الرأي

“حوّاس” في باريس!

قادة بن عمار
  • 9821
  • 2

بسرعة غير متوقعة، انتقل الحديث بشأن فصل المال عن السياسة من “مشروع حكومي قائم على الحساب والعقاب” إلى مجرّد “لوم وعتاب بين الأحباب”، ثم انتهى بعطلة سياحية وأين؟.. في باريس!

لا يمكن فصل اللقاء “غير الرسمي” الذي تم بين الوزير الأول عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي عن الأحداث الأخيرة التي عرفتها البلاد، فقد عوّدتنا السلطة على “دور متعاظم” لباريس في صناعة القرارات وطبخها، وأنّ لها من المصالح والحسابات ما يكفي لدفعها نحو التدخل في كل صغيرة وكبيرة من أجل حماية مشاريعها!

ما قد يصعب تفسيره، هو تصرُّف الوزير الأول تبون، فكيف لرجل انتقل من صاحب مشروع حقيقي للتغيير وقطيعة مع العهد السابق، بل ورافض لفكرة الخروج في عطلة، إلى مجرد “حوّاس” في باريس، وهنالك يلبّي دعوة مسؤول فرنسي “رفيع المستوى”؟!

لا أحد يعلم الغرض من نشر خبر اللقاء عبر وكالة الأنباء الرسمية؟ وهل كان يراد بالنشر الإساءة إلى تبون، أم لمنع تسريب الخبر والوقوع في “حيص بيص”؟ ثم من يريد رأس الوزير الأول حاليا؟ وكيف انتقلنا بسرعة دراماتيكية من الحديث عن استعادة ثقة الشعب بالحكومة مجددا إلى درجة إنشاء صفحة على الفايسبوك تحت عنوان “كلنا تبون” إلى الكلام عن تشويه سمعة البلاد والعباد وتكريس التبعية للخارج وتحديدا لباريس؟

تبون لم يقم بأمر جديد حين اختار فرنسا محطة سياحية له، ولم يأت ببدعة حين التقى مسؤولا فرنسيا، فاللوبي الباريسي يسيطر على الكثير من مفاصل الإدارة والاقتصاد والثقافة في البلاد، لكن الظرف والتوقيت يدفعان إلى طرح الكثير من الأسئلة، بعضها مشروع والآخر فيه الكثير من سوء الظن؟!

ليس من مصلحة أحد في السلطة، التراجع عن معركة فصل المال عن السياسة، لكن يجب التوضيح أكثر أن المال المقصود هو “المال الفاسد”، ورجال الأعمال المستهدفون هم أولئك الذين حصلوا على صفقات بالتراضي ومن دون الرجوع إلى القانون، أو تجاوزوا أدوارهم للقيام بدور سياسي، هؤلاء يجب فضحهم إعلاميا ومحاسبتهم قضائيا، وإذا كان تبون قد أخطأ العنوان فيجب توضيح الأمر للجزائريين، أما إن أخطأ التوقيت فيجب عدم تقديم الأمر وكأنه تراجع عن المبدأ أو حتى حماية لبعض النافذين من “الباريسيين” و”غير الباريسيين”!

مقالات ذات صلة