العالم

حياة الحريري لـ”الشروق أونلاين”: اللبنانيون نجحوا في تحدي ظروف الحرب بالرغم من الخسائر التي خلّفتها

حاورها: ماجيد صرّاح
  • 649
  • 0
موقع معهد الجزيرة للإعلام
حياة الحريري.

حياة الحريري أكاديمية وإعلامية لبنانية باحثة في السياسة والإعلام، تتحدث إلى “الشروق أونلاين” في هذه المقابلة عن الوضع في لبنان في ظل العدوان الإسرائيلي على الجنوب اللبناني خصوصا وأن البلاد تعرف أزمة اقتصادية حادّة منذ 2019.

عن إمكانية توسع الحرب أكثر، تعتقد الأكاديمية أنه وعكس الحروب السابقة حيث كان الإحتلال يجتاح لبنان دون أي سبب، فاليوم ومع تصعيد المقاومة البنانية لعملياتها العسكرية، تكون قد أرسلت بذلك “رسائل ردع إضافية ضد تهديدات العدوّ.”

الشروق أونلاين: كيف يعيش اللبنانيون حاليا في ظل الاعتداءات على جنوب لبنان والتوتر المتزايد بسبب التهديدات بتوسع الحرب؟

حياة الحريري: ما من شكّ بأن الحرب الحالية أثّرت على حياة اللبنانيين بشكل عام وعلى أهالي منطقة الجنوب بشكل خاص. فبسبب توسّع دائرة الحرب ضمن منطقة الجنوب واشتداد الاعتداءات الإسرائيلية على القرى لا سيما تلك الحدودية، اضطر عدد كبير من أهالي هذه المناطق للنزوح إلى مناطق أخرى في الجنوب أو في مناطق أخرى مثل العاصمة بيروت. أيضا، أثرت الحرب على قطاع التعليم بشكل خاص في المناطق الحدودية التي نزح أهلها والتي تتعرض لاعتداءات مستمرة ما أدى إلى توقف المدارس والمؤسسات التعليمية الأخرى.

على المستوى اللبناني العام، يمكن القول بأن التأثير الأكبر للحرب وخاصة في الأشهر الأولى كان على المستوى الإقتصادي لا سيما بأن لبنان أساسا يعيش أزمة اقتصادية حادة منذ الانهيار في العام 2019.

لكن مع دخولنا الشهر الثامن وعلى الرغم من الخسائر الاقتصادية لهذه الحرب، يمكن القول بأن اللبنانيين نجحوا في التأقلم مع الحرب القائمة والتي حتى الساعة ما تزال محدودة ولم تتحوّل إلى حرب شاملة وهو ما ساعد كثيرا في التأقلم وفي تحدّي ظروف هذه الحرب وإعادة استئناف معظم النشاطات والمشاريع الاقتصادية وغيرها. فعلى سبيل المثال، استأنف اللبنانيون حياتهم الطبيعية ونشاطاتهم في مختلف المناطق اللبنانية وبعضها لم يتوقف، مثل إقامة المهرجانات المناطقية وأيضا إعادة إحياء وتنشيط الحركة الثقافية والمسرحية في لبنان والتي تلاقي نجاحا ملحوظا. أيضا يتحضّر لبنان لعدد من المهرجانات في الأشهر القادمة حيث اكتملت الحجوزات في عدد من الحفلات، وهو إن دلّ على شيء فهو يدلّ على قدرة اللبنانيين على التأقلم مع الأزمات والحروب وإصرارهم على تحدّي التهديدات المستمرة، ومحبة العرب للبنان وبعضهم لم ينقطع عن الزيارة طالما الحرب ما تزال محدودة. في هذا الإطار، يجب إعادة التذكير بأن لبنان وعند اندلاع الحرب كان يمرّ وما يزال بأزمات سياسية ومالية واقتصادية واجتماعية وصحية حادة، وهي الأقسى في تاريخه، ورغم ذلك استطاع اللبنانيون التأقلم وتحدّي كل هذه الصعوبات.

من مؤلفات الأكاديمية حياة الحريري. ح. م

أما عن التهديدات المستمرّة في توسيع الحرب، أعتقد بأن تصعيد العمليات العسكرية للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي أعطى نوعا من الاطمئنان بأنها رسائل ردع إضافية ضد تهديدات العدوّ. في الحروب السابقة، كان العدوّ الإسرائيلي يجتاح لبنان دون أي سبب أو بالحدّ الأدنى عند قيام المقاومة بأي عملية بسيطة. اليوم المعادلة تغيّرت. فشمال فلسطين المحتلة بالكامل تحوّل إلى منطقة خالية، كل المستوطنين هربوا والقلّة القليلة التي بقيت لا تخرج من الملاجئ. في المقابل، لم يترك أهل الجنوب منازلهم في معظم المناطق والقرى الجنوبية التي تشهد الحرب وهم يعيشون حياتهم بشكل طبيعي رغم القصف، باستثناء تلك الحدودية طبعا. وحتى في المنطقة الحدودية التي تدمّر بيوتها واضطر أهلها للنزوح، تراهم يتحَدَّون الاحتلال في الأعياد وعند تشييع أي شهيد فيذهبون لتفقّد منازلهم وأرضهم، وهي رسالة واضحة في الفرق بين المحتلّ والمستوطن وصاحب الأرض.

ما هي التداعيات المتوقعة على اللاّجئين الفلسطينيين في لبنان في حال توقف عمل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاّجئين الفلسطينيين “الأونروا”؟

هذا الأمر خطير جدا وحساس على أكثر من صعيد. أولا، وجود الوكالة والدور الذي تقوم به يرتبط بقضية حقّ العودة عند الفلسطينين وهي الأساس وتشكل صلب القضية الفلسطينية. فالوكالة تأسّست بعد 1948 كوسيلة لتأمين مقوّمات الصمود لدى اللاجئين لحين عودتهم إلى أراضيهم، إذا فهي حق وليست منّة وهي ترتبط مباشرة بموضوع حق العودة. من هنا، فإن توقّفها يعني مؤامرة جديدة من الدول نفسها التي تآمرت سابقا على فلسطين وساعدت في تهجير أهلها بالقوة.

ثانيا، وفي ما يخص لبنان، بالطبع هذا الموضوع سيكون له تداعياته الخطيرة على المستوى السياسي والأمني والاقتصادي. في الدرجة الأولى وقف الأونروا يعني تطبيق مشروع توطين الفلسطينيين في لبنان، وهو ما يرفضه اللبنانيون والفلسطينيون أنفسهم. اللبنانيون ورغم انقساماتهم السياسية فهم يجمعون على حقّ العودة للفلسطيني، إيمانا أولا بقضية فلسطين وأيضا بسبب المشاكل المترتبة على هذا الأمر لناحية التغيير الديموغرافي الذي سيحدثه هذا الأمر وزيادة الأعباء الاقتصادية. وهنا لا يجب إغفال الأعباء الاقتصادية والأمنية التي لم يعد لبنان قادرا على تحمّلها في موضوع النزوح السوري.

كيف يؤثر استهداف الصحفيين من قبل الاحتلال الإسرائيلي على تغطية الأحداث في جنوب لبنان وعلى الصحافة اللبنانية بشكل عام؟

بالطبع أثّر استهداف الصحفيين من قبل الاحتلال الإسرائيلي بشكل واضح. أولا، أدى هذا الاستهداف إلى انسحاب معظم الوسائل الأجنبية وتوقفها عن تغطية الحرب عبر التغطيات الميدانية وبالتالي عدم إعطاء الاهتمام لما يجري في الجنوب.

ثانيا، في ما يخص الطواقم الصحافية اللبنانية والعربية، فإن الاستهداف المتكرر للصحفيين حدّ من حرية التنقل والحركة وبالتالي من قدرة الصحفيين على تأدية عملهم بالشكل المطلوب والقيام بالتغطية اللازمة والمطلوبة للحرب.

ما هي توقعاتكم بشأن نتائج الشكوى المقدمة للجنائية الدولية بشأن اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة؟ هل يمكن توقع تحقيق العدالة أم أن إفلات الاحتلال من العقاب سيستمر؟

لطالما عبّر الاحتلال الإسرائيلي بوضوح عن عدم اعترافه بالقانون الدولي لا بل عن احتقاره لهذا القانون. الإحتلال الإسرائيلي لم يحاسب مرة واحدة على كل جرائمه، وهو ما يزال يتمتّع بالحماية الدولية لا سيما من الولايات المتحدة الأميركية. بالطبع تقديم الشكوى بشأن اغتيال الصحفية الفلسطينية شيرين أبو عاقلة خطوة مهمة بحد ذاتها ومطلوبة، لكن تحقيق العدالة ومحاسبة الاحتلال لن يحدث قريبا، يحتاج إلى سنوات كثيرة من العمل والضغط.

الأهم الاستمرار وتوثيق جرائم الاحتلال وعدم اليأس، وفي نهاية المطاف رغم كل إجرامه إلا أنه سيسقط وسيحاسب. وهنا أقتبس ما كتبته شيرين يوما: “بدها طول نفس، خلي المعنويات عالية” والمعركة مع الاحتلال لمحاسبته طويلة جدا.

مقالات ذات صلة