جواهر

راقي الغرام!

سمية سعادة
  • 8429
  • 47
ح.م

قصده ليرقي زوجته التي ظن أنها تعرضت لأحد أنواع السحر التي تفرق المرء عن زوجه، فوعده بزيارته في بيته بعد صلاة المغرب على أن تكون زوجته قد أخذت حمّاما، اعتقد الرجل أن الراقي بطلبه هذا إنما يتوخى الطهارة لاستقبال كلام الله ليحصل النفع المرتجي، لكن الرجل الذي يدّعي الالتزام والإلمام بشؤون الرقية الشرعية كان قد حبك خطة مع الشيطان، إذ أنه طلب من زوج المريضة أن يخرج من الغرفة التي اختلى فيها بزوجته ويغلق الباب خلفه وهو ما لم يستسغه الرجل الذي أشبعه ضربا بعصا والده وتحداه أن يشتكيه للسلطات، هذه قصة من القصص التي رواها أحد الرقاة الجزائريين والذي دأب من خلال صفحته على الفيسبوك على تنبيه الناس إلى انحراف بعض من يسمون أنفسهم رقاة تقاة، ومن بين هؤلاء “راق” قام بتقبيل مريضته الممسوسة استجابة لطلب الجني المتلبس بها الذي امتنع عن الخروج منها قبل أن يستجيب لطلبه فزلت قدمه في الحرام وهو الحريص على الحفاظ على حدود الله أو هذا ما يحاول أن يتظاهر به أمام الناس.

ورغم أن انحراف بعض “الرقاة” الذين كانوا يمارسون الشعوذة قبل أن تسحب الثقة من هذه “الوظيفة”القذرة وتتجه الأنظار إلى الرقية بوصفها علاجا بالقرآن الكريم، إلا أن الكثير من الجزائريات مازلن غير قادرات على التمييز بين الراقي المنحرف والراقي الشرعي، الأمر الذي فتح الباب أمام ارتكاب المخالفات وانتهاك الأعراض في مكان يفترض أن يكون طاهرا ويستجيب فيه الطرفان، الراقي والمرقي، لشرع الله، ولكن الذي يحدث هذه الأيام من انحرافات في هذا الباب، يؤكد بما لا يدعو مجالا للشك أن هؤلاء الذين يدّعون إلمامهم بأمور الرقية الشرعية إنما هم مشعوذون غيّروا “نشاطهم” استجابة لمتطلبات المجتمع الذي يعتقد معظم أفراده، خاصة فئة النساء، أنهم مسحورون وممسوسون ومصابون بالعين، وأن الرقية هي التي يمكنها أن تخلصهم من هذه العلل بعيدا عن الحرام الذي يمارسه المشعوذون في جحورهم المظلمة والذين يعرفون بانحرافاتهم الأخلاقية وانتهاكهم لأعراض النساء اللواتي يقصدونهم، فهل تغيير الاسم من مشعوذ إلى راقي يمكنه أن يغيّر النوايا السيئة ويلجم الأهواء الفاسدة؟ بالتأكيد لا.

وإذا كنا نحارب هؤلاء الرقاة المنحرفين وندعوا إلى مقاطعتهم، فإننا لا نخفي امتعاضنا من النساء والفتيات اللواتي يطرقن كل باب خلفه راقي بحجة الاستشفاء من الأمراض الروحية دون أن يصطحبن معهن محرما استجابة لشروط الرقية الشرعية، فأنى لهذا الجني أن يخرج من جسد المرأة أو يفك سحرها وهي تختلي برجل لا تعرفه في غرفة مغلقة تبوح له فيها بأسرارها وتكشف له مكنونات قلبها فيتحالف الجني الذي تلبسها مع الشيطان الذي يجلس فوق رأس هذا الذي يدّعي الرقية ويقع المحظور.

والغريب أن معظم النساء اللواتي يقصدن الرقاة بمفردهن ويعرضن أنفسهن عليهم في أماكن مغلقة، يشتكين من قلة التوفيق في هذه الرقية، فهل يبارك الله جلسة تتراقص فيها الشياطين وينتهز فيه راقي “الغرام” الفرصة ليسدد القبلة؟!.

مقالات ذات صلة