الرأي

رسالة لمن يفهم؟!

قادة بن عمار
  • 6898
  • 25

عندما نقرأ في الصحافة الوطنية عن نجاح أحد “المحتالين” في تزوير شهادة ماجستير، واستنساخها عن طريق “سكانير” لفائز آخر، غيّر اسمه، ثم يتم قبوله في الوظيف العمومي ليصبح أستاذا جامعيا، تتخرج على يديه الكثير من الأجيال على مدار سنوات وسنوات، فلا عجب أن تنسحب خطة “السكانير” هذه على مرشحي الرئاسة في بلادنا فيطمع المحتالون في الوصول إلى منصب القاضي الأول في البلاد، وفقا للمبدأ الشعبي السائد بين الناس.. “علاش اللي وصلوا خير منّي”؟!!

قبل أيام قليلة، وفي خضم انشغالنا جميعا -بفعل فاعل- بالحرب الكلامية والتصريحات التي أطلقها أمين عام الأفلان عمار سعيداني ضد مدير الاستخبارات الجنرال توفيق، لم ينتبه كثيرون، أو ربما انتبهوا ولم يولوا اهتماما كافيا لخبر القبض على جنرال مزيف، احتال على عدد كبير من المواطنين بعد ما زعم أنه “باباها” في “الدياراس”، وطبعا فإن المواطن تعوّد بالفطرة، على “احترام” (حتى لا نقول الخشية) من “بوليسي بسيط” فما بالك بجنرال في المخابرات!

المهم، أن هذا المحتال تمكّن من جمع عدد كبير من الضحايا، مستغلا خوفهم تارة، وجهلهم تارة أخرى، تماما مثلما نجح شاب غريب الأطوار (من فئة… متعودة دايما)، ادعى لثلاث سنوات كاملة أنه ابن مدير الاستخبارات في خداع الجميع، دون أن يكتشف هؤلاء أنهم “بلعوها” و”اطفّرت فيهم” وفي جيوبهم التي تكفلت بهدايا وسهرات وسفريات.. وما خفي كان أعظم؟!

المثير أن خبر اعتقال وسجن ابن الجنرال المزيف، لم يأخذ حقه من مساحة “الانتشار” على عكس نشاطات احتياله لسنوات طويلة.. وكأننا نحترم الإشاعة أكثر من الحقيقة، نقدّس الوهم أكثر من الواقع، أو لا نريد التصديق بأننا “طيبون جدا” و”سذّج جدا” حتى لا أقول “مغفلون جدا”؟!

الفايدة والحاصول من كل ما تقدم، أننا في كثير من المرات، نصنع الصنم بأيدينا، ثم نخشى أن نهدمه، كما أن بعبع “الأمن” وحكايا “المخابرات” التي سكنت قلوبنا قبل “ضمائرنا” هي ما يدفع البعض اليوم لترديد اسم الجنرال الفلاني وصراعات الزمر الحاكمة في المقاهي الشعبية وأعمدة الصحف، وكأن مجرد ترديد اسمها أو الكتابة عن بعض تفاصيل حروبها السرية “أو ما سُرّب منها على الأقل” يعد انتصارا ما بعده انتصار.. وهذا هو الخطأ الكبير، لأن المسألة ليست في ذهاب جنرال ولا بقاء جنرال، بل تكمن في “استيطان مشاعر الخوف والقمع داخلنا، فلا نتحرر أبدا، بل ونخشى الحرية” تماما مثل واقعة “الأستاذ الجامعي المزيف” صاحب “ماجستير السكانير” فالخطأ ليس في احتياله، ولا في سقوطه، بل الخطأ في تمكنه من خداعنا جميعا لسنوات وإشرافه على تخرج المئات… والفاهم يفهم؟!!

مقالات ذات صلة