-- -- -- / -- -- --
إدارة الموقع
بعد فشل مساعي التدخل العسكري في النيجر

خلق بؤرة في شمال مالي لاستهداف الجزائر

محمد مسلم
  • 3982
  • 0
خلق بؤرة في شمال مالي لاستهداف الجزائر
أرشيف

بعد استبعاد خيار القوة في مواجهة الانقلاب الذي أطاح برئيس النيجر، محمد بازوم في 26 جويلية المنصرم، عادت الحرب إلى شمال مالي، مستهدفة اتفاق السلم والمصالحة الموقّع في الجزائر سنة 2015، بين الحكومة المركزية في باماكو، ومتمردي الطوارق، بعد نحو ثماني سنوات من استعادة الهدوء في شمال مالي.
وبينما يعيش العالم مترقبا ما يحدث في النيجر، تناسلت التقارير بشأن عودة الاقتتال إلى شمال مالي نهاية الأسبوع المنصرم، (الجمعة)، معيدة الوضع إلى ما كان عليه قبل سنة 2015. الرواية المتداولة، والتي أكدتها مصادر متطابقة نقلت بيانا صادرا عن ما يعرف بـ”تنسيقية حركة الأزواد”، مفادها أن الجيش المالي هاجم رفقة عناصر مجموعة “فاغنر” الروسية، معاقل الحركة الأزوادية في الشمال، وبالضبط في منطقة “بير” القريبة من مدينة “تومبوكتو”، أي غير بعيد عن الحدود الجنوبية للجزائر.
وجاء في بيان الحركة الأزوادية “إننا نشهد المجتمع الدولي على هذه الأعمال الخطيرة “، والتي اعتبرها “انتهاك لكافة الالتزامات والترتيبات الأمنية”، وفق ما نقل عن الناطق الرسمي للتنسيقية المشكّلة في غالبيتها من المتمردين الطوارق، والتي تعتبر الطرف الثاني في اتفاق الجزائر للسلم والمصالحة في مالي.
من جانبه، الجيش المالي تحدث عن “رد قاس” قامت به القوات المسلحة المالية في مواجهة من وصفهم بـ”الإرهابيين”، خلّف ضحايا من الطرف الثاني، فيما قالت الحركة الأزوادية، إنها أوقفت تقدم الجيش النظامي نحو الشمال، وأعادته جنوبا. وأيّا كانت هوية الطرف الثاني، فإن عودة الاقتتال إلى منطقة هشة مثل شمال مالي، بعد ثماني سنوات من اتفاق الجزائر للسلم والمصالحة في هذا البلد، يعتبر انتكاسة للجهود الرامية إلى جلب السلم لهذه المنطقة الحساسة.
وفي الوقت الذي تسارع فيه الجزائر ومعها بعض الدول الصديقة في منطقة الساحل وفي الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية، من أجل تجنيب دولة النيجر المجاورة نذر حرب تحشد لها فرنسا وبعض الدول التابعة لها في المنظمة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا “إيكواس”، تندلع شرارة الاقتتال في شمال مالي، الدولة التي تضامنت بقوة مع السلطات الانقلابية في النيجر، واعتبرت أي هجوم عليها هو بمثابة حرب على البلدين.
الأحداث التي تشهدها المناطق الشمالية لدولة مالي، تؤشر بأن هناك أطراف لها مصلحة في إشعال أزمة شاملة في منطقة الساحل، ليس من هدف لها سوى إرباك الوضع عبر خلق حالة من الفوضى والانفلات الأمني، حتى يتسنى لتلك الأطراف إيجاد مبررات لتدخل عسكري أجنبي من شأنه أن يزيد الوضع تعقيدا.
وبمنطق الجغرافيا، يمكن القول إن المستهدف الأول من محاولة إشعال فتيل الحرب في النيجر بتشجيع التدخل العسكري في هذا البلد، بداعي الإفراج عن رئيس هذا البلد، محمد بازوم، وإعادته إلى الرئاسة بالقوة العسكرية، وكذا إشعال فتيل حرب أخرى في شمال مالي، هو الجزائر بالنظر لكونها الدولة التي لها حدود طويلة مع هذين البلدين الجريحين.
ويبلغ طول حدود الجزائر مع مالي 1359 كلم، كما أن الحدود الجزائرية مع النيجر تمتد على طول 951 كلم، وهو ما يجعلها حزاما من النار بطول أكثر من ألفين و500 كلم في حال وقوع حرب في هذين البلدين، تضاف إليها الحدود الملتهبة مع المملكة المغربية والمقدّرة بألف و739 كلم، يضاف إليها 989 كلم مع ليبيا، التي تعيش وضعا غير مستقر، وهو معطى يؤكد بأن المستهدف هو الجزائر عبر تلغيم حدودها لإرهاقها واستنزاف مقدراتها، بعدما تمكّنت من الصعود في وقت أزمات سابقة لا تقل حساسية.

أضف تعليقك

جميع الحقول مطلوبة, ولن يتم نشر بريدك الإلكتروني. يرجى منكم الإلتزام بسياسة الموقع في التعليقات.

لقد تم ارسال تعليقكم للمراجعة, سيتم نشره بعد الموافقة!
التعليقات
0
معذرة! لا يوجد أي محتوى لعرضه!