جواهر
يحدث هذا في مجتمعنا المعاصر:

“خلفة” البنات أقصر طريق للطلاق والإهانات!

نادية شريف
  • 18853
  • 44
ح/م
معاناة أم البنات تبقى للمماة

قال الله تعالى في كتابه الكريم: ” وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدّاً وَهُوَ كَظِيمٌ يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِن سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُون”سورة النحل.

هناك من يرى أنّ ظاهرة نبذ خلفة البنات والمرأة التي أنجبتهم ضرب من ضروب الجهالة في الزمن الماضي التي اندثرت وعفا رسمها من عقول المجتمعات العربية، وأن الإسلام قد حرّر الذهنيات من هكذا أفكار وأرساها على التسليم بقضاء الله وقدره لكن الواقع يقول غير ذلك.

إن هذه الظاهرة المشينة والمنافية لتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف، توارثتها المجتمعات العربية منذ عصور خلت، لتخمد نسبيا بمجيء الإسلام لاعتبارات إيمانية وأخرى ظرفية ثم ما فتئت لتطغى على العقول مرة أخرى تماشيا مع التغيرات الطارئة على المجتمعات المسلمة، وابتعادها تدريجيا عن تعاليم ديننا لتصل في عصرنا الحالي إلى ما كانت عليه في عصر الجاهلية الأولى، مع الفارق في طبيعة الأسباب والتعامل مع الوضع، مما جعل الكثيرات من النساء اللواتي خلفن بنات في حكم المجرمات رغم براءتهن يطولهن من ظلم وإهانات واستهزاءات، سواء من الأزواج وأهاليهم حد اللجوء إلى تطليقهن، أو من الناس تارة بنظرة الشفقة ومرة بعين التشفي مستخدمين عبارات التهاني في صورة استفزازية، ما يخلق عندهن مشاكل نفسية عويصة تؤدي بهن أحيانا إلى كره فلذات أكبادهن، أو اللجوء إلى طقوس الجاهلية والشركيات من دجالين ومشعوذات من أجل رفع اللعنة عن أرحامهن وإنجاب الذكر، والأخطر من جهل الجاهلية هو وأد الأنثى في رحم أمها بعد أن سمح العلم الحديث بتحديد جنس الجنين في الأشهر الأولى، حيث أصبحت بعضهن تلجأن إلى الإجهاض العمدي للجنين إن كان أنثى بطرق مختلفة إما عن طريق تناول أدوية صيدلانية تباع عشوائيا في غياب الضمير والرقابة إما عن طريق اللجوء إلى العجائز وشرب بعض الأعشاب.

وفي لقائنا الشخصي مع ضحية من بين هؤلاء الضحايا وثقنا شهادتها عن نفسها مما عانته سواء مع أهل زوجها أو مع المجتمع.

– أم عبد الكريم هي أم لسبع بنات وولدين تروي لنا قصتها فتقول: كان حماي- أبو زوجي – يعشق الذكور وكلما أنجبت بنتا غضب مني واستهزأ وأكثر ما حز في قلبي هو شماتة أخو زوجي وزوجته في وتكنيتي بأم البنات، وتحريض زوجي علي بطريقة غاية في المكر حيث يغيضانه بأن البنات يجلبون الفضائح وقد لا يتزوجون فيبقون عالة عليه وزوجي كان يصدقهم ويأتي ليصب جام غضبه علي فعشت معه حياة قاسية وحتى فلذات كبده لم تسلمن منه بل عشن معه في جفاء وتقصير معنوي ومادي كبير فاضطررت إلى الاشتغال من أجل تدريسهن وإعالتهن ولولا أخي – خال البنات – ساعدني  تدريسهن لما كان والدهن قد فعل، أما الناس فهادهم الله أكثرهم لا يخافون الله ويستهزؤون ويعزونني وبناتي بكلام جارح، قليل من وجدت في قلوبهم الإيمان بالله ويصبرونني بعبارات تحفيزية من قبيل أن البنات في زماننا أحسن من الذكور وأنني إن ربيتهم أحسن تربية فسأنال ثوابا عظيما عند الله والحمد لله بناتي درسن كلهن وتخرجن من الجامعات وتزوجن ورفعن رأس العائلة حيث كن مثالا للأخلاق والأدب.

– وعن أسباب هذا النبذ المباح لخلفة البنات في مجتمع معاصر، حظي بكل وسائل التنوير والتوعية أجمعت الكثير من الآراء على أن الزمان قد أصبح صعبا، ويخشى على الفتاة عنوستها أو عدم نجاح زواجها فتبقى مضطهدة في مجتمع لا يرحم، فيما أرجع بعضهم السبب إلى كون الفتاة يخاف على أخلاقها وسمعتها أكثر من الولد، وتستدعي رقابة دائمة خاصة في ظل الفساد المستشري في مجتمعنا، بينما فضل آخرون خلفة البنات على الذكور لمَ للفتاة من حنان وإخلاص لوالديها وخدمتهما عند تقدمهما في السن مهما كانت ظروفها.

مقالات ذات صلة