الجزائر
موازاة مع حصول تطور في ملف الذاكرة

“رأس الأفعى” يطل من جديد لضرب العلاقات الجزائرية – الفرنسية

محمد مسلم
  • 5752
  • 0
أرشيف
السفير الفرنسي السابق بالجزائر، كزافي دريانكور

ما إن بدأ يلوح في الأفق شعاع بداية عودة العلاقات الجزائرية – الفرنسية إلى الاستقرار، والحديث عن زيارة الرئيس عبد المجيد تبون إلى فرنسا منذ تلقيه دعوة من نظيره الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال زيارة وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد موسى دارمانان، حتى خرج السفير الفرنسي السابق بالجزائر، كزافي دريانكور، ليؤجج الفتنة مجدّدا بين البلدين.
في مساهمة له بصحيفة “لوفيغارو” الفرنسية، كتب دريانكور: “يبدو أن فكرة زيارة الرئيس الجزائري إلى باريس بدأت تتشكّل بحسب الصحفية المطلعة دائما كاثرين ناي. ووفق هذه التصرفات الطائشة، كان السفير الفرنسي بالجزائر سينقل للرئيس تبون دعوة جديدة من نظيره الفرنسي للحضور إلى باريس”.
“خرجة” الدبلوماسي الفرنسي الأخيرة، جاءت بعد الاجتماع الأخير للجنة المختلطة الجزائرية – الفرنسية المكلفة بملف الذاكرة في قسنطينة قبل نحو أسبوع، والذي أبان عن تطورات في صالح التوجه نحو تهدئة حروب الذاكرة المتعلقة بفترة الاحتلال الفرنسي، عكس ما يتمناه دريانكور ومن يقف وراءه من اللوبيات اليمينية.
وقبل ذلك، كان جيرالد دارمانين، الذي زار الجزائر العاصمة في نوفمبر، يقول الدبلوماسي الفرنسي، قد أكد هذه الدعوة على أن تكون الزيارة التي تأجّلت في أكثر من مناسبة، في الربيع المقبل وبعد شهر رمضان.. وهذا الإصرار الفرنسي، كما يشير دريانكور، يؤكد الأهمية التي توليها باريس والجزائر لهذا المشروع. قبل أن يتساءل: “ولكن ما هي مصلحة فرنسا في مثل هذه الزيارة؟ وما الفائدة التي تجدها في ذلك الجزائر التي واصلت إهانة باريس؟”
وفي نظر السفير الفرنسي الأسبق في الجزائر، فإن ماكرون وعلى الرغم من “الانتكاسات” التي تعرضت لها بلاده في علاقتها مع الجزائر، إلا أنه يصر على السعي مهما كان الثمن إلى التقارب معها، وكأنه يعتقد أنه الوحيد القادر على تحقيق ذلك، برغم فشل كل من سبقه إلى قصر الإيليزي، من شارل ديغول إلى فرانسوا ميتران ومن بعده جاك شيراك. إنه (يقصد ماكرون) يريد أن يجعل هذا التقارب حقيقة خلال فترة الخمس سنوات الحالية. مهما كان الثمن، أي رغم الرفض والإهانات والانتقادات القادمة من الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط.
ويتحسر مؤلف كتاب “اللغز الجزائري”، لكون هذا التودد الفرنسي الرسمي تجاه الجزائر، يقابله عدم تعاون في مكافحة الهجرة غير الشرعية، مقابل عدد تأشيرات أكثر للجزائريين، ورغم تقارب الجزائر مع روسيا، ورغم التدخلات الجزائرية في السياسة الداخلية الفرنسية، على حد زعمه، كل ذلك على أمل أن “تساعدنا الجزائر في منطقة الساحل”.
غير أن التناقض في كلام الدبلوماسي الفرنسي سرعان ما ينكشف ويفضح صاحبه، عندما ينظر إلى زيارة الرئيس تبون إلى فرنسا على أنها “تدخل” في السياسة الداخلية للجزائر لاعتبارات ظرفية. فمتى كانت زيارة رئيس دولة إلى دولة أخرى تدخل في الشؤون الداخلية، ثم ماذا يقال عن زيارة الرئيس ماكرون إلى الجزائر الصيف المنصرم؟
وعندما يعود دريانكور إلى الخوض في العلاقات الجزائرية – الفرنسية، فإن عقدته الوحيدة والأبدية، تبقى اتفاقية 1968 المتعلقة بالهجرة، والتي جعل منها حصان طروادة، أو الطعم الذي يصطاد به اليمين الفرنسي من أجل الظهور في منابره الإعلامية العديدة، من أجل الإيقاع بالعلاقات الجزائرية – الفرنسية.
ولذلك، يرى الدبلوماسي الفرنسي أن استمرار العمل باتفاقية 1968 “سيشكّل في حد ذاته انتصارا هائلا للرئيس الجزائري”، الذي “سيحاول تسجيل نقاط في ملف الذاكرة”، الذي سجل تطورا الأسبوع المقبل، بإعلان اللجنة المختلطة الجزائرية – الفرنسية، عن عدد من الإجراءات المتمثلة في استرجاع جزء من أرشيف المرحلة العثمانية وبعض جماجم المقاومين الجزائريين المعروضة في المتاحف الفرنسية، في مشهد يفتقد إلى القيم الإنسانية.

مقالات ذات صلة