الرأي

حكومة “ما تحشمش”!

قادة بن عمار
  • 5435
  • 17

هذه الحكومة مصابة بالزهايمر السياسي لذلك فإنها في كل مرة تنسى أو تتناسى بأن واحدا من الوزراء فيها كانوا يقفون دوما أمام الكاميرات للترحم على ضحايا الاهمال الرسمي، معلنين تشكيل لجان تحقيق بغية تحديد المسؤوليات، لكن بعد كل هذه السنوات، ومع تعاقب مزيد من الحكومات، ما يزال المواطنون يموتون، ولجان التحقيق تتشكل، والسلطة قابعة خلف الكراسي الثابتة و…. المتحركة!

نقول هذا الكلام بعد التصريحات التي أطلقها وزير الشباب والرياضة محمد تهمي، عقب وقوفه على مكان الجريمة الرسمية، والتي راح ضحيتها، شابان من المناصرين الرياضيين بملعب 5 جويلية، حيث تنحنح، ونفخ صدره، وزاد من حدة نظراته ليقول للرأي العام:”رانا واقفين”.. صحيح أن الشباب الأبرياء يسقطون من فوق المدرجات، لكن نحن مازلنا واقفين؟!

لا أعرف هل شاهد معاليه والدة الشاب سفيان أو جلس بمحاذاة والد سيف الدين، وهما يبكيان أمام الكاميرا، ويرددان بكل قهر وشعور مرير بالعجز والظلم، أنهما لا يصدقان الحكومة ولا تهديدات الوزير بمحاسبة المسؤولين؟ كيف يصدقانه وهما يعتبران معاليه متورطا في الجريمة، ولو معنويا على الأقل؟ لماذا لم يخرج السيد تهمي ليقول للناس أمام الكاميرا: لقد طالبت بتعيين لجنة تحقيق، وسأكون أول الماثلين أمامها، على اعتبار أنني وزير القطاع ومسؤول عن الملعب الذي شهد الواقعة، كما أنني أضع نفسي تحت تصرف الجهات القضائية ابتداء من هذه اللحظة؟!

طبعا لن يحدث هذا إلا في خيال وعقول الزوالية من أمثال سفيان وسيف الدين رحمهما الله..على اعتبار أنه لا يوجد مسؤول سياسي واحد في هذه الحكومة فكر أو سيفكر بالاستقالة أو قبول المحاسبة، فزوال الدنيا عنده أهون من ترك الكرسي أو التخلي عن النفوذ، وما دخول عدد من الوزراء في حداد بعد إقالتهم مؤخرا، إلا دليل على ما يعرفه الشعب برمته ويدركه الناس من تمادي فتنة الكرسي وعظمة عشق المناصب؟!

لكن فليسمح لنا وزير الشباب والرياضة أن نسأل معاليه مرة أخرى: ماذا لو كان سيف الدين ابنك أو سفيان ابن شقيقك؟ هل كنت ستصدق مدير المركب الرياضي محمد بوضياف، وتدعه ينام مطمئنا وسط عائلته بعد تلك الفاجعة؟

يحتاج الناس في الشارع، ووسط كل تلك المخاوف المتجددة، إلى دكتاتورية القانون، وليس إلى قانون الدكتاتورية، كما أن دولة لا تضع مسؤوليها في السجن أو تحت طائلة المحاسبة الحقيقية بعد وقوع مثل هذه الكوارث المتكررة، هي دولة لا تستحق احترام مواطنيها، ولا حتى الامتثال لقوانينها المنافقة، ما يفسر قيام عدد كبير من المنتمين لها “بتجاوز تلك القوانين”، معتبرين الأمر إنجازا ومعتقدين أن الفرار من المحاسبة مصدر فخر وإعجاب، يورّث جيلا بعد جيل.

 

الحكومة التي لا تستحي من قتل سفيان وسيف الدين، ولا تخجل من الاستمرار في نشاطها وكأن الأمر لا يعنيها، هي حكومة “لقيطة شعبيا” ولا تتوفر لا على حمرة خجل، ولا على “خُضرة معيشة”، كما أنها لا تكف عن المناورة والكذب، عشية كل انتخابات، فتوزع السكنات عبر الأنترنت بيد وتقدّم الموت لأنصار الملاعب والمباريات باليد الأخرى…ولا حول ولا قوة إلا بالله!

مقالات ذات صلة