منوعات
في أول حوار للإعلام وزيرة الثقافة والفنون د.مولوجي صورية تكشف :

خطة لإعادة بعث المشهد الثقافي في الجزائر

زهية منصر
  • 3176
  • 0
ح.م
وزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي

كشفت وزيرة الثقافة والفنون، صورية مولوجي، عن تفاصيل برنامج القطاع للاحتفال بستينية الاستقلال، المقرر إطلاقها الشهر المقبل، التي تشمل عددا من الدوائر من السينما والكتاب والفنون التشكيلية وغيرها.

وفي هذا السياق، قالت مولوجي، في حوار مع “الشروق”، إن المناسبة ستنطلق بحفل رسمي ضخم، يحتضنه مركب 5 جويلية. وستعرف أيضا إطلاق عملية استرجاع الأرشيف السينمائي الوطني في الخارج، وكذا تنظيم 12 مهرجانا دوليا و13 مهرجانا ثقافيا وطنيا و7 مهرجانات ثقافية محلية. إضافة إلى عديد الفعاليات التي تستمر على مدار عام كامل عبر كامل المؤسسات تحت الوصاية.
وفي سياق متصل، عادت الوزيرة مولوجي، في حوارها مع “الشروق”، إلى عديد القضايا المتعلقة بالقطاع، منها السينما والكتاب والإجراءات الجديدة التي اعتمدتها الوزارة لتصحيح الاختلالات الهيكلية لعديد المؤسسات الواقعة تحت الوصاية.

– أعلن رئيس الجمهورية مؤخرا عن إطلاق الاحتفالات بستينية الاستقلال، لمدة سنة كاملة، مع تكليف 10 قطاعات وزارية بإعداد برنامج لهذه الاحتفالات. ما أبرز معالم برنامج وزارة الثقافة لهذه المناسبة؟
تحتفي الجزائر هذه السنة بالذكرى الستين للاستقلال، وهي مناسبة لتجديد العهد والوفاء لتضحيات شهدائنا الأبرار ولروح ثورة نوفمبر الخالدة. يأتي هذا الاحتفال في الوقت الذي تولي فيه الدّولة وفي مقدمتها السيد عبد المجيد تبون، رئيس الجمهورية، أهمية خاصّة لملف الذاكرة الوطنية.
إن مثل هذه المناسبات هي محطات فارقة في حياة الأمّة، لاسيما إذا ما تعلّق الأمر بعزتها ومجدها وبتاريخها البطولي، وإذا ما تزامنت مع التحوّلات الجيوسياسية في العالم ومع مختلف التحديات التي تتطلب أكثر من أي وقت مضى تعزيز سيادتنا واستقلالنا وحماية مصالحنا.
وفي هذا السياق، وبغرض ربط الأجيال الصاعدة بماضي أسلافهم المجيد وبقيم الثورة المظفرة والمبادئ الراسخة في وجدان الأمّة، ارتأى السيد رئيس الجمهورية أن يكون الاحتفال بالذكرى الستين للاستقلال مميزا وعلى مدار السنة.
وعلى غرار عديد القطاعات المعنية بإحياء هذه المناسبة، يساهم قطاع الثقافة والفنون في صنع أجواء الفرح وصور التآخي والحب للوطن من خلال تسطير برامج ثرية ترمي إلى إظهار صورة تليق بالجزائر الجديدة، من خلال عرض ما تجود به إبداعات شبابنا وفنانينا والنخبة المثقفة عبر كل ربوع الوطن.
ومن ضمن الفعاليات التي تمّ برمجتها على سبيل الذكر:
– إطلاق المسابقة الوطنية للشعر “ستون بيتا للوطن” ومسابقة وطنية في نظم وإلقاء الشعر بأنواعه: الفصيح والملحون والأمازيغي، حول محور المقاومات الشعبية الفائزين وشعراء جزائريين لاحقا في إطار الاحتفالات بعيدي الاستقلال والشباب.
– تنظيم الأيام الوطنية للأغنية الثورية على مستوى أوبرا الجزائر: يتضمن الاحتفال حفلا ضخما للأركسترا السيمفونية لأوبرا الجزائر والفرقة النحاسية للحرس الجمهوري مع تكريم على شرف الفنانين أعضاء الفرقة الفنية لجبهة التحرير الوطني.
– تنظيم حفلات فنية ضخمة وعروض متنوعة منها:
عرض ملحمي بعنوان “ذاكرة الصمت”، حفل فني ضخم في ملعب 5 جويلية بالتنسيق مع مؤسسة فنون وثقافة.
– تنظيم حفل موسيقي (عرض الشارع) بعنوان “شمس تغني للاستقلال وتحيي الشباب” بساحة “محمد التوري وعروض فلكلور والفنتازيا واستعراضات فنية في الشوارع والفضاءات العمومية”.
– برمجة عروض سينمائية لأفلام ثورية في العديد من الولايات وعروض مسرحية ثورية في كل المسارح الجهوية وفي عدد من المناطق بما فيها مناطق الظل.
– إنجاز جداريات فنية لتخليد المناسبة في الساحات العمومية وتنظيم معرض “ستين سنة من الفن التشكيلي الجزائري” الذي سيجمع 60 فنانا تشكيليا.
– تنظيم 12 مهرجانا دوليا و13 مهرجانا ثقافيا وطنيا و7 مهرجانات ثقافية محلية. كما سيتم إنجاز عدد من الأفلام السينمائية الطويلة والقصيرة والوثائقية. وإطلاق عملية استرجاع الأرشيف السينمائي الجزائري في الخارج ورقمنته.
وفي مجالي الكتاب والأدب، يتضمن البرنامج نشر كتب فاخرة وبيوغرافية الشخصيات الوطنية موجهة للأطفال والناشئة وطبعات لذوي الاحتياجات الخاصة وفق تقنية البرايل، وتنظيم ملتقى دولي حول دور النخب المثقفة في نصرة الثورة التحريرية إلى جانب عديد الندوات والأيام الدراسية وتكريم المثقفين والمفكرين والأدباء.

– كنتم مؤخرا ضمن وفد رئاسي بإيطاليا في زيارة الدولة التي قام بها رئيس الجمهورية، هل ثـمة مشاريع شراكة في المجال الثقافي مع إيطاليا؟
تابعت وسائل الإعلام الوطنية والدّولية باهتمام زيارة الدولة التي قادت السيد رئيس الجمهورية إلى إيطاليا وما حقّقته من نتائج تخدم مصالح البلدين في شتى المجالات بما فيها المجال الثقافي.
وفي هذا السياق، نتطلّع إلى تكثيف التعاون والتبادل الثقافيين والاستفادة من التجربة الإيطالية في السينما وترميم وحفظ التراث الثقافي وتثمين المواقع الأثرية وترقية التكوين الفني، كما يهمنا ترقية الاستثمار في الصناعات الثقافية والإبداعية.
ولهذا الغرض، سيتم إثراء اتفاقية التعاون الثقافي بين البلدين لوضع أطر دائمة وآفاق واضحة وبرامج مبيّنة.

– يتواجد مشروع قانون السينما لدى الأمانة العامة للحكومة، ما الإضافة التي سيحملها للقطاع؟
صحيح أن وزارة الثقافة والفنون قد بادرت بعرض مشروع تمهيدي لقانون يتعلق بالصناعة السينماتوغرافية، وهو النّص الذي استغرقت دراسته على مستوى الأمانة العامّة للحكومة فترة طويلة، حيث تمّ إثراؤه من طرف مختلف القطاعات الوزارية وفق الإجراءات المعتمدة في عرض مشاريع القوانين والنصوص التنظيمية.
ومن المرتقب أن يعرض المشروع التمهيدي لهذا القانون خلال الأسابيع المقبلة على اجتماع الحكومة لدراسته قبل عرضه على مجلس الوزراء.
إن المشروع التمهيدي لهذا القانون يقوم على المقاربة الاقتصادية الجديدة للثقافة التي تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الوطني وتطويره وتنويع مصادر الدّخل وخلق مناصب الشغل من خلال إيلاء الأهمية للاستثمار في الصناعة الإنتاجية والخدماتية للسينما.
كما أن فلسفة هذا القانون تقوم على إحداث القطيعة مع أنماط التسيير المتصلة بالسينما السارية منذ عقود، التي أضحت لا تتناسب مع المتغيرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والتي تتطلب تقليص دور الإدارة في تسيير الشأن الاقتصادي وتخفيف وتبسيط الإجراءات وإضفاء الشفافية في منح الدعم العمومي للصناعات السينماتوغرافية وتتبع مساره ترشيدا للمال العام.

– أعلنتم مؤخرا عن استحداث هيئة خاصة بالأرشيف السينمائي، فيم تتمثل مهام هذه الهيئة؟
موضوع استرجاع الأرشيف السينمائي الجزائري من الخارج شغلنا الشاغل باعتباره تراثا وطنيا ومرتبطا بحفظ الذاكرة الوطنية، وجب علينا حفظه في الجزائر. ولقد حظي هذا الموضوع باهتمام أعلى السلطات في الدّولة.
وعليه، شرعنا في إعداد التصوّر المناسب لإنشاء مركز وطني لحفظ الأرشيف السينمائي ورقمنته يتولّى حفظ النسخ الأصلية للأفلام الجزائرية المنجزة خلال ثورتنا المظفرة ومرورا بكل المراحل المتتالية منذ الاستقلال، مع العلم أن حفظ الأفلام يخضع لمقاييس علمية دقيقة ولكفاءات بشرية مؤهلة ولتجهيزات مناسبة.
كما سيتولى هذا المركز رقمنة الرصيد السينمائي الوطني وإصلاح النسخ الأصلية ومعالجتها وفق التقنيات الحديثة التي توفرها تكنولوجيات الإعلام والاتصال.
ونأمل في أن يتجسّد هذا المشروع الذي يشكل واحدة من الحلقات الأساسية التي يقوم عليه إصلاح المنظومة السينمائية في الجزائر.

– بعد إطلاق المركز السينمائي التابع للوزارة الأولى.. تحدث المهنيون عن تداخل في الصلاحيات بين المركز وبين المؤسسات السينمائية تحت الوصاية، كيف سيتم التعامل مع هذه النقطة في إطار قانون السينما الجديد؟
إن إنشاء مؤسسة سينمائية جديدة هو أمر إيجابي، حيث يعكس إرادة الدّولة في تعزيز القدرات الوطنية بغرض ترقية الصناعة السينماتوغرافية، ولعلّ ذلك سيشكل دعما خلال السنوات القادمة.
وعلى خلاف الاعتقاد السائد أن ذلك من شأنه أن يؤثر على العمل الميداني الذي تضطلع به مؤسسات مماثلة، فإننا نحمل تصوّرا جديدا لإعادة هيكلة المؤسسات القطاعية وفق منظور جديد تتكامل فيه الصلاحيات والمهام لأن مجال الصناعة السينماتوغرافية هو مجال واسع ومتشعب يقتضي لوحده إنشاء عديد المؤسسات سواء كانت تابعة للقطاع العمومي أو للقطاع الخاص.
بالنسبة للمشروع التمهيدي للقانون المتعلق بالصناعة السينماتوغرافية، فإنه يحفز على إنشاء المؤسسات سواء كانت تابعة للقطاع العمومي أو القطاع الخاص بما يعزز القدرات الوطنية.
ومن هذا المنطلق، وخلال إعداد نصوصه التطبيقية، سيتم إعادة هيكلة المؤسسات العمومية التي تضطلع بالشأن السينمائي.

– أنتجت الجزائر عدة أفلام وبقيت معلقة لم تعرض، ومنها أفلام في إطار الإنتاج المشترك مع دول أجنبية، هل يتم إعادة النظر في هذا الجانب؟
إن هذا الموضوع يقتضي دراسة دقيقة للأسباب والعوامل التي جعلت بعض الأفلام السينمائية المنجزة في إطار الإنتاج المشترك معلّقة أو متوقفة أو متأخرة، وهنا يجب التمييز بين الأفلام المنتجة في إطار الاتفاقيات الحكومية والأفلام المنتجة خارج هذا الإطار بين منتج جزائري ومنتج أجنبي.
غالبا ما يكمن السبب في عدم إمكانية إيجاد مصادر التمويل خارج الدعم العمومي أو بسبب الإجراءات المتعلقة بتحويل الحقوق المستحقة بالعملة الصعبة وغيرها من الأسباب.
ومن الطبيعي أنه سيتم بحث هذا الموضوع بكل جوانبه الإدارية والإجرائية والمالية لإيجاد حلول مناسبة، وربما إعادة النّظر في الأطر التي تنظم الإنتاج المشترك.

– أعلنتم مؤخرا عن إجراءات جديدة لتعويض صندوق “الفداتيك”.. ما أبرز تلك الإجراءات؟
بخصوص موضوع الدعم العمومي للسينما، أنتهز هذه السانحة لأؤكد ما قلته مؤخرا، إن الدّولة لم تتنازل عن الدّعم العمومي للسينما، فلقد تم استبدال آلية الدعم السارية منذ 1967 التي كانت تتم من خلال “الصندوق الوطني لتطوير الفن والصناعة السينماتوغرافية” بآلية جديدة أكثر نجاعة بالنّظر إلى ما توفّره من ضوابط إجرائية ضرورية لتتبع مسار صرف الإعانات العمومية ومراقبة كيفيات صرفها.
وسيكون الدّعم من خلال الاعتمادات التي تسخرها الدّولة سنويا في قوانين المالية في ميزانية تسيير وزارة الثقافة والفنون، ويتم منحها من طرف لجان يتم إنشاؤها لهذا الغرض وفق إجراءات وشروط قانونية محدّدة.
فور استكمال وضع هذه المنظومة الإجرائية واعتمادها من طرف المصالح المعنية خلال الأسابيع المقبلة، سيتم الشروع مباشرة في دراسة الملفات وتقديم الإعانات.

– أعلنت وزارة الثقافة عن إطلاق دفتر شروط جديد للمهرجانات لكنه لم ير النور إلى حد الآن، إلى أين وصلت إجراءات إعادة تنظيم التظاهرات الثقافية؟
على ضوء تقييمنا للمهرجانات الثقافية المرسّمة الذي أفضى إلى وجود عدد من مواقع الضعف التي أثرت على نجاعتها وتحقيق الأهداف المسطّرة لها، تبيّن أنه أضحى من الضروري إدخال بعض التغييرات على شروط وكيفيات تنظيمها وبغرض ترشيد الوسائل العمومية للدّولة.
وتوشك أشغال إعداد دفتر الشروط الجديد على الانتهاء وسيتم الإعلان عنه خلال الأيام المقبلة واعتماده بصفة رسمية ونهائية.

– خلّفت الحصيلة السابقة للمهرجانات ديونا كبيرة “بالملايير”.. كيف سيتم التعامل معها خاصة وأن أغلب تلك المهرجانات لم تنعقد منذ 2019 والمحافظون لم يستلموا مهامهم؟
إن مثل هذه الوضعيات هي التي جعلتنا نراجع دفتر الشروط الذي لم يكن صارما في مراقبة صرف الاعتمادات المالية وفي اختيار المحافظين وفق المعايير المطلوبة.
وإذ إننا نسعى بصفة تدريجية لتسوية الديون المستحقة التي تستوفي الشروط القانونية والإجرائية، إلا أن بعض الحالات ستكون محل متابعات قضائية كلما تمّ إثبات مسؤولية أي شخص في سوء التسيير.
ولتفادي تكرار مثل هذه الحالات مستقبلا، نعتزم إنشاء هيكل فرعي في التنظيم الداخلي الجديد لوزارة الثقافة والفنون يتولّى متابعة ومراقبة وتقييم المهرجانات الثقافية المرسّمة.

– يشتكي مهنيو الكتاب من تراجع القطاع وأن أغلبهم يتواجد على حافة الإفلاس، وقد أعلنت مديرية الكتاب مؤخرا عن تصوّر جديد للتوجّه نحو السوق الإفريقية، لتنويع الشراكة ومحاولة فتح سوق جديدة للكتاب الجزائري.. ما الخطوط العريضة لهذا التوجّه؟
إن الحديث عن تراجع حركية النشر يعود أساسا للظروف الاستثنائية التي مرّت بها بلادنا وكل دول العالم بسبب جائحة كوفيد 19 التي أثرت على اقتصاديات الدول والتي تضرّرت بفعلها كل المجالات الإنتاجية والخدماتية.
وبغض النّظر عن تلك الظروف، يبقى مشكل الكتاب مرتبطا بمدى إدراك الفاعلين في هذا المجال ومنهم الناشرون والمطبعيون والمكتبيون، لأن تطوّره مرتبط بانتهاج مقاربة اقتصادية وتجارية. بقدر ما إن الدّولة ترافق المبدعين والمؤلفين وتوفّر الشروط المناسبة لممارسة الأنشطة المتعلقة بالنّشر واتخاذ التدابير التحفيزية لذلك، بقدر ما أنه يتعيّن على الناشرين الاعتماد على قدراتهم التنافسية وعدم رهن نشاطاتهم بطلبيات الوزارة فقط.
إن تطوير القدرات الذاتية والاضطلاع بمجمل الأدوار المنوطة لدور النشر كما هو معمول به عالميا -على غرار الترويج للأعمال المنجزة وترقيتها واقتناء حقوق النّشر وصقل المواهب واحترام حقوق التأليف والاستثمار في شبكات التوزيع والبيع- هما السبيلان الوحيدان لإرساء الاحترافية وتحقيق الفعالية الاقتصادية لمؤسسات النشر الجزائرية.
إن المقاربة الاقتصادية الجديدة للثقافة، وانسجاما مع التحوّلات الاقتصادية الجذرية، تقتضي بروز مؤسسات تساهم في خلق الثروة لفرض مكانتها المستحقة في النسيج الصناعي والخدماتي.
بالموازاة مع ذلك، تضطلع الدّولة بمسؤولياتها في تعزيز المنظومة القانونية للكتاب وتحفيز المستثمرين في الصناعات الثقافية وتسهيل ظروف ممارسة النشاطات ومرافقة المبدعين ودعم المقروئية والترويج للكتاب الجزائري في المحافل الوطنية والدّولية والوصول إلى تصدير الكتاب الجزائري لمؤسسات النشر العمومية والخاصة الوطنية وتطوير قدراتها في إطار الشراكة الاقتصادية مع متعاملين أجانب.
وفي هذا السياق، نولي أهمية خاصة لدعم حضورنا الإفريقي من خلال برمجة مشاركة دور النشر الجزائرية في معارض الكتاب بمالي والسنغال وجنوب إفريقيا، وهو ما سيسمح بالتعريف بقدراتنا الوطنية في صناعة الكتاب والولوج إلى الأسواق الإفريقية.

– تعرف بعض المعالم التراثية، حتى المصنفة منها، “تدهورا” منها القصبة مثلا ومعالم أخرى عبر الوطن، ما إجراءات الوزارة لوقف هذا التدهور؟
صحيح أن بعض المواقع الأثرية والمعالم التاريخية توجد في حالة غير جيدة، وهو ما لمسته خلال زياراتي في الولايات واطلاعي على التقارير وعلى ما يتم نشره في وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي.
لست راضية عن أداء الجهات المكلفة بحفظ التراث الثقافي المادي وما آل إليه من إهمال غير مقبول، وهو ما سيترتب عنه بالضرورة قرارات مناسبة بعد إتمام عملية التقييم التي أشرف عليها شخصيا.
إن كانت ما يقارب نصف العمليات المسجلة في مدوّنة التجهيز القطاعية تتعلق بالتراث الثقافي، إلا أن معظمها قد مسّها قرار التجميد بسبب التأخير في انطلاق الدراسات أو الأشغال. يبقى أن عددا من المشاريع هي قيد الإنجاز لاسيما تلك المتعلقة بترميم المساجد العتيقة وإعداد المخططات الدائمة لحفظ القطاعات المحفوظة وترميم بعض المعالم المصنفة والتي تبقى ضعيفة مهما كان عددها مقارنة بما يتطلبه الموضوع من عناية واسعة وأشمل.
أما بخصوص قصبة الجزائر، أود الإشارة أنه تمّ تحويل المشروع إلى ولاية الجزائر في أواخر 2016 لضمان التنسيق بين مختلف القطاعات والجماعات المحلية المعينة ولتجاوز الإشكاليات المرتبطة بوضعية السكان وأصحاب الممتلكات وذلك بمرافقة ومتابعة تقنية للمصالح التابعة لوصاية وزارة الثقافة والفنون.
وتمّ فعلا الانطلاق في أشغال الترميم في عدد من الوحدات التراثية والتي بلغت نسبة الإنجاز فيها مستويات متفاوتة على غرار انتهاء أشغال ترميم مسجد الداي ودار البارود بدار السلطان، وانتهاء أشغال ترميم دار جميلة بوحيرد، والأشغال سارية بصفة مرضية فيما يتعلق بترميم قصر الداي وقصر البايات بدار السلطان وجامع البراني وضريح سيدي عبد الرحمن الثعالبي وقصر حسن باشا وغيرها، بالإضافة إلى التدخلات العديدة على النسيج العمراني للقصبة.
يمكن القول إن مشروع ترميم قصبة الجزائر قد انطلق فعليا وفق ما حدّده المخطط الدائم لحفظ واستصلاح هذا القطاع المحفوظ، وستمتد هذه العملية لسنوات وفق المقاييس التي حددتها منظمة اليونسكو بالنسبة للمعالم المصنفة ضمن التراث العالمي والتي تقتضى خبرات عالية ويدا عاملة محترفة من ذوي المهارات الحرفية، واستعمال مواد بناء تقليدية دون إغفال إجراء حفريات كلما تطلب الأمر ذلك.

– تعاني الجزائر من نقص في خبراء الترميم وخاصة اليد العاملة المحترفة هل ثـمة شراكة لتدارك هذا النقص؟
على خلاف الاعتقاد السائد، تتوفر الجزائر على مكاتب دراسات ومؤسسات ترميم عالية المستوى والتي أثبتت جدارتها واحترافيتها في أكثر من مشروع يتعلق بالتراث الثقافي.
ويبقى أننا بحاجة دائمة إلى رفع قدرات الموارد البشرية المؤهلة وتأهيلها من خلال دعم منظومة التكوين وإعادة التأهيل لضمان التكفل بحجم المشاريع المعنية بالترميم والتثمين. وبقدر ما أن المنظومة التعليمية الحالية تستجيب لهذا الغرض، بقدر ما أننا نسعى لاستقطاب مكوّنين وخبراء أجانب من مختلف الدّول على غرار جمهورية التشيك وإيطاليا والولايات المتحدة الأمريكية وتركيا…

اشتكى بعض مهنيي قطاع الترميم من وجود تجاوزات في اعتماد مكاتب الترميم والتكفل بتهيئة المعالم الأثرية، ما خطة الوزارة لمنع مثل هذه التجاوزات؟ وما معايير اعتماد المكاتب؟
في الحقيقة، لم ترد إلي مثل هذه الشكاوى، فإذا ما ثبُت ذلك فإن الأمر يقتضي بالضرورة اتخاذ الإجراءات المناسبة.
للعلم، فإن وزارة الثقافة والفنون ليست الجهة المخوّلة لمنح الاعتماد لمكاتب الدراسات وأن اختيارها لإنجاز دراسات لمشاريع تتعلق بالتراث الثقافي يتم وفق الإجراءات المنصوص عليها في قانون الصفقات العمومية.
المعلوم أيضا، أنه عملا بالأحكام القانونية يُشترط من مكاتب الدراسات التي تنجز أعمالا تتعلق بالتراث الثقافي، أن تتوفّر على مهندس معماري مختص في التراث الثقافي حائز على شهادات عليا فيما بعد التدرج في نفس الاختصاص ويكون معتمدا بهذه الصفة من قِبل وزارة الثقافة والفنون باقتراح من لجنة مختصة.
وتم مؤخرا مضاعفة عدد المهندسين المعماريين المختصين في التراث الثقافي المعتمدين بعدما كان عددهم لا يتجاوز 80 مهندسا طوال السنوات الماضية.

– تعيش أغلب المؤسسات التابعة للقطاع خاصة التي لها طابع اقتصادي كديوان رياض الفتح، ديوان حقوق التأليف، ديوان الثقافة والإعلام، المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، حالة شغور في المناصب وصعوبات إدارية وتسييرية، هل لدى الوزارة مخطط ما لإعادة التوازن لهذه المؤسسات؟
صحيح أن عديد المناصب السامية كانت شاغرة سواء في المؤسسات تحت الوصاية أو المديريات الولائية للثقافة والفنون وحتّى في الإدارة المركزية، وهي مناصب شغلها مكلفون بالتسيير آمرون بالصّرف.
ولقد نجم عن هذه الوضعية عديد المشاكل التي أثرت على تسيير القطاع وتحقيق الأهداف المسطّرة.
بعد اطلاعنا على هذا الوضعية بالتفصيل، قمنا بالإجراءات القانونية المعمول بها لتعيين المديرين العامين والمديرين، كما فتحنا باب الترشح لحاملي الشهادات لشغل المناصب في بعض المؤسسات القطاعية.
وفي هذا السياق، تم تنصيب عديد المديرين بعد صدور مراسيم وقرارات تعيينهم سواء في الإدارة المركزية أم في مديريات الثقافة للولايات (32 مديرية ولائية) وفي بعض المؤسسات على غرار الديوان الوطني للثقافة والإعلام والمؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، كما تم ترشيح عدد من الأشخاص لتولي المسؤولية في المناصب المتبقية وإجراء تحويلات أحيانا ودراسة السير الذاتية لمختلف المترشحين وإجراء التغييرات الضرورية بعد تقييم أداء مختلف المسؤولين.

مقالات ذات صلة