الرأي

داخل رأس بشار الأسد!

قادة بن عمار
  • 5554
  • 15

تركيز البعض على أن قناة الجزيرة تمارس التضليل بخصوص الوضع في سوريا، وقول البعض الآخر إن قناة العربية كذّابة، وحديث فريق ثالث على أن جزءا كبيرا من الإعلام اللبناني ينتقم من نظام الأسد، هو حق يراد به باطل، فحتى لو صدقنا مثل تلك الاتهامات، وافترضنا أن جزءا كبيرا منها حقيقي ووارد، إلا أن هذا لا يبرّر القتل بتاتا، ولا التعذيب، أو استمرار المجازر التي يرتكبها النظام السوري ضدّ شعبه.

في البلدان التي تعرف معنى قيمة الإنسان، يستقيل كبار المسؤولين فقط لوقوع حوادث عرضية، قد لا يكون لهم فيها يد مباشرة، أو هي خارجة عن حدود إرادتهم، على غرار العواصف الثلجية، وحوادث الطرقات وانهيار الجسور، وأحيانا حتى الزلازل، لا. بل إن مسؤولا يابانيا رفيعا انتحر بعدما لم يتمكن من حصر نتائج المأساة الناجمة عن تسونامي، وقرر تطليق الدنيا خجلا وحياء من شعبه، الذي اختاره بطريقة ديموقراطية، وفوّضه مسؤولية الحفاظ على أرواحه وممتلكاته. أما في عالمنا العربي، فإن الحكام يمارسون التقتيل والترهيب بشكل يومي ومباشر، ويتباهون بذلك أمام وسائل الإعلام، ويلتقطون الصور حتى يمارسوا الترهيب في نفوس بقية الشعب، ثم يخرجون للقول إنهم يفعلون ذلك حفاظا على الأمة من التفكك أو الاحتلال الأجنبي، وأيضا خوفا من الانقسام وذهاب الأمن والاستقرار!!!؟

ليس غريبا أن يكذبوا وينافقوا ويتستروا على جرائمهم، فقد ارتكبوا ما هو أفظع وأبشع من الكذب، أي القتل بدم بارد، حتى إنهم باتوا يشعرون باللذة المرضية كلما قتلوا أكثر، وأبادوا مزيدا من المعارضين، وأحيانا يتخيلون هؤلاء المعارضين أو يخترعونهم من العدم، ليحولوهم إلى أهداف مشروعة، حتى يواصلوا مشروع القتل العظيم والإبادة الجماعية.

الكاتب المغربي الطاهر بن جلون كتب في جريدة “لوموند” الفرنسية مؤخرا، موضوعا بعنوان “داخل دماغ بشار الأسد”، وقال فيه إن جولة بسيطة نحو مخّ الرئيس السوري، جعلته يكتشف أن مشروع القتل وراثي بامتياز، وأن عقيدة تصفية المعارضين والمخالفين، وفي بعض الأحيان حتى الموالين، تمثل عقيدة ثابتة وغير متحولة لدى بشار الأسد ووالده حافظ، في حين أن ما لم يقله الكاتب بن جلون، هو أن دماغ بشار لا يختلف كثيرا في تفاصيله عن دماغ أي حاكم عربي آخر، يبحث عن مزيد من الدم في مقابل الاستمرار في السلطة، وتوريثها بعده لأبنائه وأحفاده، دون أي اعتبار للشعب، على غرار ما هدد به مبارك حين قال للشعب أنا أو الفوضى؟” أو مثلما حذر معمر القذافي خصومه بتحويل ليبيا إلى جهنم حمراء، في الوقت الذي ما يزال فيه بشار الأسد يقول في آخر خرجاته “نحن أقوى على أرض الواقع حتى وإن ظهر خصومنا أكثر حضورا في الإعلام”، وكأن قتل الناس تحول إلى لعبة بين الحاكم وخصومه، أو مثلما جرت عليه العادة في كل الحروب، أين تخطط لها الشياطين ويتلذذ باستمرارها القتلة، ويدفع فواتيرها الأبرياء.

مقالات ذات صلة