راجعوا حساباتكم في الخليج!

من حق السعودية أن تغضب على قطر، فهذه الأخيرة لم تتعامل على قدر كبير من الشفافية فيما يتعلق بمسألة التفاهمات التي تم توقيعها بين البلدين قبل 3 سنوات، فضلا عن عدم احترام “الأجندة” المتفق عليها في دول مجلس التعاون الخليجي بخصوص إيران تحديدا، لكن هنالك بعض الذرائع التي تستعملها الرياض في حربها الدبلوماسية والاقتصادية ضد قطر لا يهضمها عاقلٌ ولا يقبلها منطق!

ما معنى أن تتهم الرياض قطر بالتنسيق مع جماعة “الحوثيين” في اليمن وهي عضو في التحالف العسكري العربي ضدهم؟ ولماذا تثور ثائرتها ضد الدوحة، ولا تفعل شيئا أمام تصرفات الإمارات التي تستضيف نجل الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح وتدعم انفصال اليمن الجنوبي بل وتدعو محافظي أهمّ المدن هناك إلى التمرد على قرارات الرئيس هادي؟!

كيف يمكن للنظام السعودي الوثوقُ في عبد الفتاح السيسي الذي ما فتئ يساوم دول الخليج في كل مرة على “تعاونه”، حيث لم يشارك في التحالف العربي في اليمن إلا بمقابل، ولم يحضر قمة الرياض مع ترامب إلا بمقابل أيضا، وحتى عندما تم اقتراح قوة عربية مشتركة تحت مسمّى “ناتو” عربي، رفض السيسي دخولها قبِل التفاوض مع ملك الأردن على ما سيجنيه ماديا من السعودية والإمارات، فهؤلاء لديهم أموال غزيرة “زي الرزّ” مثلما قال في تسريب صوتي قبل فترة؟!

ثم ما هذه التهمة الخطيرة التي تواجه قطر بدعم المقاومة الفلسطينية في غزة، وتقديم المال لإعادة إعمار هذا القطاع عقب العدوان الصهيوني الغاشم قبل 3 سنوات؟ هل الدوحة تعمل ضدّ الفلسطينيين مثلا حين تدفع رواتب الموظفين التي عجزت السلطة عن تسديدها؟ وهل الزعماء في الخليج أكثر حرصا على القضية الفلسطينية من الفلسطينيين أنفسهم وتحديدا قيادات حماس التي لم تجد عاصمة عربية تستقبلها دون قيد أو شرط ما عدا الدوحة؟!

على قطر أن تعيد حساباتها في العلاقة مع جيرانها، فلا تبنيها على “بيان دعم وامتنان” من الجيش الأمريكي فقط، كما أنها لا تستطيع التحالف مع السعودية وإيران في آن واحد وفي هذا الظرف الصعب والمناخ الطائفي المشحون، لكن السعودية يجب أن تتصرف كدولة كبيرة، حجما وتأثيرا، فلا تنفعل بهذا الشكل “الخمسيني أو السبعيني” الذي يهرول نحو قطع العلاقات بدلا من فتح الحوار وطرح جميع الملفات الصعبة وجها لوجه وليس عبر الإعلام وفضائح التسريبات!