الرأي

دعوها فإنها “منكوبة”!

قادة بن عمار
  • 3759
  • 20

البعض يتعامل مع الإضراب المفتوح والمستمر من طرف نقابات التربية على أنه “كارثة وطنية جديدة” وليس نتيجة طبيعية لتراكم سنوات طويلة من الخيبات التي اجترها الأساتذة ومختلف الموظفين بالأسلاك المشتركة، وتحمّلها تلاميذ على رؤوسهم لسنوات، فباتت المدرسة رهينة الفشل قبل أن تكون أسيرة الاحتجاج!!

ما الذي يعنيه مثلا أن يخرج علينا بعض النقابيين للترحم على “زمن بن بوزيد”، وهو الذي كان يوصف على مدار السنوات التي حكم فيها القطاع بقبضة من حديد على أنه “لا يسقط” لكونه “مسنود” من “الجنرال فلان أو علان” وبالتالي فلا مجال لأن يزحزحه أي إضراب مهما استمر طوله ولا أيّ احتجاج مهما امتدت أيامه..فعلا، عشنا وشفنا، أساتذة ونقابيين يترحمون على أيام بن بوزيد، بل ولا يتوانى بعضهم في مدح هذا الأخير لنجاحه في “تكوين صداقات شخصية مع عدد لا يستهان به من النقابيين” ما يكفي لفهم المعادلة التي فشل فيها بابا أحمد، فهذا الأخير ظلمه من بيدهم القرار حين نصبّوه على رأس قطاع كبير ومعقّد بحجم التربية، وهو الذي أبدى محدودية كبيرة في تسيير جامعة صغيرة!!

ولعله من “المضحكات المبكيات” في إضراب التربية، خروج بعض ممثلي أولياء التلاميذ للتحذير من خطورة استمرار الاحتجاج، وإمكانية انسحاب ذلك على “عدم اعتراف اليونيسكو” بالبكالوريا الجزائرية!!، وكأن هذا المسؤول الذي يمثل الشريحة المتضررة من الإضراب، لا يدرك أن النظام السياسي برمته يعاني”عقدة شرعية” و”أزمة وجود” منذ عقود دون أن يشعر المنتمون له بأي خجل أو حياء، فما بالك باليونيسكو و”باك” الغشاشين والفاشلين وأنصاف الناجحين!

قطاع التربية في السنوات الأخيرة، كرّس ثقافة اللاعقاب، لذلك كان صادما وغير مفهوم لدى البعض، كيف تتحرك تلك الآلة المعطلة لمحاسبة كمشة من التلاميذ الغشاشين في باك العام الفارط، دون أن ننسى نجاحه أيضا في تحقيق شيء واحد، وهو اغتيال الاحترام والثقة بين جميع مكوناته، لذلك بات من السهل جدا أن تتفوّه إحدى ممثلات جمعيات أولياء التلاميذ بكلام خطير عن الأساتذة، أو عدد منهم على الأقل، فتصفهم بـ”الأفاعي” دون أن يحاسبها أحد بل يتم الترحيب بها في الوزارة وكأنها “حققت انتصارا عظيما” على فئة المربين والمعلمين!!

مشكلة النقابيين تتمثل في عدم هضمهم “السلوك العدائي” لعدد من إطارات الوزارة الوصية، وتحديدا مدير الديوان، خصوصا عندما يقوم هذا الأخير بتهديد بعضهم بالطرد علانية، وفي اجتماع رسمي، وكأن “الوزارة إرث أو مزرعة عائلية” أو أن هؤلاء الأساتذة “يشتغلون لديه وليس لدى الوظيف العمومي”!!

هذا”السلوك العدائي” وبعد سنوات طويلة، اعتاد فيها بعض النقابيين”على صداقات شخصية” وشبكة علاقات أنهت الكثير من الخلافات في زمن بن بوزيد، يفسر إلى حد كبير “المسكوت عنه” في فتنة قطاع التربية، ويحول دون العثور على حل وسط، يحفظ للوزارة الوصية “سيادتها” أو لنقل “استبدادها” كما يبقي لتلك النقابات “كرامتها” حتى لا نقول “منافعها”؟! 

مقالات ذات صلة