الرأي

حكومة “الجهر بالمعصية”!

قادة بن عمار
  • 4973
  • 9

وزير الشؤون الدينية والأوقاف محمد عيسى مرتاح لسير عملية إنجاز جامع الجزائر، رغم أن المشروع وباعتراف الوزير ذاته سيتأخر موعد تسليمه الرسمي سنة أو أكثر؟!

المشروع وبعد ثلاث سنوات تقريبا من بدء أشغاله، لم يحقق سوى 30 بالمائة من نسبة إنجازه المقررة، ورغم ذلك.. فالوزير مرتاح، بل لم يجد عيسى أدنى حرج ليطلق وعدا جديدا بأن يصلي الجزائريون في الجامع الأعظم شهر نوفمبر 2016، أي بعد سنة كاملة عما كان مقررا له في عهد سلفه “خالد الذكر” بوعبد الله غلام الله ؟ !

بيني وبينكم..لم أجد رابطا مقنعا بين تأخر المشروع وارتياح الوزير بهذا الشكل المفرط؟ فقلت ربما حرّف البعض تصريحه؟..لكن الوزير قال ذلك بعظمة لسانه أمام الكاميرات ونقلت كلامه جميع الصحف بما في ذلك الوكالة الرسمية، وبالتالي..فليس من الوارد أن يتفق الجميع على”راس معاليه”!..

إذن فالأمر.. نكتة؟ لكن الوزير محمد عيسى مسؤول جاد ورجل أكاديمي لا علاقة له بالتهريج السياسي!..

إذن، لم يتبق لنا غير تفسير واحد، إنه والعياذ بالله..”جهر بالمعصية”؟!

وبعيدا عن التفسيرات الذاتية، هنالك تحايل واضح في هذا المشروع، ولإثبات الأمر، يكفي إنعاش ذاكرتكم ببعض التواريخ والتصريحات المهمة:

وضع الرئيس بوتفليقة حجر الأساس لإطلاق المشروع الذي كان يسمى الجامع الأعظم يوم 31 أكتوبر 2011..وفي يوم 20 ماي 2012، دشن الوزير السابق بوعبد الله غلام الله أشغال الانجاز رسميا..

الوزير غلام الله ذاته لم يتوقف في كل تصريحاته وزياراته الميدانية عن تبرير التأخر بغياب ونقص مواد البناء، حيث لم يذكر بتاتا ولم يشر، لا من قريب ولا من بعيد، إلى فضيحة مكتب الدراسات التي تحدّث عنها محمد عيسى قبل يومين!

أكثر من ذلك..الوزير غلام الله الذي يعتبره محمد عيسى”والده الروحي”(استعمل هذا الوصف عند تسليم المهام بينهما) زار ورشة إنجاز الجامع في شهر مارس الماضي فقط، مقدّما للصحفيين الرقم ذاته الذي أعلنه عيسى قبل يومين..أي تقدم المشروع بـ25 إلى 30 بالمائة فقط واعدا الجزائريين بإتمامه في سبتمبر 2015؟!

بمعنى آخر..منذ مارس المنصرم، لم يتقدم المشروع”قيد أنملة” لكن تصورات الوزارة الوصية”انتقلت” من الوعد بإتمامه في سبتمبر 2015 إلى تأجيل ذلك بسنة أو أكثر..إلى أواخر 2016؟!

وطبعا..يجلس الوزير السابق غلام الله في بيته الآن أو ربما في مقر زاويته القرآنية، مرتاحا، هادئ البال..رفقة حرسه الخاص..متمتعا بمختلف الامتيازات التي لم تنزعها الدولة عنه، دون أن يُحاسب على مراوغته لنا كل هذه الشهور، ولا على تصريحاته”المزيّفة”..بينها تصريح أطلقه في 8 سبتمبر 2013، حين قال بحضور السفير الصيني إن”الجامع الأعظم يسير وفقا لمواعيده المحددة، ولا مشاكل فيه ما عدا بعض العوائق البسيطة”؟!

غلام الله مرتاح في بيته..ومحمد عيسى مرتاح لسير المشروع “المتعثر”، ولا أحد سيُحاسب على تهمة الكذب الصريح والجهر بالمعصية عن مشروعٍ ليس هيّنا بالمطلق، فتكلفته 1.9 مليار أورو (أغلى من برج خليفة في دبي الذي كلف 800 مليون دولار)..

لا أحد حوسب سابقا ولا أحد سيحاسب مستقبلا، بل حتى الشركة الصينية التي”تأخرت” في إنجاز الجامع، تمت”مكافأتها” بمشروع ضخم آخر يتمثل في إنجاز المحطة الجوية الجديدة لمطار هواري بومدين الدولي بتكلفة تقدر بـ700 مليون أورو..؟!

وفي ظلّ غياب ثقافة الحساب والعقاب، يكثر الوزراء المرتاحون، وتُطلق الحكومة”المؤمنة”يديها و”رجليها” للمماطلة والتسيّب في مشاريع أخرى..ويتحوّل فعل”الجهر بالمعصية” إلى عقيدة رسمية قوامها “من يحاسب من؟” و”عفا الله عما سلف”..ولا حول ولا قوة إلا بالله؟!

مقالات ذات صلة