمانيين‮ ‬حتى‮ ‬الإسلاميين‮!‬

لعل أكثر رجل يشعر بالغبطة والراحة والطمأنينة في الوقت الراهن، بالنظر إلى الوضع المتصاعد والخطير جدا، هو زين العابدين بن علي، وزوجته ليلى، تماما مثلما تناقلت التقارير الإعلامية خبر فرحة أركان النظام المصري السابق لحالة الانفلات الأمني التي دفعت بعض المصريين‮ ‬للقول‮ ‬بتحسّر‮ ‬بالغ‮: ‬فوضى‮ ‬ولا‮ ‬مبارك‮ ‬لها؟‮!‬

هل حقا نحن شعوب لا يمكن أن تحيا إلا بسياط وزارات الداخلية التي أنشأها مبارك وبن علي والقذافي وعلي عبد الله صالح، والأسد؟ أم أننا لا نستحق الربيع العربي فتعمدنا تحويله بسرعة إلى خريف دموي ثم شتاء عاصف، لا يبقي ولا يذر!

المثير للتقزز أن حالات الانفلات الأمني في تونس ومصر وسوريا، باتت تساعد أنظمة مغلقة ودكتاتوريات بوليسية مقيتة على التباهي بحالة الاستقرار والأمن المفرط اللذين توفرهما لشعوبها مكمّمة الأفواه، محرومة الرزق، والمحاربة في “خُبزتها” على طول الخط… حالة التمزّق التي تعيشها مصر وتونس تحديدا، والحرب التي طالت في سوريا دون أن يُنهي الثوار معركتهم بإسقاط النظام القاتل هناك، نفخت مجددا في روح الأنظمة التي تقاوم التغيير بشكل سافر، ولا تزال ترى حتى الآن أن الشعوب لا تستحق غير تلك الإصلاحات التي تحاك على مقاس الأنظمة. في الجزائر مثلا، ليس غريبا، أن تفتح العديد من المنابر الجامعية والإعلامية، أبوابها لخبراء وأكاديميين وحتى لرؤساء مخابرات سابقين من أجل تحذير الجزائريين من فتنة الربيع العربي وأهواله، كما تحذّر من المؤامرات التي يتم خياطتها داخل المخابر الدولية من أجل الانقضاض‮ ‬على‮ ‬حالة‮ ‬الرخاء‮ ‬الزائد‮ ‬الذي‮ ‬نعيشه‮ ‬في‮ ‬الجزائر‮!‬

كيف لوزيرة سابقة أن تتحوّل الى منظِّرة تحذّر الجميع من فتنة الربيع العربي وهي التي ارتبط اسمها بخريف سياسي باهت ومرّ في الجزائر؟ كما أنها لم تقدم لشعبها سوى الويلات والسياسات الفاشلة، وها هي تعود الآن، لتقول للجميع إنها ستدافع عن الجزائر ضدّ كل المؤامرات الخارجية؟‮ ‬فمتى‮ ‬سيحاسبها‮ ‬الشعب‮ ‬على‮ ‬ما‮ ‬ارتكبته‮ ‬من‮ ‬مؤامرات‮ ‬داخلية؟‮!‬

الانزلاق الذي وقع في ثورات الربيع العربي، لا يبرّر الكفر البواح بالتغيير، والردّة المتزايدة على المطالبة بالحريات، والتمرد المفاجئ على استرجاع الكرامة، لكن في الوقت ذاته، فإن التضحية المستمرة بالمال والأرواح، تعدّ أمرا موجعا لكنه طبيعي جدا في مثل هذه الحالات الإنسانية الفارقة، واللحظات التاريخية الهامة التي تفصل ما بين الاستبداد والحرية، وما بين الإذلال والكرامة، وما شكري بلعيد الذي سقط في تونس، ومن قبله محمد الجندي في مصر، إلا ثمن طبيعي ومنطقي جدا للتغيير المنشود.. أليس للحرية الحمراء باب، بكل يد مضرّجة يدق‮!‬؟‮ ‬

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
10
  • عمر

    كاتب جزائري , عليك بالمطالعة أكثر سيدي

  • إبراهيم المعسكري

    الحمد لله أنها ظهرت عيوب الثورات المزيفة التي ذهبت بالمعلوم و أتت بالمجهول أنتم أردتم الديمقراطية فاقبلوها بحلوها و مرها فقد قتل بلعيد في عهد الغنوشي و لو قتل في عهد زين العابدين لكان قلمك جرارا ليلا و نهارا هذا من فعل النظام هذا من فعل النظام و رحت تهيج الناس و تصيح و تولول أتحداك أن تصيح الآن و تولول و تقول هذا من فعل النظام أم أنك وجدت الرجلان على حد سواء في التمسك بالسلطة و قد مضت بيعتك للثاني فخجلت أن تقول كلمة حق .

  • laila fermi

    لكن العرب لا يستطيعون الدخول في سباقات المسافات الطويلة،فهم لا يملكون النفس الطويل الدي كتمته الديكتاتوريات طويلة المدى،فاصبحوا يستعجلون جني الثمارو احتمال اخر يرى انها خرجت من اطار المد الثوري ،الى المد التامري و ان هناك مشروع خارطة طريق في بلاد المغرب العربي،مماثل لمشروع الشرق الاوسط فامريكا و اسرائيل لا تفصلان بين المشرق و المغرب ،و تريد ازالة الجدار العازل بينهما ،فكلتا الطريقين يؤديا الى تحقيق حلم اسائيل الكبرى من النيل الى الفرات، و الايام كفيلة بان تظهر النوايا الحقيقية لهده الثورات

  • laila fermi

    هل بمقتل شكري بلعيد فتح باب الاغتيالات في تونس؟لقد اصبحت البلاد قاب قوسين او ادنى من سيناريوا الجزائر،قد يجرها الى حمام من الدماء،وفي كل الاحوال عملية الاغتيال ،رسالة تحمل في طياتها الكثير،قال الملك لويس اثناء حملاته على اوروبا:"لا يهمني عدد الطلقات التي وصلت الى اوروبا،بل يهمني صدى هده الطلقات "ان المتتبع للوضع في تونس و مصر وغيرها ،يجد نفسه امام مجموعة من الاحتمالات،منهم من يرىانها هزات ارتدادية للثورة،فلكل ثورة تبعات فتبعات ثورة المكسيك استمرت 70 سنة ،ونفس الشئ للثورة الفرنسية 50 سنة....يتبع

  • بدون اسم

    OUI MONSIEUR VOUS AVEZ RAISON

  • hamdi

    انها يد المخبرات الفرنسية التي مزالت تحن الى فترة الاستعمار ولن ترضى بانضمة شرعية انتخبتها شعوبها وتريد انصمة خانعة تتلقى اوامر اسيادها وان تونس تدفع اليوم ثمن معارضتها للحرب على شمال مالي ولن تتردد في ان تفعل هذا بالجزائر

  • ام كلثوم

    ما تعيشه مصر وتونس من احداث مؤلمة واوضاع ماسوية امرطبيعى
    كل ثورة فى العالم تتعرض لهزات وتصادمات وانشقاقات..ماذا كنا ننتظر من شعوب عاشت احقبة من الزمن تكتوى بنيران الكبت والقهر والظلم..حقا الفوضى التى تعم هذين البلدين والانفلات الامنى الخطير الصادر من المجهول يعقد الحالة اكثر ويساهم فى عدم الاستقرار وفى تدنى الخدمات للمواطن وفى تدهور الاقتصاد
    والتنمية ..حتما هذا الوضع سيختفى ويزول لكن المؤسف له ان يسعى ابناء الوطن فى خدمة اجندة تضر البلاد والعباد ولايكترثون لذلك...

  • جمال

    سيدي الكريم نحن العرب ذاكرتنا التاريخية قصيرة جدا وتطلعنا للمستقبل أقصر نحن قوم نبحث عن النتائج في أقصر وقت وأقل جهد وتضحيات. صحيح أن الوضع الحالي المصري والتونسي صعب ومأساوي لكن أتنبأ لهما بمستقبل زاهر ومزدهر أكرر بأن العنف الحالي وليد فترة الظلم والطغيان والكبت للأنظمة القمعية السابقة والتجاوزات وليدة غياب ثقافة ديموقراطية التي ستتبلور وتنمو شيئا فشيئا. ففرنسا مثلا بعد ثورتها استغرقت ازيد من 50 سنة من الاغتيالات والمشانق والمحاكمات وكما قال محمد أركون الثورة الناجحة هي التي تتبعها سجالات .....

  • العربي

    الاخ قادة.
    الخطر في الفتنة وفي قيام البعض بالمطالبة بقميص المرحوم بلعيد ونرجو الله سبحانه الا تدول المساءلة كما هو حالة المرحوم الحريري في لبنان.
    لان الصيد الثمين ليس تونس وانما الجزائر.اللهم احفظ تونس والجزائر والمغرب وسائر اقطار المغرب الكبير

  • احمد

    اشاطرك الرأي اخي قادة........
    مثل هذه المظاهرات معروف من يحركها من وراء الستار و يقف خلفها......
    مادام ارتضى الجميع بالتداول على السلطة و ما يفرزه الصندوق فلا داعي للثورات المضادة فتصبح الثورة سنة لإفتكاك الحكم الشرعي او لتقويض اركانه