الرأي

رانا فهمناكم !

قادة بن عمار
  • 4921
  • 12

ليس غريبا أن تكون أولى ثمار سياسة “طاب جنانا” التي أعلنها الرئيس بوتفليقة في سطيف، وقبلها في أرزيو، هي اختيار رجل على مشارف العقد الثامن من عمره ليكون رئيسا للبرلمان، وبنظام التزكية “شنانة في الحساد”! ووفقا لسياسة الـ220 فولط التي أعلنها بلخادم، علما أن تلك الصدمة الكهربائية الانتخابية، أحرقت أول ما أحرقت أيدي بلخادم نفسه المهدد بالإسقاط، على غرار زميله في التحالف، وصاحب المرتبة الثانية، أمين عام الأرندي، لتكون الجزائر في ظل سياسة “طاب جنانا” الدولة الوحيدة التي ينشق فيها أشباه المناضلين على رؤساء أحزابهم عندما يتفوقون في الانتخابات!

قلنا أنه ليس غريبا تعيين السيد ولد خليفة على رأس البرلمان، لأن النظام تعوّد على أن يفعل عكس ما يقول، فتعهّد بالتشبيب وتمسك بالتشييب، طالب من الشباب الانتخاب والترشح، وعيّن على رؤوسهم الشيوخ وأبناء النظام المخلصين، صدّع رؤوسنا بالقول أن مصداقية البلاد على المحك إذا تم الإضرار بشفافية الانتخاب، فجاءت العملية دقيقة في التزوير، ومُنصفة في الغشّ، وعادلة في الفبركة، للدرجة التي جعلت من ممثلي الأقلية يتولون مهمة التشريع للأغلبية، ويتكفلون دون غالبية الشعب في وضع الدستور الجديد، وذلك عمل لا أخلاقي حسب تصريح واحد من أطراف هذه السلطة، وهو السيد فاروق قسنطيني!

هدّدونا بالناتو إذا لم ننتخب، ثم تبيّن أن جماعة الناتو سعداء جدا لفوز النساء تحديدا، كما رحبت كل دول العالم بالإنجاز السياسي الكبير على الطريقة الجزائرية، آخرها الولايات المتحدة، ومن قبلها طبعا فرنسا وروسيا والصين، وبلاد السند والهند وحتى المجر وأوكرانيا، ولا ننسى أيضا ترحيب إمارة قطر “الناطق الرسمي باسم الناتو والمفوض السامي لحراسة الديمقراطية في البلدان العربية” بالنتائج!

الآن فهمنا أن خطاب “طاب جنانا” كان المقصود به الرئاسيات، لذلك يحاول البعض اليوم الوسوسة للوزير المقال والمستقيل في الآن ذاته عمار غول، بأنه الرئيس القادم، كما انطلق البعض عبر الفايسبوك للمطالبة بترشيحه وانتخابه، في تكرار لما وقع في مصر، حين انشق عبد المنعم أبو الفتوح من جماعة الإخوان المسلمين، وترشح بمفرده، لكنه خسر حتى أمام جنرالات مبارك والقوميين الناصريين، وتبين أن ترشيحه وفوزه لم يكن سوى فرقعة إعلامية، ومجرد “لعب عيال” على الفايسبوك، مثل ما يجري حاليا مع عمر غول!

تكتل الجزائر الخضراء يتلاعب بالألوان كتلاعبه بقيم النضال، فهذا التكتل الأخضر الذي رفع اللون الأحمر في وجه البرلمان بالأمس، هو ذاته الذي يقبع الكثير من قياداته في منطقة رمادية، لا أحد يعرف ما معنى المعارضة لديهم من المشاركة، أو اختلاف الموالاة عن المعاداة، والحقيقة أن كثيرا من هؤلاء يمارسون السياسة على طريقة فتاوى على الهوى.. وقد كان لزاما عليهم أن يطلبوا التكوين في مدارس الإخوان في تونس ومصر والمغرب، قبل تجريب ممارسة السياسة في الجزائر، فلا يوجد أسوأ من التزوير الذكي، وطغيان أحزاب السلطة سوى هشاشة المعارضة المزيفة، ونفاقها السري والمعلن!

مقالات ذات صلة