الرأي

حكومة “النازا”!

قادة بن عمار
  • 3273
  • 9

يتباهى وزير السكن عبد المجيد تبون أن المتاعب التي يواجهها المكتتبون الجدد في سكنات عدل تعد قطرة في بحر أمام الفوضى التي قد تنجر في حال اعتماد الطريقة التقليدية أي الوقوف في طوابير ومحاصرة الشبابيك والزحمة داخل الإدارات، بكل ما يعنيه ذلك من عرق، وروائح كريهة، وألفاظ نابية وقلّة قيمة، أمر برعت في صناعته العديد من الجهات الرسمية على امتداد السنوات السابقة!

بهذا الشكل، تكون الحكومة قد حققت الإنجاز الأكبر، فبدلا، من وقوف المواطنين لساعات، وأحيانا بالأيام في طوابير طويلة لا تنته، فإن الجديد هذه المرة يتمثل في نقل تلك الطوابير إلى محلات الأنترنت في سياق”رقمنة الطوابير” أو هكذا تتصور السلطة شكل ما تسميه… الحكومة الالكترونية !!

الواقع أنه في كل مرة نسمع أو نقرأ فيها مثل هذه الكلمات الكبيرة…حكومة الكترونية…حكم راشد…تجذير الممارسة الديمقراطية…إلا ونحس بعدها بحكّة شديدة في مناطق عدة، تتبعها شعور بالعدائية لكل شيء، سواء كان جامدا أو متحركا، حتى لا نكاد نحس بعدها بالمواطنة ولا “سيدي زكري”، بل وكأننا مصابون بملاريا سلطوية، جاءتنا من واڤادوڤو”محلية” ولا علاقة لها بالعقاقير البوركينابية!!

الوزير تبون ومن خلال كلامه السابق لم يلاحظ شيئا مهما، أو لاحظه وفضل كعادته رفقة زملائه في الحكومات المتعاقبة “ضرب النح”، ويتعلق بأن الجزائريين لا يهمهم “الفوضى” ولا كثرة الإجراءات “اعتادوا على التمرميد” وتعايشوا معه، بقدر ما تهمهم النتيجة، وهنا جاء تصريحه الأخير، حول عدم تكرار مأساة عدل1، أكبر مؤشر على إمكانية حدوث ذلك فعلا، فقد تعوّدنا على توّقع البلاء في كل مرة يبعث فيها أي مسؤول حكومي برسالة طمأنة لهذا الشعب المسكين!

الحكومة التي يتفاخر وزير السكن فيها بموقعه الالكتروني، قائلا إنه حقق نتيجة كبيرة في تقليص متاعب المواطنين، مقدّما الأمر لوسائل الإعلام باعتباره إنجازا كبيرا، هي ذاتها الحكومة التي يجرؤ الوزير الأول فيها أيضا وبدلا من الرد على مطالب المواطنين في المناطق الداخلية، من ماء وسكن وطرقات، على القول إن البلاد سترفع علمها في النازا، فمن يُصدق، أن حكومة سلال”نتاع السدود والفقاقير” يمكنها أن تصل لمحطة الفضاء الأمريكية، أو بالأحرى: هل يكفي رفع العلم الوطني هناك للقول إن البلاد والعباد في وضع جيد، معيشيا واقتصاديا، حتى لا نقول علميا أو معرفيا؟!!

 

وربما لهذا السبب ذاته، تمادت وزارة التعليم العالي والبحث في”خيالها العلمي” حين قررت إبرام اتفاقية مع شركة عالمية بهدف جعل الكتاب الجامعي المحمول الكترونيا في متناول الطلبة…فيما يزال مئات الآلاف من هؤلاء يتخبطون في مطاعم وسخة، وإقامات مزرية، وحافلات “ميزيرية“!!

مقالات ذات صلة